على عهدة المقاولين:
المناقصات تقلصت بنسبة ٨٠%.. ونقبلها بسعر الكلفة
 تاريخ النشر : الاثنين ٢ يناير ٢٠١٢
تحقيق: زينب حافظ
ترك عام ٢٠١١ اثارا سيئة في قطاعات المجتمع كافة، وشركات المقاولات احد القطاعات التي تضررت بشكل كبير، نظرا لان عدد المناقصات التي تم طرحها خلال العام تقلصت بنسبة ٨٠% تقريبا مقارنة بمشاريع عام ٢٠١٠، مما أدى بأصحاب الشركات إلى تسريح بعض العمالة الزائدة، وأخرى جمدت نشاطها، ويوجد من فضل البقاء وقبول العمل بسعر الكلفة حفاظا على عمالته املا في ان تتحسن الاحوال، وأصبحت شركات المقاولات على المحك، رغم أن قرار سمو رئيس الوزراء باعفائهم من الرسوم قد خفف الكثير من أعبائهم.
«أخبار الخليج» التقت مجموعة من المقاولين الذين يمثلون بعض الشركات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، لمعرفة مشاكلهم والمقترحات التي يرون انها تصب في صالحهم، ومطالبهم من الحكومة كي تتحسن أوضاعهم.
رئيس جمعية المقاولين أكد ان هناك عددا كبيرا من المقاولين انسحبوا من السوق، ويوجد من تهرب من مسئولياته، أو جمد أعماله، هذا بخلاف من لا توجد لديه أعمال من الأساس وتبلغ نسبتهم ٣٠%، وهناك ٣٧% محتملو الوضع الحالي على أمل ان تتصلح الأوضاع في ٢٠١٢، والنسبة الباقية تعمل بربح بسيط أو بالكاد تغطي مصاريفها وذلك خلال السطور التالية:
المدير الإداري لشركة صالح عبدالله كمشكي وأولاده السيد صلاح الدين صالح كمشكي يقول: عام ٢٠١١ لم يكن عاما جيدا بالنسبة لقطاع المقاولات والإنشاءات، فعلى مدار العام لم نحصل على أي مشروع جديد، ونسبة المناقصات التي كانت تصل إلينا من المكاتب الاستشارية للدخول فيها قد انخفضت إلى نحو ٨٠% مقارنة بعام ٢٠١٠، كما ان أحجام المشاريع التي كانت تطرح بالأسواق، صغيرة نسبيا وأكثرها مشاريع بناء وحدات سكنية، وإلى الآن مازلنا نعمل في مشاريع حصلنا عليها في عام ٢٠١٠، بعضها تم الانتهاء منه والبعض الاخر مازالت الأعمال مستمرة فيه، ومن الطبيعي وتحت الظروف والأوضاع الراهنة قمنا باستبعاد بعض العمالة وفي حال استمرار الوضع على ما هو عليه سنضطر إلى استبعاد عدد اخر منهم.
وعن مطالبهم من الحكومة يقول: نطالب الحكومة بطرح مناقصات حكومية بأسرع وقت ممكن، والنظر في خفض الرسوم الحكومية الأخرى التي يتم تحصيلها من المقاولين حيث ان الرسوم التي تمت وقفها بموجب قرار سمو رئيس الوزراء تمت الاستفادة منها بشكل جيد، بالإضافة إلى ضرورة التحكم في أسعار السوق خاصة بالنسبة لمواد البناء والمواد الخام لتشجيع الاستثمار في مجال البناء، وكلي أمل أن يكون العام الحالي ٢٠١٢ أفضل من سابقه.
ركود تام
فيما يؤكد مدير عام شركة تامكون للمقاولات زهير عبدالعزيز احمد ان المشكلة الرئيسية التي تقابل شركات المقاولات بشكل عام هي حالة الركود التي يمر بها هذا القطاع، سواء بسبب الأحداث التي مرت بها مملكة البحرين أو بسبب الوضع الاقتصادي العالمي، وهذه الأسباب أدت إلى ان الاستثمارات العقارية الكبيرة التابعة للقطاع الخاص معظمها تجمد أو أصابه شلل تام، وهذا الوضع أوجد نوعا من التنافس بين المقاولين، فأصبحت المشاريع الصغيرة تجد منافسة من كبار المقاولين، مما أدى إلى انخفاض الأسعار بشكل كبير، والمشاريع الحكومية التابعة لوزارتي الأشغال والإسكان معظمها جمد أو تم تأجيله إلى العام الحالي، مما ترك اثاره السلبية في السوق، وأدى إلى تسريح مختلف شرائح العمالة سواء بالنسبة للإداريين، أو المهندسين، أو مساعدي المهندسين وأيضا بين صفوف العمال، وبعض الشركات احتفظت بالعمالة على أمل ان تستقيم الأحوال في عام ٢٠١٢، لان جلب عمالة جديدة سوف يكلفهم مبالغ كبيرة، وهناك توجه من بعض المستثمرين لدخول المناقصات الخاصة ببناء «فلل» لذوي الدخل المحدود على ان يقوم ببنائها مقاولون وتقوم الشركات الاستثمارية بتسويقها.
وعن طريقة التنافس في الحصول على المناقصات يقول زهير: يجب ألا يكون التنافس بتقديم السعر الأقل فقط، لان البعض يقدم أسعارا متدنية على حساب الجودة في الخامات، وفي الماضي كان المعيار هو السعر المناسب مع مواصفات جودة عالية، وباقي المعايير مفتوحة، لان هناك كما هائلا من المقاولين والسوق صغيرة والمناقصات المطروحة اقل من ان تستوعب كل العاملين في مجال المقاولات، كما ان العمالة السائبة أثرت في السوق، فهناك مقاول لا يستخدم العمالة السائبة فتكون كلفة العمل عالية، واخر يستعمل العمالة السائبة فيكون على صعيد المنافسة أفضل من غيره، وعندما كانت السوق كبيرة الكل كان يأخذ بأسعار خيالية وكلفة البناء عالية وحاليا أصبحت الأسعار متدنية جدا.
ويكمل قائلا: شركاتنا تأثرت بعدة أشياء كرسوم العمالة التي تحصلها هيئة سوق العمل، ورسوم وزارة الصحة، والتعليم المهني لوزارة العمل وغيرها، وهذه الرسوم مجتمعة تشكل تكلفة مرتفعة على المقاول، خاصة بالنسبة للوضع الحالي وعدم وجود عمل هذا بخلاف احتياجنا إلى وفرة في المشاريع فالبحرين كبنية تحتية تحتاج إلى عمل كبير وهناك مشاريع تتم الاستعانة فيها بشركات خارجية ونطالب بتوجيهها إلى السوق المحلية والمقاولين البحرينيين.
وعن توقعاته في عام ٢٠١٢ يقول زهير: نتوقع طرح مشاريع حكومية كبيرة من قبل وزارتي الأشغال والإسكان، وخاصة ان وزارة الإسكان تتحدث عن بناء ١٢ ألف وحدة سكنية خلال عام .٢٠١٢
السعر والجودة
ويرى رئيس المهندسين بشركة الظهراني للمقاولات اشرف احمد صالح ان سوق المقاولات تأثرت بشكل كبير العام الماضي للعديد من الأسباب ومن أولها وأهمها عدم وجود مشاريع حكومية لأنها تعطي دعما للسوق وتجعل القطاع الخاص يعمل وقلتها أو محدوديتها تؤثر في تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في هذا القطاع، وبالتالي ندرة المشاريع، بالإضافة إلى منافسة الشركات الصغيرة للشركات الكبيرة على الأسعار على حساب جودة العمل، لأنها تستخدم بعض مواد البناء والتشطيبات ذات جودة اقل، بالإضافة إلى ان بعض الشركات تعتمد على العمالة السائبة وبالتالي تحصل على المشاريع بأقل من سعر التكلفة ولذلك الكثير من الشركات الكبيرة والمتوسطة تتوقف عن العمل، وفي الماضي كانت الحكومة تجري مقارنة بين أعلى سعرين واقل سعرين وترسي العطاء على المناقصة ذات السعر المتوسط، ولذلك كانت فرصة المقاولين جميعا جيدة في الحصول على العمل، ولكن حاليا أصبح من يقدم اقل سعر هو الذي يحصل على المناقصة حتى ان كانت على حساب جودة العمل أو أكبر من قدرته الفعلية على تنفيذها، كما يجب ان يكون دور وزارة العمل في مكافحة العمالة السائبة اقوى مما هو عليه، ومن المشاكل أيضا ان كل شخص أصبح يستطيع الحصول على سجل تجاري للعمل في مجال المقاولات حتى ان كان لا يعرف أي شيء عن هذه المهنة، كما لا توجد رقابة على العاملين من الباطن في مجال المواد التي تدخل في البناء مثل الحديد والألمنيوم، فالبعض يفتتح محلا صغيرا ويعتبره مصنعا ويحصل على شغل أكثر من طاقته وقدرته ويكون ذلك على حساب جودة المنتج.
ومن المشاكل التي بدأت تظهر في الأفق هي عدم توافر العمالة الآسيوية في الوقت الحالي لأنهم أصبحوا يرفضون الحضور إلى الخليج، وقد ذهبنا إلى الهند ونيبال أكثر من ١٠ مرات في محاولات لاستقطاب عمالة ولكن باءت محاولاتنا بالفشل، لأنهم أصبحوا يفضلون العمل في ماليزيا وكوريا وسنغافورة واليابان، وهذه المشكلة سوف تطفو على السطح قريبا، ولابد ان يكون هناك نظرة وطريقة أفضل للتعامل مع العمالة الآسيوية من ناحية الرواتب والسكن الامتيازات التي يحصلون عليها كي تكون هناك قوة جذب لاستقطابهم مرة أخرى.
مشاريع مجمدة
ويشير المدير العام لشركة الهداية للمقاولات السيد يوسف سيد هاشم علوي إلى ان معظم أعمال القطاع الخاص مجمدة بسبب الأوضاع الاقتصادية والأمنية، حيث أصبحت المشاريع الجديدة نادرة جدا وأصبح المعروض اقل من المطلوب، مما أدى إلى انخفاض الأسعار لان المقاول يريد الحصول على مشروع كي لا يلجأ إلى تجميد العمل بشركته، وبالتالي أصبح هامش الربح منخفضا جدا، ومعظم المقاولين يعملون بسعر التكلفة حتى يستطيعوا الحفاظ على عمالتهم على أمل ان يتحسن الوضع لان تسرح العمالة سوف يكلفهم اكثر في حال فكروا في استقدام عمالة جديدة، مما اثر سلبا في المقاولين وأصبح العديد منهم بلا عمل ومن لديه مشاريع سابقة مازال يستكملها.
أما صاحب مؤسسة وحيد للمقاولات وعضو جمعية المقاولين البحرينية وحيد علي فقط لجأ إلى تغيير نشاطه نظرا لحالة الكساد الكبيرة التي طالت قطاع المقاولات وفي هذا السياق يقول: عانينا على مدار عام ٢٠١١ الكساد في قطاع المقاولات، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الحديد والاسمنت، هذا بخلاف المشكلة الأزلية الخاصة بتأجير السجلات لغير البحرينيين، الذين يستغلون هذه التراخيص لاستخراج «الفيز» وبيعها للعمالة السائبة، مما أدى إلى انتشارها بشكل كبير في العام الماضي، وقد لجأنا إلى هيئة سوق العمل لاتخاذ الإجراءات اللازمة تجاههم، ولكن للأسف كان ردهم أنهم لا يملكون مكانا لإيواء العمالة السائبة، وقد فكرت في تغيير نشاطي من مجال المقاولات، وإقامة مصنع «الأبدان» لنقل البضائع والرمال للدفن، ولكن قوبل طلبي للحصول على قطعة ارض أو محل تجاري في المنطقة الصناعية بالرفض، ولا اعلم ماذا افعل فقد أثقلنا عام ٢٠١١ بالديون ولا أجد وسيلة كي استطيع بها تعويض خسارتي.
ويقول صاحب شركة بيت الولاء للمقاولات وأمين السر لجمعية المقاولين البحرينية علي عبدالله مرهون ان قطاع المقاولات هو أول القطاعات التي تتأثر سلبا في حال حدوث أي أزمات اقتصادية أو سياسية في أي من بلدان العالم، فعندما حدثت الأزمة الاقتصادية في عام ٢٠٠٧، وتوالت الأزمات من ارتفاع للأسعار في عام ٢٠٠٩، وأحداث البحرين، كل ذلك ترك آثاره السلبية في قطاع المقاولات، والمقاولين، ونظرا لما أصابني من ضرر فقد قلصت عدد العمالة من سبعة عشر عاملا إلى ثلاثة فقط وقد احتفظت بهم لصيانة ممتلكاتي الخاصة.
وعن مدى استفادتهم من قرار سمو رئيس الوزراء بإعفائهم من الرسوم يقول مرهون: استفدنا بشكل كبير من هذا القرار ولكن بمجرد ان تعود الأوضاع إلى سابقها سوف يتم تطبيقها مرة أخرى، إلى جانب ما يتم تحصيله من رسوم لم يتم إعفاؤنا منها، وذلك بحجة التشجيع على إحلال العامل البحريني مكان العامل الأجنبي، وهذا المطلب مستحيل نظرا لان هناك الكثير من القطاعات التي يرفض البحريني العمل بها وأولها قطاع المقاولات، فنحن لا نملك عمال بناء بحرينيين، ولذلك نطالب بإلغاء هذه الرسوم على القطاعات التي تفتقر إلى العمالة البحرينية، لان خيار العامل الأجنبي هو الوحيد أمامنا، كما انه ليس من العدل ان تفرض على الجميع رسوم موحدة وتتم المساواة بين العامل الذي يحصل على راتب بسيط والموظف الذي يحصل على الاف الدنانير كأجر له.
وتعليقا على الآراء السابقة يؤكد نائب رئيس جمعية المقاولين إبراهيم يوسف ان الأزمة المالية كان لها دور كبير في تعثر المقاولين، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار المواد بشكل غير طبيعي، وتقلص الأعمال بنسبة ٦٠%، وأيضا الرسوم التي يدفعها المقاولون من دون ان تكون هناك أعمال، وعدم تطبيق الإصلاحات المطلوبة في السوق كمحاربة العمالة السائبة، والسجلات المؤجرة، وعدم استقرار السوق، وعدم التوزيع العادل للمساعدات للشركات المتعثرة من قبل تمكين، حيث أعطت المبالغ بشكل كبير لمنافذ لا تتعلق بتنمية وتدريب البحرينيين، وبذلك لم يستفد المقاولون من المبالغ التي تحصل منهم لصالح تمكين، وقد انسحب من السوق عدد كبير من المقاولين، وتهرب البعض الاخر من مسئولياته، وهناك من جمد أعماله، هذا بخلاف من لا توجد لديه أعمال من الأساس، وتصل نسبة هؤلاء إلى حوالي ٣٠%، وهناك ٣٧% محتملو الوضع الحالي على أمل ان تتحسن الأوضاع في ٢٠١٢، والنسبة الباقية تعمل بربح بسيط أو بالكاد تغطي مصاريفها، وهناك لجنة تم تشكيلها بتوصية من رئاسة الوزراء وضمت أعضاء جمعية المقاولين، وغرفة التجارة، ووزارة العمل، والمجلس الأعلى للتنمية، وهيئة تنظيم سوق العمل، ووزارة الصناعة، وقد رفعنا توصياتنا التي تخص الصعوبات التي تواجه قطاع المقاولات ولكن لم نتلق ردا.
ونتمنى كجمعية مقاولين ان تقوم الوزارات بتوزيع عادل للمشاريع الإسكانية على المقاولين كافة كل حسب إمكانياته، ونحن كجمعية نرحب بالتعاون معهم وذلك عن طريق تقديم كشوف بأسماء المقاولين الملتزمين في السوق القادرين على انجاز العمل كل بقدر استطاعته وبحسب ما لديه من عمالة كي تنتعش السوق ويستفيد الجميع وفي الوقت نفسه يتم انجاز العمل بشكل سريع.
.