الجريدة اليومية الأولى في البحرين


يوميات سياسية


البحرين بين عام مضى وعام جديد

تاريخ النشر : الثلاثاء ٣ يناير ٢٠١٢

السيد زهره



لسنا بحاجة الى القول بأن العام الذي مضى كان بالنسبة إلى البحرين عاما صعبا اشد ما تكون الصعوبة. لم تشهد البحرين طوال تاريخها الحديث والمعاصر تحديات واخطار مثل التي شهدتها في هذا العام. وهي تحديات واخطار مازالت البلاد تعاني تأثيراتها وتداعياتها المريرة على مستويات عدة حتى الآن.
ومع هذا، يخطئ من يظن ان العام الذي مضى كان سيئا بالمطلق، او انه لم يشهد تطورات وجوانب ايجابية.
على العكس، وسط الصعوبات والتحديات والاخطار التي واجهتها البحرين، كانت هناك ايجابيات كثيرة، وجوانب تدعو الى الأمل والى الثقة الكبيرة في تجاوز الازمة وفي المستقبل الأفضل.
بداية، وقبل أي شيء، يكفي هنا ان الله سبحانه وتعالى نجّا البحرين من مؤامرة كبرى استهدفت كيان الدولة والنظام والمجتمع.
لم تكن محاولة الانقلاب الطائفي التي شهدتها البلاد بالتطور البسيط. كانت خطرا تاريخيا مهولا، وخصوصا انه اندرج في اطار مؤامرة كبرى خططت لها قوة معادية مثل ايران في المقام الاول، وكانت قوى كبرى ايضا مستعدة للتعاطف مع هذه المؤامرة.
دعك هنا من الذين يرددون هنا في البحرين ان حركتهم انما هي حركة اصلاحية لم تهدف إلى اسقاط النظام. هم اول من يعرفون انهم يكذبون.
ودعك ايضا من دعاوى الايرانيين من انهم لم يتدخلوا في احداث البحرين. هم ايضا اول من يعرفون انهم يكذبون.
الذي حدث هو ان البحرين تعرضت لمؤامرة خبيثة كبرى كان هدفها هو اسقاط النظام والنيل من استقلال وعروبة البحرين.
لكن بفضل الله، وبفضل حسم القيادة، وبفضل الدول الشقيقة في مجلس التعاون، وبفضل صحوة الشعب فشلت المؤامرة.
فشل هذه المؤامرة، وبغض النظر عن التداعيات المريرة التي مازالت البلاد تعانيها، هو في حد ذاته من اكبر التطورات الايجابية في العام الذي مضى.
جانب ايجابي آخر.
في خضم التطورات العاصفة والمؤلمة التي مرت بها البلاد ، حدثت عملية فرز سياسي.
نعني عملية فرز لحقيقة المواقف والنوايا السياسية لمختلف القوى السياسية في البلاد.
انكشف للجميع وعلنا، من هي القوى السياسية التي تتآمر على الوطن وتريد خرابه، ومن هي القوى الوطنية حقا التي تدافع عن الوطن.
الصورة اصبحت واضحة تماما الآن، ولم تكن بهذا الوضوح قبل ذلك.
هذا تطور ايجابي في حد ذاته في غاية الأهمية.
لماذا؟
لأنه قبل احداث العام الماضي، كانت هناك قوى كثيرة تدعي الاصلاح وتدعي التقدمية والوطنية.. الخ، ولم يكن يخطر ببال الكثيرين ان هذه القوى هي في لحظة الحسم ليست الا قوى طائفية ومستعدة للتآمر على مصير الوطن.
سقوط الأقنعة وهذا الفرز الذي حدث، المفروض ان يكون دافعا إلى ترشيد الحياة السياسية على اسس جديدة تحمى الوطن ولا تهدده. والوعي بهذا هو في حد ذاته امر ايجابي جدا.
تطور ايجابي آخر.
في اللحظة التي تصور فيها الانقلابيون ان مخططهم في سبيله الى النجاح لا محالة تحت ستار الاصلاح، فوجئوا وفوجئنا جميعا في الحقيقة بهذا التطور الحاسم.
فوجئوا بصحوة الفاتح، وهذه الحشود الهائلة التي خرجت لتعلن بوضوح ان في البحرين شعبا يحميها.. يحميها من الطائفيين ومن المتآمرين.
كانت هذه نقطة تحول مضيئة كبرى ليس في مسار الأحداث وحسب، بل في مسار تاريخ البحرين كله.
تطور ايجابي آخر.
تلك الوقفة الحاسمة المشهودة من كل دول مجلس التعاون الخليجي بجانب البحرين، واصرارها بالقول وبالفعل على الدفاع عنها في وجه الانقلابيين والمتآمرين، وايضا من جانب الاغلبية الساحقة من الدول العربية..
هذه الوقفة كانت في جوهرها اظهارا لمكانة البحرين الكبيرة خليجيا وعربيا. كانت اظهارا لحقيقة ان البحرين رقم صعب جدا في معادلة الخليج العربي برمتها.
اذن، كما قلت، فان العام الذي مضى رغم قسوته، فقد اظهر كل هذه الجوانب والتطورات الايجابية جدا.
نعلم ان الاخطار مازالت محدقة بالبحرين، والتحديات مازالت هائلة، واولها واكبرها على الاطلاق في تقديري تحدي انهاء الانقسام الاجتماعي واعادة اللحمة الوطنية، وقبل هذا تحدي اقرار الامن والاستقرار في البلاد.
ورغم جسامة التحديات، فإن الأمر المؤكد ان للبحرين وهي تستقبل العام الجديد ان تتفاءل خيرا، وان تثق بان لديها من مصادر القوة والثبات ما يمكنها من تجاوز الاخطار والتحديات في العام الجديد.
ودعوتنا في العام الجديد ان يحمي الله سبحانه وتعالى البحرين وشعبها، وان يعيد لها الامن والاستقرار والهدوء، وان يلم شمل ابنائها جميعا.