الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٣٩ - الأربعاء ٤ يناير ٢٠١٢ م، الموافق ١٠ صفر ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


أما البشر فلا بواكي لهم!





انكشاف جرائم الأمريكيين في العراق يتوالى، فلا يكاد العالم يفيق من صدمة يسببها انكشاف إحدى تلك الجرائم حتى يفاجأ بأفظع منها، وسيأتي يوم - قريبا ربما - تنكشف فيه أمام الرأي العام العالمي كله جميع خيوط اللعبة الأمريكية الحقيرة التي أسقطت العراق في قبضة عصابة استولت على مراكز صنع القرار السياسي والعسكري الأمريكي فوجهت شرورها وأطماعها نحو بلداننا العربية بشكل عام، والعراق بشكل خاص بعدما حفرت له حفرة احتلال الكويت وأغرته بها، ثم مارست كل أنواع الخداع والتضليل لإيهام العالم كله أن العراق يملك أسلحة دمار شامل يمكنه بها تهديد العالم بحرب عالمية ثالثة مدمرة، حتى أوهمت الجميع بصدق أكاذيبها وقادت عملية إسقاط النظام العراقي واحتلال أراضيه وتمزيق شعبه وقتل عشرات الآلاف منهم وإحلال الدمار والخراب فيه ونهب ثرواته، ومازالت خططها لتمزيق الوطن العربي كله من المحيط إلى الخليج جارية على قدم وساق يتم تنفيذها بأيدي عملائها ووكلائها في المنطقة.

منذ أيام قليلة صُدم العالم بشريط الفيديو الذي تم بثه على (اليوتيوب) والذي يصور مجموعة من الجنود الأمريكيين يضحكون وهم يراقبون كلبا يقترب من لغم أرضي وضعوه بأنفسهم لاصطياد جماعات المقاومة العراقية، ثم يستمرون في الضحك بينما الكلب المسكين يقترب من اللغم ويقوم بتشممه ثم ينفجر اللغم الأرضي فجأة باعثا كرة ضخمة من الدخان والنار واللهب يُرى وسطها الكلب وهو يطير في الهواء ممزقا إلى أشلاء من قوة الانفجار المرعبة، بينما الجنود الأمريكيون مازالوا يتضاحكون!

بالطبع ستقوم الآن قيامة الجمعيات الغربية المدافعة عن حقوق الحيوان، ولن تسكت حتى تتم معاقبة أولئك الجنود عقوبات صارمة جدا، وستطالب الحكومة الأمريكية باعتذار رسمي، لأن الضحية حيوان، أما عشرات الآلاف من المواطنين العراقيين الذين سحق الجيش الأمريكي بآلياته ومجنزراته الكثيرين منهم وهم آمنون في بيوتهم فسوّاهم بالأرض، وجعل من الأطفال والنساء والشباب والشيوخ في جميع أنحاء العراق أهدافا متحركة يتسلى جنوده بقنصها في الشوارع، وتغاضى عن جرائم اغتصاب فتيات ونساء في عقر بيوتهن بعد اقتحامها ثم قتلهن وجميع أفراد عائلاتهن بدم بارد، ودافع بضراوة عن جنوده المجرمين الذين كانوا يتعاطون الخمور في الليل أثناء حراستهم للمواقع العسكرية ثم يتسلون بإطلاق الرصاص على أي شخص يعبر الطريق أمامهم ويتسابقون في ذلك وهم يتضاحكون، فإن كل هذا لا يثير شفقة الغرب وجمعياته ولا يستدر دمعة واحدة من أعينهم، لأن الضحية ببساطة مجرد مواطن عربي لا يرقى إلى أهمية ولا إلى مكانة واحترام الحيوان في تلك البلاد!

إن أعداد ضحايا الغزو الأمريكي للعراق تفوق الحصر، ويكفينا هنا أن نستدل عليها برقم تقريبي أعلنته إحدى المنظمات الإنسانية الدولية يوم أمس الأول حيث قالت إن عددهم بلغ حوالي ١٦٢ ألف شخص، ثمانون في المائة منهم مدنيون، أي ما يوازي حوالي ١١٤ ألف مدني لا ذنب ولا جريرة لهم، لكنهم بالنسبة للغرب مجرد رقم لا أهمية له أمام تحقيق أهداف قوى الغطرسة والظلم في النظام العالمي الجديد!





salah_fouad@hotmail.com



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

    الأعداد السابقة