الجريدة اليومية الأولى في البحرين


مقالات


جمهور المسيرات.. متى تتنبهون؟

تاريخ النشر : الأربعاء ٤ يناير ٢٠١٢



سألت السيد عبدالجليل خليل رئيس كتلة الوفاق النيابية المستقيلة عن سر الإصرار على النزول إلى الشارع والتعبير عن السلمية التي يقصدونها، فأجابني مشكورا على سرعة تفاعله عبر موقع التواصل الاجتماعي نصا: «وما المانع إذا كان مرخصا، إذا كنا لا نملك مكانا يتسع للناس ونريد أن نعبّر بسلمية وحضارية» واستطرد قائلا: «من يغلق الشوارع! الشرطة تغلقها.. الجمعيات السياسية في كل أسبوع تقيم الفعاليات وتحضرها الآلاف ويعودون بسلمية حضارية».
كان الحديث دائرا على خلفية الاعتصام الذي وقع في منطقة خليج توبلي ونتج عنه الكثير من المصادمات بين رجال الأمن والمتظاهرين في 23 ديسمبر الفائت، ولا تزال مثل هذه التجمعات مستمرة ليليا ونتائجها لم تتغير إن لم تزد في الخسائر.
ولي تعليق على الرد الذي تفضل به النائب المستقيل ولكل منظمي المسيرات والجماهير، وأنا اقصد كل الجماهير دون استثناء جمهور الوفاق وجمهور الفاتح، هل للشجاعة موضع عندكم أيها المنظمون وبينكم حقوقيون لكي تطلعوا جمهوركم على ضوابط التظاهر التي تطالب بها السلطة البحرينية. وهي مسألة تقنينها مشروع دوليا وليس حكرا على الحالة البحرينية؟ ولا يقف عند الالتزام بالإخطار فحسب وتبرئة الذمة بعدها كما يفعل المنظمون اليوم! هل أوضح المنظمون للجمهور أن تلك الضوابط متفق عليها عند سلطات الأمن في كل دول العالم ولا شأن لها بين أصحاب المسيرات والسلطة البحرينية تحديدا؟
فإن كانوا لا يعلمون بتلك الضوابط الدولية فهذه مصيبة، وان كانوا يعلمون فالمصيبة اكبر!! لأنهم يعرفون علما ويكتمونه عمدا مما يعرّضهم للمساءلة التاريخية والأمانة العلمية والشرعية.
في الدول الغربية يلتزم منظمو المسيرات والاحتجاجات الكبيرة، وأضع خطين تحت كلمة الكبيرة عددا، يلتزمون أمام الجهات الرسمية باستصدار ترخيص، لا إخطار، من المجلس البلدي ومراكز الشرطة ومسئولي الحدائق والأماكن العامة وحتى وزارة الصحة لو دخل في الأمر توزيع للأكل والشرب على المتظاهرين، وكل هذه الجهات لها الحق في أن ترفض الطلب لأنها تعتبر تدابير احترازية حفاظا على سلامة المتظاهرين.
وفي الغرب يمنع التظاهر ليلا، ويلتزم المنظمون بدفع مبالغ تأمينية لتغطية نفقات أي أضرار تقع في تجمعهم ويتكفلون حتى بدفع الساعات الإضافية للموظفين الرسميين إذا تمت المسيرة في يوم إجازة!!!
لو أدرك الجمهور وتنبه للضوابط التي تحكم المسيرات في البحرين، حينها فعلا سيتغير المشهد ولن تقع تلك المصادمات العنيفة ويروح ضحيتها الأشخاص المدنيون ورجال الأمن، ونحزن عليهم حزنا عميقا مؤججا للفجوة المجتمعية. وأنا هنا لا ألوم جمهور المسيرات، بقدر ما ألوم الجهة المنظمة للمسيرة والجهة المرخصة لها على تقصيرهما في نشر الوعي. فالجمهور لا ألومه بقلة وعيه على تصديقه أن الدولة هي من تستفزه وتعتدي على سلامته، في حين انه هو من يستفزها ودون وعي منه، ويتمادى في تعطيل مصالح الناس بتجمهره في الشوارع العامة والأماكن الأكثر حساسية وحرجا للدولة كالاقتراب من مواقع السفارات والمرافق الأكثر حيوية. في حين أن منظمى المسيرات لم يعد خافيا علينا منكم لهاثكم للصدام ونشركم لشائعات باحتمالية وقوع صدامات فقط لتضمنوا اكبر عدد من الحضور!!! هدفكم أضحى جليا ويفسر استفزازكم الأمني المتكرر.
وبالمختصر، نحن في البحرين تربينا على السلام واليوم ترهقنا الفوضى وسلب الحقوق، سئمنا من الفعل ورد الفعل الأعنف، كل ما نرجوه الاستقرار بسلطة القانون ولا غيره.
اللهم إني بلغت...