الجريدة اليومية الأولى في البحرين



«الوحدة العربية».. هل تتحقق بربيع الثورات؟

تاريخ النشر : الأربعاء ٤ يناير ٢٠١٢



لاتزال فكرة الوحدة الوطنية تراود أذهان المصريين على اختلاف انتماءاتهم الوطنية، خاصة في ظل نجاحات ثورات الربيع العربي، التي أظهرت مدى ترابط الشعوب العربية؛ الأمر الذي فتح المجال لإعادة النظر في قضية الوحدة وأهمية الترابط، وسط مرحلة تسير في البلاد على نهج الديمقراطية، وأعاد مشروع الوحدة الوطنية ؟ الذي دشنه الزعيم الراحل جمال عبدالناصر - إلى الصدارة، فيقول د. حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة: إن التجربة الأوروبية تتيح الفرصة في التكامل والاندماج؛ حيث تعد معينا نستطيع أن ننهل منه الكثير، صحيح أن الواقع الأوروبي يختلف تماما عن الواقع العربي، وهو ما يستحيل معه نقل تجربة التكامل الأوروبي ميكانيكيا لغرسها في التربة العربية، غير أن ما يتعين إدراكه هو أن الصيغة التكاملية التي أفرزتها التجربة الأوروبية تمت بالتدرج ومن خلال حوار ديمقراطي، وليس فجأة أو فرضا أو إكراها، وقامت على قاعدة تحقيق الربح لجميع الأطراف وليس لأحد على حساب الآخر، ونجحت في إقامة نظام مؤسسي فعال تقوده الدول الكبرى ويسمح للدول الصغيرة والمتوسطة في الوقت نفسه بحماية مصالحها السيادية، وليس مطلوبا نقل التجربة الأوروبية بحذافيرها، ولكن المطلوب إيجاد صيغة عربية تتوافر فيها شروط النجاح الثلاثة.
بينما يرى وحيد الأقصري رئيس الحزب العربي الاشتراكي، أن الشعوب العربية تدرك أن مستقبلها في الوحدة؛ لأنه «لا فلاح لأمة متفرقة أمام أعداء متحدين»، وما حدث في الثورات رسالة إلى أي من الحكام ينوي افساد هذا الحلم، وأتمنى أن يكون اتفاق المصالحة في القاهرة مؤخراً هو اللبنة الأولى لوحدة عربية حقيقية، لأنه البداية في السير للطريق الصحيح، الذي يسمح لنا بالخروج من مأزقنا الراهن من خلال الوحدة.. مطالبًا بضرورة الانتباه إلى أن هناك بعض المؤامرات التي تدخل من أجل توجيه الثورات لأهداف معينة.
المشروع الناصري
ويقول د. محمد أبوالعلا القيادي بالحزب الناصري: إن فقدان الوحدة العربية هو نتاج غياب المشروع الناصري في الحقبة الماضية، وعدم الاقتداء بعبدالناصر الذي سعى جاهدا للمشاركة في كل القضايا العالمية والعربية بتوجهاته الوحدوية، حيث كانت الأساس الرئيسي لصحة الأمة العربية، وكان يجمع كل القوى من جميع الدول العربية في أي خطاب له؛ فقد كانت كلماته بمثابة برامج لمشاريع قومية، وقد حدثت انتكاسة لهذا المشروع العربي في الماضي، إلا أن المشروع لايزال محفوظا في جنبات الشعوب. والدليل أن كل الثورات تنادي بالمشروع الناصري الذي كان يرتكز على الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة، وتعد اتفاقية المصالحة الفلسطينية التي تمت في القاهرة اللبنة الأولى في الوحدة العربية؛ لأن الثورات العربية في مصر وتونس وليبيا أيقظتها في ضمائر كل أبناء الأمة.
ويؤكد أن الأمة العربية أرضية خصبة للوحدة، فكل مقوماتها متوافرة، سواء على المستوى الاقتصادي أو السياسي أو الاجتماعي ولا ينقصها سوى البرنامج الموحد كمقدمة للوحدة المطلوبة.
ويرى د. صلاح الدسوقي وكيل مؤسسي حزب المؤتمر الشعبي الناصري، أن تزامن قيام الثورات العربية في آن واحد، هو دلالة على أن مشاعر الشعوب العربية واحدة؛ لأنها عاشت تحت نظم تتسم بالتبعية لبعض الدول التي تسعى لضرب هذه الوحدة، بعد أن أعلنوا إفلاسهم في تحقيقها، فضلا عن أن النظم العربية استسلمت للقوة الأمريكية، خاصة مع احتلال العراق وضياع فلسطين وانقسام السودان، وانهيار دولة الصومال، فكل هذه دلائل إعلان إفلاس الأنظمة الرسمية؛ لذا تسعى الشعوب لتتنفس نسائم الحرية والوحدة التي لو ملكوها سيقوضون أركان الانظمة الفاسدة.
ويؤكد المفكر السوري ياسين الحافظ، أن عراقيل المشروع الوحدوي - الخارجية منها والداخلية - تدفع في اتجاه تعزيز الإقليمية، أي تعزيز الدولة القطرية، والمخرج يتمثل في نمو الوعي الوحدوي وتوافر الإرادة السياسية الثورية.
وأضاف أن السياسة بوصفها قوة اقتصادية، هي وحدها القادرة على ضرب الميل التاريخي لفعل الإمبريالية في الوطن العربي، أي على ضرب التجزئة وقلب هذا الميل لصالح سياسة وحدوية تتجه بالطبع إلى بناء اقتصاد عربي واحد مندمج، متكامل، في إشارة منه إلى أن الوحدة ليست نقيض التجزئة، بل هي نقيض جدلي للتعدد والتنوع والاختلاف وتعارض المصالح، وحين تتحقق لا تلغي التعدد والتنوع والاختلاف وتَعارض المصالح، بل تصير وحدة التعدد والتنوع والاختلاف والتعارض ووحدة ما هو مشترك بينها، أي تصير وحدة تناقضية، جدلية، وحدة ما هو مشترك بين جميع أفراد الأمة المعنية وما هو غير مشترك.