الجريدة اليومية الأولى في البحرين



رسالة من ابن إلى أبيه المتوّج..

تاريخ النشر : الخميس ٥ يناير ٢٠١٢

إبراهيم الشيخ



بصفتي إنسانا ومواطنا عشق بلاده بترابها ومائها، عشق هواءها وطيبة أهلها، وتربّى على احترام كبيرها والعطف على صغيرها، وعلى التعايش النقي بين أبنائها، أرفع إليكم يا ملك البلاد هذه الرسالة، ولتعتبرها من ابن إلى أبيه المتوّج.
جميعنا يعلم ما يدور في العالم من صراعات وتجاذبات، لكن لم يشاهد أحدٌ منّا ما يحدث من كراهية ضد فئات عريضة من الناس، وضدّ رجال الأمن الذين أقسموا أن يحافظوا على أمن البلاد والعباد في هذا الوطن الغالي.
جميعنا يسأل: ما ذنب رجال الأمن وهم يحاولون تطبيق القانون وليس بينهم وبين أولئك المتظاهرين والمخرّبين والمعتدين أيّ عداء أو معرفة شخصية؟
مع ذلك؛ ويوماً إثر يوم، نجد أعداد الضحايا والمصابين من رجال الأمن في تزايد مستمر، والسبب بكل وضوح، أن رجال الأمن لا يملكون حتى حقّ الدفاع عن أنفسهم، وهو ما يخالف جميع الأعراف والقوانين الدولية!
للأسف يا مليكنا، الدولة باتت تصغي لهلوسات وصرخات جمعيات حقوقية ومنظمّة العفو الدولية أكثر من إصغائها لحقوق الناس في حياة آمنة مستقرة، تلك المنظمات التي لا تضع اعتباراً لدفاع المرء عن نفسه، هم يرون الحق للقاتل والمعتدي حتى يُتمّ جريمته بالقتل، أمّا القتيل فليس لآدميته أدنى اعتبار، بل من فرط إجرام تلك المنظمات، أنّ أوّل ما تقوم به بعد إتمام تلك الجرائم، هو مطالبتها بحق القاتل في محاكمة عادلة، بينما القتلى ليسوا بشراً في نظرها، وليس لهم من يفجع بفقدهم.
وهذا بالضّبط ما حدث في البحرين، حيث إنه بعد كل الجرائم التي تمّ اقترافها، وجدنا من يقاتل لحفظ حقوق المعتدين، بينما لم نجد من تلك المنظمات المتواطئة من يسأل عن زهرة وأحمد المريسي ومحمد عرفان وكاشف منظور وخالد السردي وغيرهم العشرات.
في مثل هذه الأحوال والظروف يا مليكنا المتوّج، تعيش مملكتنا الغالية، حيث يخرج رجال الأمن من بيوتهم والسؤال الذي تنطق به عيون أبنائهم وزوجاتهم وأمهاتهم وآبائهم: هل سيعودون سالمين أم لا؟!
في الولايات المتحدة الأمريكية التي يتغنّى الجميع بها، والتي تمارس علينا ضغوطاً لا تقلّ بشاعة عن تلك المنظّمات الحقوقية البائسة، عندما يقول رجل الأمن لأي شخص هناك "ezeerf" أي تجمّد، لا يحقّ له أن يتحرّك، ولو فعل فإن رجل الأمن له الحقّ في أن يطلق عليه الرصاص، هذا لأنهم يحترمون حياة رجال الأمن.
أمّا عندنا وقد شاهدهم الجميع كيف يرمون المولوتوف والأسياخ الحديدية على رجال الأمن، وقد شاهدنا أحدهم يحترق وزملاؤه يشاهدونه ولا يستطيعون استخدام أي أداة من أدوات الدفاع عن النّفس، لأنّها منزوعة منهم، هل هذا يجوز؟!
إنّ هيبة الدولة وكرامتها تنعكس على هيبة رجال الأمن وكرامتهم، ومتى ما نُزعت تلك الهيبة برمي رجال الأمن في تلك المهالك من دون أي حماية فردية ولا جماعية، فإنه يعني إلقاءهم في التهلكة، وهو أمر لا يقبله شرع السماء ولا شرع الأرض.
يا والد الوطن المتوّج: إنّ الله تعالى أمر بإحقاق الحق وتطبيق القصاص، وإذا ما أرادت الدولة أن تعفو عن حقّها فيمن أساء إليها ومازال يقوم بتسقيطها وإهانتها في كل محفل، فهناك حقوق لمن قُتل وتمّ الاعتداء عليهم، يجب أن يجازى من قام بها، لأنّه ليس هناك حقّ لأحد يتنازل عن حقوق الآخرين.
هذه هي الحقيقة المرّة والمؤلمة التي نعيشها، وكل ما نرجوه منكم - كما عهدناكم - إحقاق الحقّ ونصرة المظلوم، وحماية وطننا ممّن يريد حرقه بمن فيه.
حفظ الله الوطن، وحفظكم من كل سوء ومكروه، ورزقكم خير بطانة، تحفظ لوطننا أمنه وتحفظ لنا ديننا وأمننا.