ثورة الكرامة
 تاريخ النشر : الجمعة ٦ يناير ٢٠١٢
حامد عزت الصياد
مطلوب من الموتى أن يدافعوا عن أنفسهم.
في الحالة السورية، النظام الرسمي العربي لديه حالات تدمن تفكير الخيال، وحالات لا تعالج الإحباط، وحالات ترى في إزهاق الأرواح ببنادق النظام أفضل حالا من الانتحار.
من الحزن إلى اليأس، يصاب المرء بأعراض مشتركة مابين الفصام والتبلد، وهو يتابع تصريحات الفريق «محمد مصطفى الدابي» رئيس بعثة المراقبين العرب: «بأن فريقه لم ير الدبابات في شوارع حمص، وأن الحالة مطمئنة حتى الآن»، أو ما يؤكده «نبيل العربي» على مسامعنا في مؤتمره الصحفي، أنه تم الإفراج عن ٣٤٨٤ معتقلا منذ وصول المراقبين إلى سوريا، وبدلا من أن يطلب «العربي» من النظام السوري قائمة بأسماء المفرج عنهم ليطمئن السوريون والعالم باحترام النظام لبروتوكول الجامعة، ذهب ليطلب من المعارضة قوائم بالأسماء للتحقق من أوضاع المعتقلين.
هذه التصريحات المتضاربة التي عبر عنها أصحابها بعد عودة وفد الجامعة إلى القاهرة، ترفع ضغط الدم، وتجلب الصداع، وتلهب المفاصل، ولعل أهم ما نخرج به من تصريحات الرجلين، أنهما لم يعطيا تفسيرا مقنعا بحقيقة عمل بعض المراقبين الذين حامت حولهم الشبهات، وهم يطلقون البيانات وسط المتظاهرين في درعا وحمص، الأمر الذي لاحظ معه المراقبون أن هذه التصريحات يتم إطلاقها وفق تطور الدورة المزاجية لأجندات دعم بعض دول الممانعة للنظام السوري.
في الأسابيع الثلاثة القادمة لا يستطيع المرء حصر أشكال الوهم بإسقاط النظام في الحالة السورية ، كما لا يستطيع التنبؤ بتاريخ الضربة القاصمة لعائلة الأسد الذي تحدث عنها منذ يومين ايهود باراك للإذاعة الإسرائيلية، خاصة فيما لو علمنا أن العالم قد عاش حالة من الإحباط والقلق من التصريحات المتضاربة للمسئولين في الجامعة، وهي تصريحات لا تقدم ولا تؤخر قياسا بما قامت به من دور في ليبيا.
الدور الرسمي العربي يسير بسبب ذلك على روتين «غربي مخطط سلفا» ــ افعل هنا، ولا تفعل هناك ــ منذ اتفاق «سايكس بيكو» بالاستيلاء على مقومات الدول العربية ولاسيما منابع النفط والسلع الاستراتيجية واحتلال مدني بمنظمات أهلية ومراكز بحوث وجامعات ومعاهد تدريس للديمقراطية، وآخر عسكري على شكل قواعد عسكرية في كل بلد عربي، أما الخدعة الكبرى فهي ضرب إيران بسبب برنامجها النووي، وتهديد الأخيرة بإغلاق هرمز هي لعبة سخيفة من الطرفين عندما يفقدان سمعتهما الدولية.
إثارة النزاعات الطائفية، والتحريض على الاقتتال الداخلي، وارتكاب أعمال تخريبية لزعزعة أمن واستقرار دول المنطقة تحت مسمى ثورات الربيع العربي، لا يدع مجالا للشك أن هناك العديد من السيناريوهات تم إعدادها سلفا للاستيلاء على مقدرات الأمة بما يضمن تخريب الاقتصاد وإعاقة حركة التنمية، وشل المقومات الأساسية للدول العربية.
إذا كانت القوى الاستعمارية قد تمكنت من إيجاد تعاقدات طويلة الأجل لشركاتها في ليبيا فليس ثمة من مخرج للأزمة السورية إلا أن يوافق المجلس الوطني السوري على شروط واملاءات هذه القوى بإيجاد موطئ قدم لها على الأراضي السورية ،وهذا ماسمعناه من «برهان غليون» رئيس المجلس الوطني في مقابلة متلفزة بأن: «القضية السورية في طريقها للتدويل».
ختاما، لا يوجد أي أمل في الجامعة العربية لحفظ أرواح من تبقى من الثوار في سوريا.
.