المال و الاقتصاد
توقعات «بلاك روك» لعام 2012:
الاقتصاد العالمي مرشح لمواصلة «الجمود العظيم» مع تسجيل نمو هزيل
تاريخ النشر : الجمعة ٦ يناير ٢٠١٢
توقع روس كويستريتش، كبير استراتيجيي الاستثمار العالميين ضمن وحدة «آي شيرز» (serahSi) التابعة لشركة بلاك روك (المدرجة في بورصة نيويورك تحت الرمز: KLB)، أن يظل الاقتصاد العالمي في عام 2012 على الأرجح في حالة «الجمود العظيم» التي يعانيها، مع تسجيل معدلات نمو بطيئة تتيح تجنب حدوث أزمة اقتصادية عالمية.
ومع ذلك يرى روس كويستريتش أن أخطاء السياسات في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، قد عززت في الأشهر الأخيرة احتمالات حدوث ركود عالمي جديد، وخاصة في ظل التوقعات بأن تشهد أوروبا حالة من الركود المعتدل خلال عام .2012
وفي تقريره لـ «رؤية آي شيرز لآفاق السوق في 2012»، قال كويستريتش إن سيناريو استمرار حالة «الخمول العظيم» يبدو الأكثر ترجيحاً هذا العام، حيث تتراوح احتمالات حدوثه ما بين 55% و60%، في حين تقلصت احتمالات حدوث سيناريو عودة الاقتصاد العالمي إلى النمو القوي إلى 5% فقط لأسباب مختلفة تشمل تعرض أوروبا لركود نسبي.
وفي غضون ذلك تصاعدت فرص حدوث ركود عالمي في العام الحالي حيث تتراوح احتمالات حدوثه بين 35% و40%، بالمقارنة مع 20% فقط في العام الماضي، نتيجة لحالة الشلل السياسي في أوروبا التي لا تزال تشكل عامل خطر رئيسي، لا يهدد أوروبا فقط، وإنما أيضاً الاقتصاد العالمي ككل، بحسب رأي كويستريتش.
«الجمود العظيم»
يقول كويستريتش: «يشير التحسن الذي أظهرته البيانات الاقتصادية العالمية حديثاً، إلى أن التعافي المستمر يبدو قابلاً للاستمرار على الرغم من كونه ضعيفاً للغاية، على الرغم من أن أوروبا لا تزال تشكل خطراً ملحوظاً في هذا المجال». ويوضح: «حتى لو تمكنت أوروبا من تجنب الانهيار نتيجة أزمة الديون السيادية، فمن المرجح أن تسهم أعباء الديون في النظام المصرفي الأوروبي وتدفعه إلى حالة من الركود المعتدل في عام 2012».
وفي بقية أنحاء العالم، يتوقع أن يكون الأداء الاقتصادي أفضل، ولكنه سيظل دون المستوى. فمن المرجح أن يحقق الاقتصاد الأمريكي معدل نمو يتراوح بين 1,75% و2,50%، وهو ما يمثل تحسناً بالمقارنة مع أدائه في عام 2011، كما أنه يتماشى مع متوسط معدلات النمو المسجلة في العقد الماضي.
وفي غضون ذلك من المتوقع أن تنمو الأسواق المتقدمة الأصغر، مثل كندا وأستراليا وسنغافورة وسويسرا وهونج كونج بشكل أسرع، بالتوازي مع معظم الأسواق الناشئة. ومن المرجح أن تكون اليابان الأسرع نمواً ضمن الاقتصادات الرئيسية، وخاصة مع تواصل عمليات إعادة البناء فيها عقب زلزال العام الماضي والاستقرار النسبي لنظامها المصرفي.
يوضح كويستريتش «إذا لم تتفاقم الأزمة الأوروبية، سيتمكن الاقتصاد العالمي من تجنب حدوث انكماش اقتصادي جديد. وفي غياب تفاقم الأزمة الأوروبية، نحافظ على رؤيتنا الإيجابية طويلة المدى للأوراق المالية، ولاسيما بالنسبة إلى السندات، حيث نرى أنه يتعين على المستثمرين الاستفادة من التقييمات المنخفضة تاريخياً للأسهم وزيادة مخصصات الاستثمار لأسواق البلدان المتقدمة الأصغر والأسواق الناشئة».
علامات استفهام
يرى روس كويستريتش أنه على الرغم من أن الانتعاش مرشح للتواصل في غياب أزمة أخرى، فإن احتمالات حدوث صدمة زادت على جبهتين، وكلتاهما تتعلقان بالسياسة.
ويوضح «عدم وجود خطة طويلة الأمد لوقف انتشار عدوى أزمة الديون السيادية الأوروبية يثير احتمالات حدوث أزمة مصرفية، وركود شديد، وحتى تفكك اليورو. وكل هذا يمكن أن يقوض الثقة العالمية والتجارة، وأن يعرض النظام المصرفي العالمي لضغوط ضخمة».
ويضيف «كما يمثل الانخفاض في إنفاق المستهلكين في الولايات المتحدة الأمريكية مصدر تهديد آخر للاقتصاد العالمي. فمنذ بداية عام 2008، ارتفع إجمالي الدخل المتاح (بعد استقطاعات الضرائب ورسوم الضمان الاجتماعي) في الولايات المتحدة بنحو 775 مليار دولار، مدعوما بمدخرات المستهلكين وخطط الإنعاش الحكومية، حيث جاء حوالي 550 مليار دولار، أو حوالي 70% من الزيادة في الدخل المتاح في الولايات المتحدة من الزيادة في مدفوعات التحويلات الحكومية. وتبعاً لذلك، إذا حدث تراجع في معدل الادخار أو إذا لم يتم في عام 2012 مواصلة خطط الانعاش الحكومية المنفذة في عام 2011، فمن المرجح أن يشهد الاستهلاك تراجعاً ملحوظاً، وهو أمر سيكون له تأثيرات ملحوظة، وخاصة في ظل استبعاد حدوث تحسن في سوق العمل ومعدلات الدخول الحقيقية، إذ سيكون أفضل ما يمكننا تأمله في عام 2012 هو استمرار الأداء الاقتصادي الحالي».
فرصة للمستثمرين
دائماً ما تكون بداية العام الجديد مناسبة مثالية لمراجعة المستثمرين لأهداف استثماراتهم وتوزيع الأصول الخاصة بهم، وإجراء تغييرات في محفظتهم الاستثمارية عند الضرورة.
وبناء على توقعات عام 2012، يقترح كويستريتش اعتماد نهج (hcaorppa tnemtsevni llebrab) الاستثماري الذي يتيح محفظة تتناسب مع أرجحية السيناريوهين الأكثر احتمالا، بحيث يتماشى 60% من المحفظة الاستثمارية مع سيناريو «الجمود العظيم»، في حين تتماشى الـ 40 المتبقية مع سيناريو «التراجع العالمي المزدوج»، على أن يتم تعديل هاتين النسبتين خلال عام 2012 وفقاً اعلامات الاستقرار أو الانكماش التي تبدأ في الظهور. وبشكل أساسي يفضل روس كويستريتش الحفاظ على استثمار رئيسي في أسهم الشركات الكبرى التي تقدم توزيعات أرباح للمساهمين (في كلا السيناريوهين). وينبغي على المستثمرين النظر إلى الأسواق المتقدمة الأصغر مثل كندا واستراليا وسويسرا وسنغافورة وهونج كونج، وأسواق ناشئة منتقاة مثل أمريكا اللاتينية. وفي قطاع الأدوات المالية ذات العائد الثابت، يعتقد روس كويستريتش أن سندات الشركات مقومة بأقل من قيمتها، ولاسيما في قطاع الاستثمار. حيث إن الفارق بين عوائد سندات الخزانة وسندات الشركات في الولايات المتحدة يبدو غير عادي سواء على أساس المعدلات التاريخية أو على أساس الاتجاهات الحديثة في جودة الائتمان والمناخ الاقتصادي الحالي.
أما بالنسبة إلى مكونات المحفظة الاستثمارية المناسبة لسيناريو «الركود الاقتصادي العالمي»، فينصح كويستريتش بالاستثمار في سندات الخزانة الأمريكية، وذلك على الرغم من المخاطر المرتبطة بديون الولايات المتحدة. كما أنه يفضل الحفاظ على استثمار استراتيجي صغير نسبياً في الذهب ضمن المحفظة الاستثمارية، على الرغم من التقلبات الحادة للمعدن الأصفر.
استراتيجيات الاستثمار 2012
فيما يلي ملخص للسيناريوهات الثلاث لأداء الاقتصاد العالمي لعام 2012، واستراتيجيات الاستثمار المناسبة للتعامل معها، بحسب رؤية روس كويستريتش:
1- مراوحة الاقتصاد ضمن حالة «الجمود العظيم»، واحتمالية حدوث هذا السيناريو تتراوح بين 55% و60%.
كيف سيبدو الوضع: سيظل النمو ضعيفاً، لكن سيتم تجنب حدوث أزمة.
الاستراتيجية المحتملة: تركيز المحفظة الاستثمارية على أسهم الشركات الكبرى التي تقدم توزيعات أرباح على المساهمين، والأسواق المتقدمة الأصغر، وأسهم الأسواق الناشئة وسندات الشركات.
2- أزمة عالمية وتراجع اقتصادي مزدوج واحتمالية حدوث هذا السيناريو تقدر بين 35% و40%.
كيف سيبدو الوضع: فشل السياسات في أوروبا يؤدي إلى أزمة مصرفية وركود حاد. بينما يسهم التقشف المالي في الولايات المتحدة في إبطاء النمو.
الاستراتيجية المحتملة: تركيز المحفظة الاستثمارية على سندات الخزانة الامريكية، الذهب، أسهم الشركات الكبرى.
3- تسارع النمو والاحتمال لا يزيد على 5%.
كيف سيبدو الوضع: تستأنف الأسواق الناشئة النمو المتصاعد، بينما يعود العالم المتقدم إلى النمو المتوسط على المدى الطويل.
الاستراتيجية المحتملة: تركيز المحفظة الاستثمارية على الأسهم الأوروبية والأسواق الناشئة والأسهم الدورية. تخفيض وزن سندات الخزانة الأمريكية في المحفظة.