الجريدة اليومية الأولى في البحرين


قضايا و آراء


معارك بلا جيوش وحروب من نوع آخر

تاريخ النشر : الجمعة ٦ يناير ٢٠١٢



من ظن ان المعارك تحسمها الجيوش العسكرية المدججة بالسلاح، فالدول والايديولوجيات تتعارك اليوم من دون ان تنزل جنديا واحدا في ارض المعركة، فأخطر الحروب والمعارك هي معركة السيطرة على العقول والقلوب. والدول الكبرى ذات المطامع الاستعمارية الدائمة لا تفتأ تمول جيوشا مدنية من أجل السيطرة على عقول البشر الذين استعمرتهم سابقا بالجيوش واكتشفت فيما بعد أنها يمكن ان تسيطر عليهم من دون ان تنزل جنديا واحدا في ساحة المعركة. ولا ألوم الحكومة المصرية المؤقتة بعد الثورة على مداهمة منظمات المجتمع المدني للتأكد من مصادر تمويلها الخارجية وأهداف التمويل لأن الكثير من هذه المنظمات أصبحت أدوات لقوى خارجية تريد السيطرة على المجتمعات في ظل العولمة التي نشهدها.
بعد 11 سبتمبر زعم الامريكان أن عقولنا العربية المنغلقة والمتطرفة البعيدة عن عصر الحداثة والتمدن هي التي افرزت الشباب المتطرف الذي هاجمها في عقر دارها، ومنذئذ نشاهد حربا شرسة هدفها السيطرة على عقولنا ووجداننا بشتى السبل والمغريات حتى نمرق من ديننا كما يمرق السهم من الرمية وندخل عصر الحداثة بعد ان نزيل تدريجيا كل ما كان يواري عوراتنا. على سبيل المثال ضغطت امريكا من اجل اغلاق المدارس الاسلامية والمعاهد الدينية ومراكز الافتاء والدعوة ومولت بسخاء قنوات تلفزيونية ووسائل اعلامية اخرى هدفها غسل الادمغة العربية المتخلفة، وفجأة شاهدنا حرص القنوات التلفزيونية العريقة مثل بي بي سي وسي ان ان على ان تكون لها قنوات او مواقع الكترونية بالعربية، كما شاهدنا ايضا اكثر من قناة عربية كبيرة تعرض الأفلام الامريكية كما هي من دون حذف بعد ان ولى زمن الحياء بلا رجعة واصبحت الاسرة العربية والمسلمة هي الهدف الأسمى للحرب الاعلامية.
هذا على الصعيد الإعلامي، اما على الصعيد السياسي فان ادوات الحرب هي السفارات وتدخلاتها في الشئون الداخلية لبلادنا ومنظمات حقوق الانسان ومنظمات المجتمع المدني المختلفة التي تحشر انفها في كل ما يخصنا والتي غالبا ما تتعاطف مع المعارضة السياسية وتشاركها في العويل والبكاء. هدفها ليس تضامنا مع مستضعفين ولا إيصال المعارضة إلى سدة الحكم وانما تفتيت المجتمعات إلى اوصال ومذاهب واعراق واجناس تتصارع وتدمر الوطن الذي كان يضمنا جميعا ويؤوينا في سلام. حصل هذا في العراق ، وتستمر فصوله في السودان، وهنالك بلدان اخرى مرشحة إلى ذلك خاصة مصر والسعودية - مركز الثقل - اما فيما يخص البحرين فهي ليست استثناء ولا أقول إلا اللهم احفظ البحرين وسائر بلاد المسلمين مما يمكرون.