الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٤٢ - السبت ٧ يناير ٢٠١٢ م، الموافق ١٣ صفر ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


الإرهابيون مع الإدارة الأمريكية..





قضى الثوار العرب عمرهم، في القرن الماضي، يهربون من قمع المخابرات الغربية، الأوروبية الأمريكية، التي كانت تدير وزارات الداخلية في بلداننا بقبضة من حديد، منذ فترة الاستعمار حتى نهاية الحرب الباردة (عام ٢٠٠٠).. وكان الطلبة أكثر من تعرض إلى هذا القمع، الذي كان يستهدف كل المطالبين بالحريات والعدالة الاجتماعية، لأكثر من نصف قرن، حتى أصبح القمع سمة المنطقة.. نعم كانت الأجهزة الغربية هي التي تدير كل جلسات التحقيق والتعذيب والسجون، التي كان يتكدس فيها المثقفون والثوار من حملة الشهادات والمؤهلات العليا وأصحاب المبادئ والقيم الوطنية الحقة.

تذكرت هذا الشريط المأساوي من تاريخنا وأنا أقرأ مقالاً في مجلة الفورين بوليسي (yciloP ngieroF) عن (الثورة) في البحرين (الاثنين ٢ يناير ٢٠١٢)، بقلم كاتب أمريكي (توبي جونز senoJ .C yboT) لا يعرف شيئاً عن البحرين، وكاتبة تدّعي أنها بحرينية، وقد قضت كل حياتها في الخارج (تحمل الجنسية البريطانية)، ولم تتعرف على البحرين إلا من خلال ما سمعته من والدها الذي يعيش في بريطانيا منذ سبعينيات القرن الماضي بصفته لاجئاً سياسياً بينما هو يدير مصالح إيران المخابراتية ضد البحرين، حتى بات أحد أثرياء لندن، ومازال يتظاهر بالفقر بينما تقود بناته سيارات المرسيدس في شوارع مدينة الضباب منذ سنوات دراستهن.

الأمر المقزز في هذا المقال الذي يتكلم عن الحريات ومصالح الشعوب والحق في الثورة على النظام البحريني هو أنه مكتوب بأقلام خارجية، وأنه منشور في مجلة لطالما كان دورها هو نشر ودعم سياسات قمع الشعوب ومنع الحريات.. والأكثر تقزيزاً في هذا المقال هو انكشاف أمر الكاتبة التي ظهرت للعلن لإكمال مسيرة والدها في مشروع تصدير الثورة الخمينية، وهو الذي كرّس حياته لتحقيق الهدف الإيراني في احتلال البحرين.

مجلة فورين بوليسي تابعة لمؤسسة الواشنطن بوست ومعروفة بمساندتها للسياسات الخارجية الأمريكية، التي كانت طوال تاريخها ضد حقوق وحريات الشعوب، وتعد من القوى الناعمة الداعمة للاستراتيجيات الأمريكية في المنطقة، ومن يعرف ذلك الدور الوحشي لتلك المؤسسات الاستخباراتية في المنطقة خلال القرن الماضي يصب بالدهشة وهو يقرأ مقالات دعم الثورات والحريات في هذه المجلات الأمريكية.

وبينما تحاول الإدارة الأمريكية، بقواها الناعمة، تغيير صورتها القبيحة في المخيلة العربية، نراها من خلال هذه المقالات تساند الإرهابيين والغوغاء في البحرين والخليج العربي.. وفي الجانب الآخر تستغل الكاتبة جهل زميلها (الكاتب الأمريكي) بالبحرين للترويج لوالدها الإرهابي باعتباره أحد أقطاب المجاميع المتصارعة على قيادة الشارع البحريني، وهو يدير من مكتبه في لندن مجموعة ١٤ فبراير الإرهابية التي تجند أطفال البحرين لممارسة العنف والارهاب، في انتهاك صارخ لكل عهود واتفاقيات حقوق الإنسان وحقوق الطفل الدولية والوطنية.

وقد كان المقال غبياً جداً في فضحه للخلاف والصراع القائم بين القيادات الطائفية في البحرين، بين مجموعة ١٤ فبراير الإرهابية بقياداتها اللندنية، ومجموعة «الوفاق الإسلامية» التابعة للولي الفقيه الإيراني، التي ركبت موجة عنف الأطفال في شوارع البحرين وتمارس كل أنواع الكذب لضرب مصالح الوطن بهدف إسقاط النظام والاستيلاء على الحكم.. نعم كانت الكاتبة غبية جداً جداً جداً في ذلك المقال الذي كشفت فيه عن الصراع الذي حاول والدها إخفاءه لسنوات طويلة، وحاول ملالي طهران ووكلاء ولي الفقيه الإيراني إدارته وتغطيته طوال السنوات الماضية، حتى طفا على سطح الإعلام بسبب غباء الجيل الجديد من أبناء قيادات الحركة، المتشبعين كلهم بالأحقاد والكراهية، وهو جيل بات ينتظر قطف الثمار وتسلّم راية الزعامة وخيراتها.

إضافة إلى ما سبق، فضحت الكاتبة في مقالها، الذي يفتقر إلى كل معايير الوعي السياسي، حقيقة وأسباب العنف في شوارعنا، مؤكدة أنه نتاج الخلاف المتصاعد بين إرادة القوى المتصارعة على الزعامة وقيادة الانقلاب الذي يستهدف إسقاط النظام البحريني وقيام نظام طائفي خطير في البحرين، وإن هذا الخلاف هو سبب تصاعد تلك العمليات الإرهابية، التي تهدد الأفراد والجماعات والمؤسسات، في البحرين.

فهل الإدارة الأمريكية قررت الوقوف مع الإرهاب في منطقتنا؟!

وهل حقاً تحالَف الغرب، الأوروبي الأمريكي، مع الإرهابيين، فيما يُدعى مشروع تصدير «الديمقراطية» للمنطقة؟! أم أن هناك إصرارًا غربيًا أمريكيًا على تكرار النموذج العراقي الذي مازالت مشاهده الطائفية الدموية تنزف في حفلات التفجير والقتل المستمرة منذ تسعة أعوام، بعد إطلاق يد العصابات الإرهابية الإيرانية وأكثر الأنظمة دموية وإرهاباً في العالم للبطش بالعراق والعراقيين؟





sameera@binrajab.com



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

    الأعداد السابقة