الجريدة اليومية الأولى في البحرين


أخبار البحرين

الشيخ الدكتور عبداللطيف المحمود:
أكثر من مجموعة من أبناء الطائفتين يدعون إلى المصالحة

تاريخ النشر : السبت ٧ يناير ٢٠١٢



أكد فضيلة الشيخ الدكتور عبداللطيف المحمود رئيس تجمع الوحدة الوطنية في خطبة يوم الجمعة أمس أنه توجد الآن أكثر من مجموعة من أبناء الطائفتين تسعى كل منها إلى المصالحة، وقال: ونحن مع هذه المصالحة الوطنية التي تسد باب الاحتقان الطائفي من أجل ضمان مستقبل آمن لكل من يعيش على هذه الأرض.. مشيرا إلى أن هذا الأمر قد يكون صعبا ولكنه ليس مستحيلا.
وأشار في خطبته إلى الدعوة التي صدرت عن غرفة تجارة وصناعة البحرين لعلماء الطائفتين والشخصيات الفاعلة في المجتمع لتهدئة النفوس ونبذ أعمال التخريب وأجواء التوتر والعمل على إعادة أجواء الأسرة الواحدة.. وأضاف الشيخ المحمود: هذه الدعوة جاءت متأخرة كثيرا من بدء الأزمة، وبعد أن أحاطت بهم من كل جانب، وأثرت تأثيرا كبيرا على المصالح المالية.. وقد دعوتهم من قبل إلى اتخاذ موقف ولكنهم لم يسمعوا النصح.
(التفاصيل)
في خطبة يوم الجمعة أمس تحدث فضيلة الشيخ الدكتور عبداللطيف المحمود رئيس تجمع الوحدة الوطنية عن المصالحة، وعن دعوة غرفة تجارة وصناعة البحرين تحت عنوان «الأمر بالصلح»، فقال:
أمر الله تعالى المسلمين بالصلح بين المتنازعين، وخاصة إذا كانت الخصومة بين بعضهم بعضا، وقد جاء الأمر به في قوله تعالى: «وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبلا الْمُقْسِطِينَ. إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون».
وقال عن الصلح في كل نزاع يقع بين المتخالفين: «وَالصلالْحُ خَيْر» (سورة النساء)، وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (الصلالْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إِلاَّ صُلْحًا حَرَّمَ حَلاَلاً أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا، وَالْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ إِلاَّ شَرْطًا حَرَّمَ حَلاَلاً أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا)، رواه التشروط نجاح الصلح
ولتنجح مساعي الصلح لا بد للساعي بالصلح أن يكون عادلا في سعيه، فلا يسوي بين المخطئ والمصيب أو بين المعتدي والمعتدى عليه أو بين الظالم والمظلوم، فإن ذلك أدعى إلى عدم نجاح مساعيه، ولهذا لا بد أن يكون موضوعيا في تقصيه لحقائق الأمور، ولذلك قال سبحانه لمن يسعى بالصلح: «فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبلا الْمُقْسِطِينَ».
وفي هذه الأيام تسعى أكثر من مجموعة من أهل هذه البلاد من الطائفتين للصلح بينهما، وهذا جهد مشكور ومبرور إن شاء الله بمقدار ما في قلوب الساعين من إخلاص، وبمقدار ما تكون في قلوب المتخاصمين من إرادة لتحقيق الصلح، ولقد قال الله تعالى في شأن الحكمين اللذين يسعيان للصلح بين الزوجين: «وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِالخطوات العملية للإصلاح
ونريد أن نعين هؤلاء الذين يسعون للإصلاح بين الناس جزاهم الله كل خير حتى ينجح مقصودهم فنقول لهم: إن على الساعي بالصلح أن يحدد محل النزاع بين الطرفين أولا، ثم ينظر في موقف الطرفين المتنازعين وما بدر من كل منهما حول محل النزاع، ليحدد مكمن الخطأ هل من طرف واحد أو من الطرفين، ثم يضع الحلول الممكنة لعلاج النزاع ومعالجة أسباب الخلاف.
محل النزاع في الخلاف الواقع حاليا
بالنسبة الى تحديد محل الخلاف الواقع الآن بين أهل السنة وبين قادة وزعماء الأزمة التي حدثت في البحرين وأتباعهم من بعض الطائفة الشيعية هل الخلاف قد وقع بسبب الدعوة الى الإصلاحات السياسية أم بسبب الاحتقان الطائفي الذي ظهر بين الطائفتين؟
المطالبات بالإصلاح السياسي لم تكن سبب الخلاف، بدليل أنه قد وقعت أزمات متعددة بين من أثاروا هذه الأزمة مع الحكومة في الثمانينيات والتسعينيات وبداية الألفية الثالثة ولم تقع خصومة بينهم وبين أهل السنة، فقد كان أهل السنة متفرجين على المشهد رغم ما كان يظهر من البعد الطائفي لتلك الأزمات. بل إنه لم تحدث أي مواجهة بين أهل السنة وبين الذين أثاروا الأزمة وأتباعهم خلال الفترة من 14 إلى 19 فبراير، وقد كان أهل السنة متفرجين، بل كان بعضهم يؤيد بعض تلك المطالب.
غير أن ما حدث من مظاهر الكراهية والأحقاد والعدوانية من أتباع قادة الأزمة يومي 20 و21 من فبراير بعد إخلاء الدوار وسقوط قتلى من الذين احتلوا الدوار أثناء إخلائه تجاه إخوانهم من أهل السنة الذين كانوا يتعايشون معهم خلال سنوات أعمارهم وسنوات تعارفهم وتزاملهم وإلى ما قبل إخلاء الدوار في مقار الأعمال وفي الوزارات وفي المستشفى والمراكز الصحية وفي المدارس وفي الجامعة هو الذي أثار أهل السنة وشعروا بالخطر من شركائهم في الحياة وفي الوطن.
هل قام المواطنون المدنيون من أهل السنة بالهجوم على من في الدوار وأسقطوا القتلى والجرحى حتى يقابلوا بهذه الكراهية والعدوانية والأحقاد؟
متى نشأت الكراهية والأحقاد وما أدت إليه من مظاهر العدوانية؟
وهل كان يمكن أن تكون هذه الكراهية والأحقاد والعدوانية طارئة أم كان وراء ذلك سنوات كثيرة من التعليم والتربية والتثقيف والشحن في البيوت والمآتم والمساجد والمراكز وغيرها؟
هل سينتهي الاحتقان الطائفي بمجرد حدوث الاتفاق على الإصلاحات السياسية؟
هل ستعود الثقة والألفة الاجتماعية التي كانت بين الأطراف إلى سابق عهدها بمجرد حصول الإصلاحات السياسية المتفق عليها؟
هل ستكون الإصلاحات السياسية المتفق عليها مانعا من بروز الاحتقان الطائفي مرة أخرى عند أي حدث سياسي أو اجتماعي؟
نحن مع المصالحة الوطنية
نحن مع المصالحة الوطنية التي تسد باب الاحتقان الطائفي من أجل ضمان مستقبل آمن لكل من يعيش على هذه الأرض من أبناء وبنات الأجيال التالية، ونعمل بكل جد واجتهاد لعدم حصول مثل هذه الأزمة لهم كما حدثت لنا في هذا الزمن.
تهيئة الأجواء
قد يكون الأمر صعبا ولكنه لن يكون مستحيلا، ويمكن أن تهيئ الساحة لذلك إذا ما صدرت الأوامر من القادة الدينيين والسياسيين المطاعين بتحكيم هدي الله تعالى وهدي رسوله (صلى الله عليه وسلم) وهدي أئمة أهل البيت وهدي علماء الأمة بإيقاف العنف الذي يجري في الشوارع وفي القرى، واستنكاره بكل وضوح ومن غير مواربة، وهي أمور تعطل مصالح الناس وتؤثر على الاقتصاد والأعمال وتزيد البطالة والفقر ومعلوم أن ذلك مقصد من مقاصد دعاة الأزمة، فإن الله تعالى يقول عن أقوام أعرضوا عن هدي السماء مع أنهم يدّعون أنهم يريدون الحق: «وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الأمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلا نُفُورًا. اسْتِكْبَارًا فِي الأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ ولا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلا سُنَّةَ الأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلا. أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ ولا فِي الأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا».
دعت غرفة تجارة وصناعة البحرين علماء الطائفتين والشخصيات الفاعلة في المجتمع الى تهدئة النفوس ونبذ أعمال التخريب وأجواء التوتر والعمل على إعادة أجواء الأسرة الواحدة.
ونرى أن هذه الدعوة أولا قد جاءت متأخرة كثيرا كثيرا من بدء الأزمة، وفيما يظهر فإن الأزمة الآن قد أحاطت بهم من كل جانب وأثرت تأثيرا كبيرا على المصالح المالية، والمال شق ثانيا: لقد دعوت ممثليهم عند بدء الأزمة الى أن يتخذوا موقفا يحفظ أموالهم ويحفظ البلاد ومصالح العباد ولكن لم يسمعوا النصح، وهذا يذكرنا بقول الشاعر:
أمرتهم أمري بمنعرج اللوى
فلم يستبينوا النصح إلا ضحى الغد
هل كان خوفهم على أموالهم أشد من خوفهم على وطنهم؟
على أحسن الأحوال والظنون فإن هروب الأموال الأجنبية وأصحابها وقت الأزمات له اعتبار لأنها تبحث عن الربح أينما كان، وقد قيل رأس المال جبان، أما أصحاب المال الوطني فكنا نود أن نراهم أكثر حصافة ورؤية للأحداث التي مرت.
وثالثا: فإن ممثلي الغرفة قد تواصلوا مع علماء من الطائفتين أثناء الأزمة من بداياتها، وهم يعرفون من من هؤلاء كانوا غير مبالين بمصالح الوطن والمواطنين ومن منهم كان يخشى على مصالح الوطن والمواطنين؟ فما كان ينبغي أن يجعلوا مناشدتهم لعلماء الطائفتين كأنهم على مستوى واحد من المؤاخذة، ولكنه الخوف على المال والأعمال رغم كل ما ظهر من حقائق.