عزة وطن
تاريخ النشر : السبت ٧ يناير ٢٠١٢
عبدالله المناعي
لا تطلب العزة من الوطن ولكن كن عزيزا لتعزّ وطنك. هذا هو النهج الذي يجب أن يتبعه البحرينيون، وإلا عاشوا أذلاء في وطنهم، وأذلاء في أوطان غيرهم. أسمع الكثير من البحرينيين يقولون هذه الأيام «انظر.. إن الدولة تذلنا»، ولكن الواقع يقول إن العزيز لا يذل مهما ضاقت به الدنيا، وحتى لو اجتمعت قوى العالم لإذلاله. فالعزة تنبع من النفس ومن يمش رافعا رأسه شامخا كالجبال لا يمكن لأي مخلوق أن يذله مهما حصل ومهما فعل.
نعم، الدولة ترتكب أخطاء.. فمهرجانات وافتتاحات واحتفالات وسباقات خيل تنظم وأسطوانات تطلق، بينما يعاني البلد أزمة حقيقية لا يعلم أحد ماذا سيكون آخرها؟! وتعتمد البلد مستشارين أجانب وتقدمهم على المواطنين كسرا للبروتوكولات والأعراف لكي تأخذ منهم الرأي السديد، بينما الرأي السديد هذا هو نفسه الذي قدمته عقول بحرينية منذ أعوام مضت. وهذا هو الحال لأن العقول البحرينية التي تدلي بالنصح لا تقاس كلها بكفاءتها، ولكن الكثير من تلك العقول تقاس بمدى قيمتها الترفيهية في الليالي الملاح أو مدى القدرة على شرائها.
نسمع عن بعض أبناء العوائل البحرينية الذين آثروا الرحيل عن وطنهم لأنه عرضت عليهم الجنسيات في بلدان أخرى يعتقدون أنها تعز مواطنيها وستعزهم هم أيضا. ولكن ما لم يعوه هو أنهم إذا ذهبوا ابتغاء للعزة - التي ظنوا أنهم لم يجدوها في وطنهم - فإنهم قد أذلوا أنفسهم في وطنهم وسيذلون في وطن غيرهم وسيعيش أبناؤهم ذليلين لأجيال قادمة.
يقول أحد الحكماء الأمريكيين إن عزة الإنسان قد تتم مهاجمتها أو تخريبها أو يسخر منها بقسوة ولكنه لا يمكن سلبها منه إلا إذا قرر تسليهما. فمن يعتقد أن الدولة هي التي تهب المواطن عزته وكرامته فإنه لا يعي معنى العزة. فالحقيقة هي أن المواطن هو من يمنح الدولة العزة وليس العكس. فإن عاش المواطن عزيزا يعمل ويكافح ويبني ليعز نفسه ويعز أسرته وباقي أفراد وطنه فإن الدولة تعتز بمواطنيها، ولكن إذا انتظر المواطن أن تمنح له العزة مكرمة ووساما فإنه يعيش في سبات الذل ولا يمكن له أن يفيق منه. وقد قال الفيلسوف أرسطو في ذلك إن العزة لا تتمثل في حيازة أوسمة الشرف ولكنها تتمثل في وعينا بأننا نستحقها. فلا فرق بين هذا الشخص وآخر يحب البهرجة والمراسم لأنه يعتقد أنها تعطيه هيبته وعزته، ولكنه يفعل ذلك لأن لديه شعورا بالنقص والعوز، ويشعر بالضآلة أمام أقرانه وأصحابه.
هذا وطننا نعيش أعزاء فيه ونموت أعزاء فيه مهما حدث. ومن قرر الرحيل ابتغاء للعزة فلا حاجة لنا بذليل يحاول إذلالنا معه.