الجريدة اليومية الأولى في البحرين


راصد


استخدام القانون المحلي المخالف للقوانين الدولية

تاريخ النشر : الأحد ٨ يناير ٢٠١٢

جمال زويد



هو سؤال ذكرناه بعد ظهور تقرير اللجنة الملكية المستقلة لتقصي الحقائق برئاسة السيد محمود شريف بسيوني، نحتاج الآن من الدولة إلى أن تجيبنا عنه، وتحدد موقفها وتبين لنا أسانيدها فيما ستعتمده من إجابة نعتقد أنها تشكل تحوّلاً مهماً ومحورياً في التشريعات البحرينية. السؤال الذي نعنيه هو: ما هي قصة القانون الدولي الواجب التطبيق، الذي ورد ذكره في تقرير لجنة بسيوني في عدّة مواقع؟ بمعنى أدق: هل يعني ذلك أن تتخلى الدولة عن قوانينها المحلية؟ وهل يعني ألا يكون لها الخصوصية في تشريعاتها بما يتناسب مع طبيعتها وموقعها ويعبّر عن سيادتها أو يمثلها، فضلاً عن قيمها وموروثاتها الشرعية والوطنية؟ وهل سيكون ذلك مدخلاً لتغييرات تشريعية غايتها إرضاء القانون الدولي؟
أهمية السؤال تكمن فيما جرى بعد صدور ذاك التقرير من إسقاط تهم وتنازلات وتراجعات عن تطبيق قوانين يُفترض أن تكون سارية ومعمولا بها في إطار دولة مؤسسات وقانون، ولا يمكن القبول بإسقاطها أو وقف العمل بها لمجرّد أن لجنة فيها مجموعة من الأساتذة والخبراء الدوليين والأمميين قالت بذلك، وهو رأي يُؤخذ به أو يُرد، ولم يحمل صفة إلزام تطيح باعتبار مؤسساتنا القضائية ومؤسساتنا النيابية والتشريعية!! والأسوأ من ذلك أن جمعيات أو قوى المعارضة أخذت هذه التوصية من تقرير بسيوني وصارت تستند إليها وتحتج بها في ممارساتها حتى أننا قرأنا مؤخراً في بيانها بشأن عدم موافقة وزارة الداخلية على الترخيص لمسيرة جماهيرية لهذه الجمعيات في شارع الخدمات بتوبلي اتهاماً واضحاً من تلك الجمعيات للسلطة تقول فيه: إن عملية المنع مخالفة صريحة للحق الأصيل في حرية الرأي والتعبير وتعسف واضح ومعلن في استخدام القانون المحلي المخالف للقوانين الدولية».
ونخشى في قادم الأيام أن يصدر قضاتنا في ساحات المحاكم قراراتهم فيأتيهم من ينقضها ويدّعي بطلانها ويطالب بنسفها وإسقاطها وجعلها كأن لم تكن، لا لشيء إلا استناداً إلى مخالفتها للقوانين الدولية حتى لو كانت في قضايا الميراث أو الزواج والطلاق أو ما شابهها من أحكام لا تقبل تدويلها.
في شهر أغسطس الماضي عندما اندلعت احتجاجات توتنهام في بريطانيا ثم تبعتها احتجاجات شارع وول ستريت بنيويورك، وتعاملت السلطات البريطانية والأمريكية معهما بالقوة -مثلما تابع الجميع- ومنعت استمرار احتجاجاتهما من دون خوف من ضغوط، ولم يقل لهم أحد إن هذه الاحتجاجات التي منعتموها وقمتم بقمعها وعدم السماح لها: أنكم - بريطانيا وأمريكا- قد تعسفتم في استخدام القانون المحلي المخالف للقوانين الدولية!!
سانحة:
نتفهّم مطالبة جمعية الوفاق السلطات المختصة بالاعتذار للحقوقي نبيل رجب بعد تعرّضه للاعتداء -بحسب رواية الجمعية- لكن: هل تستطيع جمعية الوفاق أو أخواتها القيام بمثل ما تطالب به فتعتذر لآخرين، وهم جموع من المواطنين والمقيمين؛ منهم من تضرّرت حياتهم وممتلكاتهم ومنهم من تعطّلت مصالحهم ومنهم من تهدّدت سلامتهم ومنهم ومنهم كثيرون لا يفضلهم نبيل رجب بشيء حتى نطلب الاعتذار إليه بينما نسقط هذا الحق عن الآخرين.