عالم يتغير
حين يصبح أمن واستقرار المجتمع مادة ابتزاز سياسية
تاريخ النشر : الاثنين ٩ يناير ٢٠١٢
فوزية رشيد
{ الجماعات المتطرفة والارهابية وحدها وفي أي دولة في العالم، هي من تجعل الأمن والاستقرار للمجتمع الذي تعيش فيه مادة ابتزاز سياسية، أو ورقة سياسية ضاغطة للحصول على ما تريد «فئويا» كجماعة متطرفة وارهابية، وفي ذلك الاستخدام أو الابتزاز لا يهمها من يموت ولا عدد من يموت ولا يهمها ما تحدثه من فوضى وخراب، مثلما لا تهمها المصلحة الوطنية، ولا تهمها المصلحة الشعبية الكلية، بل الذي يهمها هو التحريض على الارهاب والعنف، واستخدام عناصرها من الأتباع وتدريبها، لتحويلها الى مادة يتم توجيهها نحو ضرب المصالح الوطنية والشعبية وتحويل العنف والارهاب الى ورقة سياسية يتم تحصيل ما بالامكان تحصيله منها سياسيا.
{ لذلك فإن قادة التحريض والارهاب هم جماعة أنانية لا أخلاقية، اقصائية، ديكتاتورية، ضيقة الأفق، تفتقد الرؤية الوطنية الجامعة، ولا تفكر الا في مصالحها الضيقة وأجندتها الخاصة، وفي سبيل ذلك قابلة لأن ترتكب كل الحماقات، وان تدمر المجتمع بما تشحن عناصرها به من مشاعر العنف، التي لا تستوي الا في اجواء الكراهية والحقد والبغضاء، وتعتقد ان من حقها ان تفعل ما تشاء، ولذلك هي تستعين بكل الأساليب المشروعة وغير المشروعة لتحقيق أجندتها، وفرض نفسها عبر العنف والارهاب على الواقع، ولذلك ايضا هي ليست جماعات سياسية بالمعنى الحرفي لهاتين الكلمتين، لأن وسيلتها العنف وخلط الاوراق وخلط المفاهيم ثم التباكي على ما تعتقده حقوقا خاصة بها، هي باختصار لا ترى احدا غير نفسها.
{ ولعل القوى المتطرفة في المجتمع البحريني، التي تقود اليوم العنف والارهاب فيه لا تبتعد كثيرا عما قدمناه من وصف للجماعات الارهابية في المجتمعات الاخرى.
نحن اليوم امام مزيج اخطر في التشكيل، حين تتداخل فيه أساليب التحريض العقدي الطائفي، بأساليب المطالب السياسية مقرونة بفرض الرؤية الاقصائية على ارض الواقع من خلال عمليات العنف والارهاب، وتحويل الضحايا الذين هم ضحايا تحريضها، الى «سلعة دينية» تحت مسمى الشهداء، والى سلعة سياسية تحت مسمى المناضلين من اجل الحرية والكرامة، والى سلعة تفكيكية تضرب الوطن وأمنه واستقراره، وسط ذلك الخليط الاعلامي- الدعائي، باعتبارات تمويهية تحت مسميات الثورة والمقاومة والاحتلال وغير ذلك من المسميات المستوردة التي لا تمتلك اي ارضية او مصداقية في البيئة البحرينية الطبيعية والجامعة، بدليل نبذ غالبية هذا الشعب وبكل مكوناته هذه الجماعات واطروحاتها وسلوكاتها وممارساتها القائمة على الاستفراد بالتصرف والاستبداد بالرأي، فيما لا توافق شعبيا عليه.
{ اليوم تقف «الوفاق» وأتباعها، محشورة في الزاوية الضيقة حتى على المستوى الشعبي، فيما هي تتوهم الانتصارات والثبات وتعتقد انها تمتلك مفاتيح النصر ومفاتيح الحقيقة، وانها جهة مطلبية مسالمة وتحاول تكذيب عيون الناس وذر الرماد فيها والتمويه على العقول، بأنها ليست هي ومن تحالفهم من جماعات التطرف والارهاب في الخارج وراء ما يحدث على الارض من عنف وتخريب، بل اصبحت هي والمفوهون باسم المطالب المزعومة التي هي خارج التوافق الوطني، تمارس الادعاءات والكذب الصريح، وتسقط على كل من يخالفها دولة او شعبا ما تمارسه هي في حق الآخرين، وتتجاهل انها اليوم تحرق الوطن باسم اصلاحه، وتحرّض على العنف والارهاب وتنكر على الدولة المعالجة الأمنية لما تحرض عليه، وتجعل من رجال الأمن مجرد دمى خارج الحقوق الانسانية المؤكدة والمشدد عليها، لمن يحافظ على أمن الوطن واستقراره من العنف والتخريب، وتقلب الحقائق فتتهم الدولة والشعب الذي يخالفها بالديكتاتورية أو أنهما ضد الديمقراطية، وتتجاهل حجم الفداحة في ممارسة ديكتاتوريتها هي، رغم انها وأنهم مجرد جمعيات أو فئات من مكونات هذا الشعب، وتصف غالبية الشعب «بالبلطجة» والمرتزقة والطبالة فيما هي تدفع جماعاتها وأتباعها لممارسة «البلطجة» الحقيقية في الشارع، وتغذي اطراف الشغب بالمال، فتحولهم الى عناصر ارتزاق حقيقيين بدورهم، وتتخذ من وسائل الاعلام الفتنوية بوقا للصوت العالي، كأنها تريد أخذ الوطن بذلك الصوت العالي، الذي يخالطه الكذب والادعاء والابتزاز والفبركة، ولتتحول في نهاية الأمر هي ومن معها ومن يتبعها من جمعيات وجهات اخرى، الى بلاء حقيقي على هذا الوطن وشعبه وسلمه الأهلي ومشروعه الاصلاحي، وكل ذلك يتم وسط اجواء دخيلة على هذا الشعب من استقواء بالخارج اقليميا ودوليا، واستقواء طائفي أينما كان، وحيث لا حرمة لوطن ولا اهتمام بمعايير الوطنية، إلا بما تتم الاستعانة به من كلمات فارغة من أي مضمون، وحيث السلوك يخالف الكلام دائما.
{ اليوم «الوفاق وأتباعها» لم تعد وحسب التسمية التي تطلقها على نفسها معارضة سياسية، انما هي قد تحولت بالتدريج ومنذ نشأتها العلنية، ناهيك عن احوالها حين كانت في اطار السرية، تحولت الى جماعات متطرفة ترعى الارهاب والعنف في المجتمع البحريني، وتطبطب على اصحابهما، وتدافع عنهم بكل ما تملك من حيل وشعارات سياسية كاذبة، وتدفع الى القفز على القانون، وتستعير مواجهات الماضي الطائفية التاريخية لتختزل الواقع البحريني فيه، وتسرد حكايات البطولة والنضال، فيما لا ينطبق لا على ممارساتها ولا على أهدافها المرهونة لمرجعيات عقدية وسياسية خارجية، وهي لذلك وغيرها، ومعها جماعات التطرف والارهاب التي تنعق من الخارج، بحاجة فعلية ماسة، الى وقفة شعبية تجبرها ليس فقط على اعادة مراجعة خطابها التحريضي، ومراجعة ما تفعله من ضرب أمن واستقرار البحرين باسم الاصلاح، وانما على ان ترى نفسها في مرآة الحقيقة، وكما تراها غالبية هذا الشعب، بأنها جماعة متطرفة ترعى الارهاب والعنف بشعارات سياسية، وان الأوان قد آن ليتخذ هذا الشعب منها، موقفا نهائيا وصحيحا طالما هي مستمرة في غيها، وضرب السلم الأهلي، وحرق الوطن بدعوى اصلاحه ودمقرطته، وان تتوقف عن ادعاء انها معارضة سلمية.