أخبار البحرين
برنامج الأمم المتحدة يحتفل بصدور التقرير السنوي للتنمية البشرية
البحرين الثالثة عربيا والـ 42 عالميا من بين 187 دولة
تاريخ النشر : الثلاثاء ١٠ يناير ٢٠١٢
جاءت مملكة البحرين في المرتبة الثالثة عربيا وفي المرتبة الـ 42 عالميا على سلم مؤشر التنمية البشرية لعام 2011 من بين 187 دولة من دول العالم أدرجها التقرير. واحتفظت المملكة بموقعها ضمن الدول ذات التنمية البشرية العالية جدا خلال العقدين الأخيرين، ولم يسبقها في سلم الترتيب وبمقادير محدودة سوى دول العالم المتقدم كالنرويج واستراليا وهولندا، بحسب ما أورد التقرير الأخير لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الذي تم الاحتفال بإعلان صدوره أمس في مدينة أبوظبي بدولة الامارات العربية المتحدة.
وأشار التقرير الذي يحظى بتقدير عالمي واسع وتنتظره الكثير من الدول والمؤسسات باعتباره أحد أهم معايير التقييم لجهود الدول في مجالات الاهتمام والعناية باحتياجات مواطنيها الإنسانية إلى أن قيمة الدرجة التي نالتها المملكة على سلم المؤشر بلغت 0,806 درجة بفرق لا يزيد على 0,137 درجة على الدولة الأولى عالميا، وبنحو 0,04 درجة فقط عن الدولة الأولى خليجيا وعربيا. وقال التقرير إن البحرين استطاعت - خلال الفترة من 1990 تاريخ صدور أول تقرير للتنمية البشرية إلى إعلان صدور آخر تقرير عام 2011 - استطاعت تحقيق العديد من مظاهر التقدم، مشيرا إلى أن قيمة درجتها في التصنيف العالمي لم تتجاوز عام 1980 أكثر من 0,651 ووصلت عام 1990 إلى 0,721 ثم 0,773 عام 2000 وإلى نحو 0,795 و0,805 عامي 2005 و2009 على التوالي، وهي القيمة التي احتفظ بها مؤشرها عام 2010 أيضا، وذلك في المركز الـ39 عالميا والأولى خليجيا وعربيا. ويعكس التطور البحريني في التصنيف الدولي للتنمية البشرية مدى النجاح والتقدم المستمر الذي حققته الدولة رغم ما مرت به من أحداث مطلع العام الماضي والتداعيات التي مازالت تعاني منها بعض الدول بسبب الأزمة المالية العالمية ولم ينج منها سوى القليل من الدول.
وأكد التقرير في ثنايا تقديمه أن هذه المرتبة لا تتحقق إلا وفقا للعديد من المعايير الحقوقية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، من قبيل متوسط العمر المتوقع عند الولادة ومتوسط سنوات الدراسة ومتوسط الدخل الفردي، فضلا بالطبع عن الحريات المدنية والسياسية ومؤشرات التمكين الأخرى من قبيل إجراء الانتخابات والقدرة على التغيير واللامركزية الديمقراطية والالتزام السياسي وغير ذلك الكثير.
وفي هذا الشأن أشار التقرير إلى أن البحرين شغلت المركز الـ44 عالميا على مؤشر المساواة أو التكافؤ بين الجنسين سواء في مجال التعليم أو العمل أو الخدمات الصحية أو المقاعد بالبرلمان. كما أنها لم تدرج على مؤشر الفقر المتعدد الأبعاد، مما يؤكد النجاح على هذا الصعيد، حيث القضاء تماما على ما يسمى الفقر المدقع والجوع، وهو من ضمن أهداف الألفية الإنمائية المحققة بالكامل في المملكة، والتي توصف بأنها غير مناسبة للبحرين أو لا تنطبق عليها بسبب السياسات الحكومية المعتمدة والتي تقوم على توفير الخدمات الأساسية بشكل مجاني للجميع.
وذكر التقرير أن المملكة على صعيد التنمية البيئية المستدامة تمكنت من تحقيق طفرة هائلة على هذا المستوى، حيث حقق مؤشر الأداء البيئي الخاص بها، وهو مؤشر فرعي جديد تبناه تقرير العام الأخير، نحو 42 درجة، وبلغت نسبة الرضا العام عن الحياة 5,9 من 10 درجات، وتجاوزت نسبة تعليم الكبار أكثر من 90%، وذلك بما يفوق معدل الـ106 في التعليم الابتدائي و96% في المرحلة الثانوية.
وحول معدل التدفق الاستثماري، اعتبر التقرير أن البحرين حققت معدلا يتجاوز 1,2% من الناتج المحلي الإجمالي، وتجاوز الإنفاق العام على كل من الخدمات التعليمية والصحية نحو 4,5% من الناتج المحلي الإجمالي.
والبحرين بهذا الموقع المتقدم الذي يضارع الدول الأوروبية المتقدمة تتقدم على سلم المؤشرات التنموية جميعها، إذ يصل متوسط العمر المتوقع عند الولادة إلى نحو 76 عاما، ويصل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 28240 دولارا أمريكيا.
كما تتجاوز نسبة السكان الذين تشملهم شبكة الهاتف النقال الـ100، وتصل نسبة النمو لمستخدمي الانترنت بحسب عدد السكان إلى نحو 907، وتصل نسبة العاملين إلى مجموع السكان من الفئة العمرية الممتدة بين 15 و64 عاما إلى نحو 61%، وهي نسبة تقارب الدولة الأولى عالميا التي تتصدر دليل التنمية البشرية. ولا شك أن هذه المؤشرات التي أدرجها التقرير على مدى صفحات ملحقه الإحصائي تكشف عن عدة أمور مهمة، منها أن البحرين - وفقا للموارد المتاحة ورغم أنها لا تتوافر بشكل جيد مثل شقيقاتها الخليجيات - تمكنت من تعظيم الاستفادة بمواردها الاقتصادية المحدودة، ووجهتها بإدارة كفؤة التوجيه الأمثل لها بما ساعد على النهوض بقيمة المورد البشري لديها.
علاوة بالطبع على أن البحرين بذلك استطاعت توفير الفرص المتكافئة لمواطنيها من دون تمييز، الأمر الذي كان له عظيم الأثر في عملية التنمية المستدامة ـ والاستقرارين الأمني والسياسي بالطبع ـ التي تشكل محورا رئيسيا من محاور رؤية البحرين عام .2030
وتقدم البحرين بتلك الصورة لغيرها من الدول الخليجية والعربية خاصة، والنامية بشكل عام، نموذجا يستحق الثناء، حيث التطور والنمو في جميع المجالات رغم شح الموارد وندرتها من جانب والتحديات التي واجهتها من جانب آخر، الأمر الذي يعكس حجم الجهود المبذولة والسياسات البرامجية المعتمدة والمخطط لها خلال العقود الأخيرة للارتقاء بالمجتمع والمواطن وضمان أفضل مستوى معيشي له.
يذكر هنا أن أول صدور لتقرير التنمية البشرية كان عام 1990، وانطلق في رؤيته من مبدأ محدد، كان وما زال قلب عملية التنمية، وهو ما تبنته البحرين أيضا منذ عقود، وهو توسيع الخيارات المتاحة للأشخاص بشكل يكفل حياة أفضل ومستدامة للجميع، وأن الإنسان كان وسيظل الثروة الحقيقية لأي بلد بعيدا عن المعايير الملتبسة التي كانت تعطي أولوية قصوى لمعيار الدخول كمؤشر وحيد لتقييم مستوى رفاه الشعوب.
ومع النجاح في تطوير التقرير، سعى معدوه إلى التركيز في معالجاته على موضوع أساسي، حيث قدموا سنويا أحد أهم التحديات التنموية التي تواجه العالم وتستدعي الإحاطة به وتشخيصه وتقديم الحلول المناسبة للتصدي له، وكان موضوع التقرير الأخير يتعلق بالتنمية البيئية المستدامة وكيف يمكن استحداث أساليب جديدة مبتكرة لتمويل التنمية والتحديات والفرص التي تواجهها.
وعلى ما يبدو فإن هذا النجاح كان سببا أيضا في أن تحذو الدول العربية من خلال صناديقها الإنمائية حذو تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وتصدر تقريرا مماثلا تعرض فيه للتحديات التي تواجه عملية التنمية في العالم العربي، وهو التقرير الذي أصبح بدوره بحسب وصف الكثير من الخبراء معلما هاما من معالم الحوار والنقاش في المنطقة العربية.
ولا يخفى أن مثل هذه التقارير، البشرية أو الإنسانية على السواء، تتيح للدول والحكومات وضع الخطط والسياسات المناسبة لمعالجة التحديات التنموية التي تواجهها، وتصوغ بشكل أو بآخر الأولويات التي يجب الاهتمام بها بشكل كاف وبما يدعم عملية الوفاء بالاستحقاقات التي تحتاج إليها الشعوب.