المال و الاقتصاد
جمال الهزيم يقول:
المشكلة أن أحدا لا يريد الاعتراف بالمشكلة!
تاريخ النشر : الثلاثاء ١٠ يناير ٢٠١٢
جمال علي الهزيم.. رغم أنه شخصية مصرفية حتى النخاع، بعد أن أمضى الشطر الأعظم من حياته في البنوك الكبرى على أرض البحرين.. فإنه يعد من رجال الاقتصاد ذوي الآراء الصائبة والفكر الاقتصادي الرصين.
وجمال الهزيم الذي يحط برحاله الآن في «بي. ام. اي.» بنك رئيسا تنفيذيا، لا بد أن يكون له رأي يعتد به ويتعين الوقوف عنده، وخاصة في القضايا الكبرى المطروحة على الساحة الآن.
فما هو رأيه في مستوى التحليلات الاقتصادية المتداولة الآن في البحرين؟ وماذا يتوقع لنتائج البنوك على الأرض البحرينية عن نشاطها في عام 2011م؟ وماذا يقول عن مستوى التقييمات التي صدرت في الآونة الأخيرة عن أداء هيئة تنظيم سوق العمل، وهيئة صندوق العمل وتمكين؟ ثم ما هو رأيه في هذا التخبط الدائر بصدد التصريحات التي تتصدى لتقييم مدى تأثر الاقتصاد البحريني بالأزمة المالية العالمية أولا؟ ثم بالأحداث المؤسفة التي وقعت بالبحرين في الآونة الأخيرة ومازالت؟
وينتهي حوارنا معه عند المفارقات الحاصلة الآن في سوق البحرين حول أسعار الفائدة على القروض وعلى الودائع المصرفية؟
وكان لا بد أن نسأله في نهاية اللقاء عما فعله حتى الآن في «بي. ام. اي.» بنك، بعد أن أخذ زمام المسئولية فيه رئيسا تنفيذيا؟
الحوار:
× ويبدأ حوارنا مع السيد جمال هزيم الرئيس التنفيذي لـ «بي. ام. اي.» بنك حول رأيه في مستوى التحليلات الاقتصادية داخل البحرين؟
ــ يجيب قائلا: المشكلة ألا أحد يريد أن يعترف بالمشكلة حتى الآن!.. وفي رأيي أن العبء الأكبر يقع على أصحاب القرار.. كما يجب ألا نغفل دور القطاع التجاري في البلاد أيضا.
ثم يقول: المعادلة الآن تقول إن المحرك الرئيسي للاقتصاد هو الحكومة، والقطاع الخاص لا يملك القدرة على تحريك الاقتصاد.. ولذا يجب على الحكومة أن تدفع بمشاريعها حتى يتحرك الاقتصاد.. نحن في حاجة إلى ضخ مشاريع حكومية حتى تبدأ العجلة في الدوران بشكل أسرع.. فكلما تأخرنا أو حتى انتظرنا ضخ هذه المشاريع كان الضرر الذي يصيبنا أكبر!
ويواصل الأستاذ جمال الهزيم إجابته عن السؤال نفسه: المساعدة الخليجية وصلت إلى البحرين.. لذا أتمنى من حكومتنا أن تبدأ في إعلان مشاريعها الجديدة أو بعضها بسرعة حتى تتحرك العجلة.
نتائج بنوك البحرين
× بعد ذلك، هل تحدثنا عن توقعاتك لنتائج بنوك البحرين بالنسبة إلى ثمرات نشاطها في 2011م؟
ــ قال: بالتأكيد ستكون النتائج متقاربة مع نتائج 2010م.. وأقصد هنا بالضرورة بنوك التجزئة فوضعها جيد وستحقق أرباحا، والسبب في ذلك أنه توجد سيولة كبيرة في البلد.. ولكننا نحن الآن نعيش تحديا كبيرا أمام القدرة على ضخ هذه السيولة في شرايين الاقتصاد.
أما بالنسبة إلى البنوك الاستثمارية، فإنها تعيش وضعا أصعب بسبب ما يجري في العالم الآن.. ذلك أنها تعتمد اعتمادا كبيرا على القطاع الخارجي، بعكس البنوك التجارية.. كما أن عمل بنوك الاستثمار في معظمه يتم خارج البحرين.
× ما هو تقييمك لما يتردد هذه الأيام على الساحة البحرينية بخصوص هيئة تنظيم سوق العمل، وهيئة صندوق العمل.. سواء داخل السلطة التشريعية أو خارجها.. وبالتحديد ما هو رأيك في حكاية رسوم العمل؟
ــ يقول: كنت موجودا بالقرب من الذين فكروا في إيجاد هاتين الهيئتين على الأرض، فالفكرة في حد ذاتها صائبة.. لكن تنفيذ هذه الفكرة هو الذي يشوبه الخطأ.. لذا فإن الهدف من هذه الفكرة لم يتحقق حتى الآن!
وتساءل جمال الهزيم: ما هي الفكرة من دفع هذه الرسوم؟.. أليس الهدف هو تدريب الموظف وإعداده لمساعدته في الحصول على العمل المناسب.. أعتقد أن هذا الهدف لم يتحقق.. لكن لا ننكر أن هناك نجاحا بنسب متفاوتة في تحقيق هدف الأخذ بأيدي الشركات الصغيرة والمتوسطة.. لكن المؤكد أن الهدف الرئيسي الذي أشرنا إليه لم يتحقق.
ويواصل إجابته عن السؤال نفسه بقوله: ما نسمعه هو أن 80% من ريع هيئة تنظيم سوق العمل كان يذهب إلى تمكين، و20% إلى الدولة.. لكن الآن تقرر أن يذهب 50% إلى تمكين و50% يصب في الميزانية العامة للدولة.
وتساءل جمال الهزيم: أليست هذه الأموال قد دفعها رجال الأعمال والمفروض أن تعود عليهم بشكل مباشر؟.. ألا يجعل ضخ هذه الرسوم في خزانة الدولة بمثابة الضريبة؟ إذا كان الأمر كذلك، فلماذا لا يطلقون عليها اسمها الحقيقي.. حتى نكون واقعيين ونسمي الأمور بمسمياتها حتى يستريح الجميع؟!
الرأي الموحد غائب.. لماذا؟
× لم نسمع حتى الآن رأيا موحدا حول مدى تأثر اقتصاد البحرين بالأزمة العالمية؟.. ولا حتى بالأحداث المؤسفة التي حدثت في البحرين ومازالت.. فما هو رأيك أنت؟
ــ يجيب الرئيس التنفيذي لـ «بي. ام. اي.» بنك: بالحواس الظاهرة التأثر السلبي موجود وفعلا ملموس.. إن تأثير الأزمة العالمية ظاهر بشكل أكبر على العقار منذ ثلاث سنوات.. كما أن هذا التأثير ظاهر أيضا في قطاع الديون المتعثرة، وأبرز عوامل التأثير السلبي هو توقف التمويل.
ويقول: ثم إن تأثير الأحداث الداخلية على الاقتصاد البحريني ظاهر جدا أيضا.. والسبب بسيط وهو أن أي متعامل مع اقتصادنا لا بد أن يسأل عن الاوضاع وتأثيراتها.. فرأس المال جبان.. بصراحة نحن لا نعيش الآن أيامنا الذهبية.. والفلوس كانت موجودة في الماضي.. فإذا كان من واجب المواطن في الماضي أن يسأل ويدقق قبل استخدام أمواله.. فإنه الآن عليه أن يسأل ويدقق ألف مرة!
× ما هو رأيك في المفارقات الحاصلة على الساحة المصرفية بالنسبة إلى أسعار الفوائد على القروض بصفة عامة وعلى الودائع بصفة خاصة؟!
ــ ما يقال إن المصرف المركزي لا يتدخل في تحديد الفوائد أيا كانت.. فإن هذا صحيح.. وسبب هذه المفارقات في أسعار الفوائد هو أنها جزء من التنافسية الموجودة في القطاع المصرفي.. والمصرف المركزي نفسه يساعد على إيجاد هذه التنافسية.. وعلى ضوء درجة التنافسية واحتوائها تتحدد أسعار الفوائد.
وقال: لم استغرب عندما علمت أن الفائدة على القروض الشخصية في أحد البنوك قد انخفضت إلى 3,5% وقروض التمويل العقاري في عام 2008 كانت 8,5% واليوم نزلت إلى 6% وإلى 5,5%.. وهذا معناه أن التنافسية دفعت الفوائد إلى الأدنى ولم تدفعها إلى الأعلى.
ثم قال: أما أسعار الفوائد على الودائع، فسبب انخفاضها هو توافر السيولة بدرجة كبيرة في الأسواق.. والناس لا تحتاج إلى هذه السيولة.. وهذه السيولة تصبح عبئا على صاحبها إذا لم يتم توظيفها.. ويكفي أن نعلم أنه في دولتين مثل سويسرا واليابان، إذا وضعت وديعة في أي بنك لا بد أن تدفع أنت فائدة على هذا الإيداع!!
برنامج التعاون مع «تمكين»
× هل برنامجكم للتعاون مع تمكين لخدمة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لا يزال مستمرا؟
ــ يجيب السيد جمال الهزيم: نعم.. ولقد بدأ هذا البرنامج في نوفمبر 2010م، وكان حجمه 10 ملايين دينار.. كما استخدمنا هذا المبلغ في مدة تراوحت بين 6 و7 شهور.. ثم وقعنا اتفاقية ثانية قيمتها 10 ملايين دينار أيضا في سبتمبر 2011، وتنفيذ هذه الاتفاقية لا يزال مستمرا حتى الآن.
وأضاف: نحن نؤمن أن الشركات الصغيرة والمتوسطة هي بمثابة العمود الفقري لأي اقتصاد في العالم، وكلما صلح هذا القطاع صلح الاقتصاد في أي بلد.
والحقيقة أن «تمكين» يتعاقد مع المؤسسات المالية لتقديم تسهيلات، تتطابق مع أحكام الشريعة الإسلامية، إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة.. مع العلم أن تمكين يضمن 50% من هذا القرض.
المهم، يقول جمال هزيم: إن الـ 10 الملايين الأولى من البرنامج حققت نجاحا كبيرا.. وليس «بي. ام. اي.» بنك هو المشارك وحده في هذا البرنامج.. فهناك العديد من البنوك الأخرى المشاركة مع تمكين، وهذا فيه دعم كبير لاقتصاد البحرين.
× يلاحظ ان «بي. ام. اي.» بنك ينتشر بسرعة ملحوظة.. فما هو السبب؟
ــ هذا صحيح.. الآن لدينا 10 فروع بعد أن أنشئ فرعان جديدان في ديسمبر المنقضي.. وسينشئ فرعان آخران خلال الأشهر القليلة القادمة ليرتفع عدد الفروع إلى 12 فرعا.. وفي الوقت نفسه يتم تعزيز شبكة أجهزة الصراف الآلي.. ولدينا الآن شبكة أجهزة قوامها 30 جهازا.. وقد وصلت أجهزتنا للصراف الآلي إلى مستوى متطور جدا إلى درجة أنه يمكن إيداع النقد والشيكات من خلالها في أي وقت، ودفع الفواتير ببطاقات الائتمان من خلال هذه الأجهزة أيضا.. أي أن الخدمات التي تقدم داخل الفرع يمكن الحصول عليها من الصراف الآلي.. وهذا التطوير شمل الآن جميع أجهزة الصراف الآلي المملوكة للبنك.
× إلى أي مدى يكون دعم «بي. ام. اي.» بنك للمجتمع؟
ــ لدينا برنامج سنوي للتعاون مع المؤسسات الخيرية في البلاد، وتقديم المساعدات التي تتعلق بالاحتياجات المباشرة إلى المواطنين.. ونركز على الخدمات الحيوية من دون غيرها.. مثل برنامج مكافحة سرطان الثدي وعلاج المرضى بالمجان.. وكذلك بالنسبة إلى المعاقين.. وتنظيم برامج للفحص الشامل المجاني لجميع الأمراض.. ونركز أيضا على المتقاعدين وكبار السن.
× وماذا بالنسبة إلى توظيف البحرينيين؟
ــ لدينا 330 موظفا وموظفة، 80 منهم بحرينيون.
كما ان 90% من أعضاء الإدارة التنفيذية بحرينيون وليس مجرد العدد او النسبة الكبيرة من أبناء البحرين، بل إننا نحرص على إعدادهم الإعداد المصرفي الجيد، حيث نجري مسحا متواصلا على مواضع القوة والضعف لدى الموظفين العاملين في «بي. ام. اي.» بنك.