أخبار البحرين
على إثر جدل طويل:
«التشريعية» تسترد مرسوم هيئة الإفتاء للمراجعة!!
تاريخ النشر : الثلاثاء ١٠ يناير ٢٠١٢
بعد جدلٍ طويلٍ، قررت لجنة الشؤون التشريعية والقانونية بمجلس الشورى استرجاع تقريرها بشأن المرسوم بقانون رقم (34) لسنة 2010 بتعديل بعض أحكام القانون رقم (60) لسنة 2006 بشأن إعادة تنظيم دائرة الشؤون القانونية، من أجل مزيد من الدراسة.
وقد أشعل هذا المرسوم جلسة المجلس أمس حيث أعرب كثير من الأعضاء عن امتعاضهم من «جور» إحدى مواد المرسوم على صلاحيات السلطة التشريعية والانتقاص من هيبتها، عبر إلزامها بتفسير هيئة لا تعتبر سلطة قضائية.
وأكدوا أن إلزام السلطة التشريعية بالتفسير الذي يصدر عن هيئة التشريع والإفتاء القانوني يتداخل مع استقلالية السلطة التشريعية، ويخالف الدستور الذي نص صراحة على مبدأ الفصل بين السلطات.
من جانبها، قالت العضو رباب العريض ان المرسوم بقانون ينطوي على شبهتين بعدم الدستورية: الشبهة الأولى في الفقرة (3) من المادة الأولى من المرسوم بقانون، والتي قررت إلزام طرفي الخلاف بالتفسير الصادر عن هيئة التشريع والإفتاء القانوني بشأن نص قانوني أو دستوري، على الرغم من أن هذه الهيئة لا تعتبر سلطة قضائية، وإن كانت مستقلة بموجب التشريع الجديد، وفي كل التجارب الدولية لا تلزم السلطات التشريعية بتفسيرات صادرة عن هيئات. إذن يجب أن تقدم هذه التفسيرات على أنها فتاوى من دون إلزام، إذ أن إلزام السلطة التشريعية بهذه الفتاوى يعد تدخلا في نية المشرع وعمله، ومخالفا للمادة (32) من الدستور.
أما بالنسبة لشبهة عدم الدستورية الثانية - أضافت العريض - فتتمثل في أن المادة الرابعة من هذا المرسوم نصت على أن «يتكون جهاز قضايا الدولة المشار إليه في المادة السابقة من عدد كافٍ من المستشارين والمستشارين المساعدين يتم تعيينهم وترقيتهم بقرار من وزير العدل، ويسري عليهم جدول ورواتب القضاة وكافة البدلات والعلاوات والمزايا المالية المقررة للقضاة أو التي تقرر لهم، وذلك بما لا يتعارض وطبيعة الاختصاصات المعقودة للجهاز. ويصدر بقرار من وزير العدل لائحة بنظام التفتيش عليهم ومساءلتهم تأديبيا وسائر شؤونهم الوظيفية»، وعليه فإن هذا النص مخالف لمبدأ الحقوق والحريات العامة، وان المساءلة التأديبية يجب أن تصدر بقانون لا أن تكون بقرار من الوزير لأنها من اختصاصات المشرع لا الوزير، كما أن حق التقاضي يجب أن يكفله القانون وكذلك مُدد التظلم، مستشهدة في هذا الصدد بالمادة (31) من الدستور حيث تنص على أنه «لا يكون تنظيم الحقوق والحريات العامة المنصوص عليها في هذا الدستور أو تحديدها إلا بقانون، أو بناءً عليه. ولا يجوز أن ينال التنظيم أو التحديد من جوهر الحق أو الحرية». وانتقدت عضو المجلس لولوة العوضي المادة نفسها.. لافتة إلى أن هذه المادة من المرسوم تضع الدستور بجلالته تحت يد السلطة التنفيذية، وهو أمر غير مقبول. وحذرت السلطة التشريعية من تمرير هذا المرسوم قائلة «نحن مساءلون أمام الله وبموجب القسم الذي أقسمنا عليه بصيانة الدستور».
وبينت أن الدستور لم يمنح أي جهة سلطة تفسير القانون، وبالتالي فكيف تمنح هذه السلطة لجهة - وإن كانت مستقلة في الظاهر - إلا أنها تخضع إداريا للسلطة تنفيذية؟
ورأى العضو عبدالجليل العويناتي عدم الاستعجال في تمرير المرسوم بعد الإشكاليات الكثيرة المثارة حوله، وخاصة أنه يتعلق بهيئة من أكثر الهيئات حساسية في المملكة.
من جهته، استغرب الدكتور عبدالعزيز أبل «تسامح» اللجنة التشريعية مع تجاوز صلاحيات أصيلة للسلطة التشريعية عبر مرورها مرور الكرام أحيانا على نصوص تنطوي على شبهات دستورية واضحة.
وأكد أن المادة - محل الخلاف - تمنح هيئة التشريع سلطة التحكيم بين المجلسين المكونين للسلطة التشريعية من جانب وبينها وبين الحكومة من جانب آخر، وتجعل رأيها ملزما للأطراف التي تطلب الفتوى، وهذا التوجه غير دستوري، وخاصة أن الهيئة وإن كانت مستقلة فإنها لا تحظى بسلطات دستورية.