عاجل جدا.. مطلوب جهاز إعلامي للمؤسسة القضائية
تاريخ النشر : الثلاثاء ١٠ يناير ٢٠١٢
محميد المحميد
ما ذنب قضاة البحرين يتحملون سياط النقد في كل مرة يصدرون فيها حكما ولا يجدون من يدافع عنهم؟ ما ذنب القضاء البحريني وقد أصبح مادة يلوك بها من يفهم ومن لا يفهم؟ ما ذنب السلطة القضائية وقد تطاول عليها (طويج وعويج) حينما تصدر حكما لا يعجب فلان ولا يروق لعلان؟ ما بال المجلس الأعلى للقضاء في مملكة البحرين ساكتا صامتا لا يتحرك بشكل فاعل ويقوم بإنشاء جهاز إعلامي ويعين ناطق رسمي من أحد المستشارين القانونيين يشرح للرأي العام مبررات الحكم القضائي والإجراء القانوني بلغة يفهمها الناس، بدلا من ترك الموضوع يتقاذفه القاصي والداني، حتى أمسى الحديث عن ممارسة ضغوط على القضاء أمرا عاديا يمر مرور الكرام رغم ثقتنا ويقيننا من أن هذا الأمر غير صحيح إطلاقا.
أشفق كثيرا على القضاء البحريني والقضاة في هذه الأيام جراء الأحكام الصادرة بقضايا الأحداث الأخيرة من دون أن يجد له من ينصفه أو يوضح للناس حيثيات الحكم والإجراءات في درجات المحاكم.. أشفق أكثر حينما تتوارى كل الجهات الرسمية المعنية وتقول ليس لي شأن بما يقال ضد القضاء البحريني ويترك القضاء وحده من دون نصير ولا معين.. تزداد الشفقة هنا وتتضاعف ألما حينما يتسابق الناس في بيان موقفهم من القضاء بحسب الحكم الصادر، فإذا ما جاء الحكم لصالح فئة هللت ورقصت، وقامت الفئة الأخرى فأرعدت وأزبدت، وكالت للسلطة القضائية ما لا يجوز من فحش القول وسيئه.
يا سندة الحكم وحراس المجتمع وقضاة البحرين أين أنتم من هذا الأمر؟ لماذا لا نرى انتفاضتكم فيما يقال ضدكم، مثلما رأينا حراككم واجتماعاتكم وعرائضكم من أجل زيادة الرواتب وتحسين المستوى المعيشي؟ ونحن نساندكم في ذلك ولكن لا تنسوا كذلك أن من أهم الأمور وأعظمها هو مكانة القاضي في المجتمع.
أربعة أحكام قضائية صدرت أمس وهي المتعلقة بكادر الأطباء واختطاف رجل الأمن ودهس شهداء الواجب والخلية الإرهابية، وقد ثار بعض الناس ضد هذه الأحكام وخاصة الشعب المخلص، لأنهم يرون فيها تراجعا واضحا وتتابعا لمسلسل التنازلات، فيما قام أشخاص آخرون بممارسة تحركات التحدي والتأكيد أن أحكام البراءة قادمة لا محالة رغم أنف من لا يرضى، فوقعت حالة مجتمعية غير إيجابية ضد القضاء البحريني، في ظل صمت مطبق من الجهة المعنية بالسلطة القضائية، فيجب توضيح الأحكام وعدم ترك الأقاويل والإشاعات تسبح في الأجواء وتزيد حالة الإحباط والفتنة وشعور التحدي والغطرسة.
كل ما أستطيع قوله -رغم أني لست مختصا ولا ضليعا بالشأن القضائي والقانوني- إن تلك الأحكام لا تعني إطلاقا إلغاء أي حكم صادر عن المحاكم، فلا حكم الإعدام سقط ولا حكم الإدانة تم تخفيفه عن أحد، ولكن ما حصل هو إجراء قانوني في درجات التحاكم وهو ما ضمنه الدستور البحريني والقضاء العادل الشريف للجميع، مهما كان عظم الجريمة.
قد يفسر البعض ذلك بأن تلك الأحكام القضائية تأتي لاعتبارات سياسية، رغم صحة الأحكام، ولكنها أتت في تلك الظروف وسمحت لتلك التفسيرات، بل سمحت ببعض الكلام والقصائد والتطاول على القضاء، رغم أن الأحكام القضائية لا تعني إطلاقا أي تدخلات أو تراجعات أو تنازلات، ولكن في ظل غياب جهاز إعلامي في القضاء فإن كل أمر يمكن أن يشاع ولا يجد من يرد عليه، وبالتالي يزداد شعور الناس وتتنوع مواقفهم من دون أن تجد لهم من يفسر كل ما يحدث.
باختصار، كل الذي يمكن أن نقوله بشكل عاجل: مطلوب جهاز إعلامي في السلطة القضائية، يمارسه دوره بشكل رشيد ولغة قانونية مبسطة.. ولا أجد ما أقوله أكثر من ذلك غير أنني أشفق بحق على القضاء والقضاة.