في الصميم
حول مشروع إنصاف عمّال القطاع الخاص
تاريخ النشر : الثلاثاء ١٠ يناير ٢٠١٢
لطفي نصر
خطوة طيبة تلك التي اتخذها مجلس الوزراء برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء بشأن إطلاق مشروع تحسين أجور العمال البحرينيين بالقطاع الخاص الذين تقل رواتبهم عن (250) دينارا شهريا.. ولم يقف مجلس الوزراء الموقر عند حد الموافقة على هذا المشروع فحسب بل أصدر قرارا في الجلسة نفسها إلى وزارة العمل بتنفيذ هذه الخطوة التي جاءت بمثابة لفتة كريمة نحو العاملين بالقطاع الخاص.
وحتى يضمن مجلس الوزراء جدية التنفيذ الفوري لهذا المشروع فإنه لم يكتف بالتوصية لدى شركات القطاع الخاص أو حتى إلزامها بالتنفيذ.. ذلك لأن المجلس يعي تماما أن هناك شركات قد ساءت أحوالها بسبب ما يفعله الآثمون في هذا الوطن من تخريب وتعويق وإفساد، فقرر المجلس تقديم دعم حكومي قوامه 5,35 ملايين دينار لدفع هذا المشروع المهم نحو التنفيذ، وبحسب تقديرات وزارة العمل فإنه سوف يستفيد بهذا المشروع أكثر من (21) ألف عامل بحريني تقل رواتبهم عن (250) دينارا شهريا.
ليست هذه هي اللفتة الكريمة الأولى نحو القطاع الخاص، فقد كانت هناك لفتات مسبقة ولكنها قليلة أو غير محسوسة بالدرجة الكافية.. لذا فإن الأمر يتطلب لفتات أخرى نحو العاملين بالقطاع الخاص على طريق المساواة بين أبناء الوطن الواحد العاملين والمعطائين لوطنهم سواء أكان هذا العطاء ينطلق من مواقع العمل في الحكومة أم القطاع الخاص.
لكن يبقى هناك سؤال في غاية الأهمية يفرض نفسه بإلحاح في هذا الخصوص ومقتضاه، أن هذه اللفتة من لدن مجلس الوزراء الموقر سترفع الحد الأدنى لرواتب العاملين بالقطاع الخاص إلى (300) دينار على أقل تقدير. فلا يعقل، كما لا يجوز بأي حال من الأحوال أن يبقى الحد الأدنى لمعاش المتقاعد عند (200) دينار.. فإذا كان رفع الحد إلى (300) دينار سوف يضع عامل القطاع الخاص المستجد أو حديث العهد بالعمل عند مستوى الكفاف، فإن إبقاء نسبة لا بأس بها من المتقاعدين عند (200) دينار هو بعينه الظلم المبين!!
وأنا هنا أحيي النائب علي زايد على مقترحه ومذكرته التي رفعها إلى هيئة المكتب في مجلس النواب، والذي طالب برفع رواتب المتقاعدين.. مشيرا إلى أنه قد أصاب المتقاعدين إهمال لم تصب به أية فئة أخرى على أرض الوطن، وفي الوقت نفسه فإن المسارعة إلى إنصاف هذه الفئة هي الأوجب بعد أن أفنى كل المتقاعدين زهرة شبابهم في خدمة البحرين وأهلها.. والدافع الأشد نحو المسارعة وتحقيق الإنصاف هو أننا عندما نتحرك فإننا نتحرك نحو التخفيف من معاناة آبائنا الذين أوصانا بهم خيرا ديننا الحنيف.
وقال النائب علي زايد: أنا لا أطالب بالمستحيل.. بل إنني أطالب بمجرد زيادة (15%) تضاف إلى معاشات المتقاعدين بحسب المشروع الذي تقدمت به من قبل كتلة الأصالة إلى مجلس النواب وتم رفعه إلى الحكومة.
ولم يفت النائب علي زايد أن يشير إلى ما حدث مؤخرا بدولة الإمارات العربية المتحدة عندما رفعت قيمة المعاشات التقاعدية بنسبة 100%.. مشيرا إلى أن الفرصة مواتية الآن في البحرين من خلال هذا الدعم السخي المقدم من الدول الشقيقة في مجلس التعاون الخليجي.. وهو يقصد بالضرورة دعم العشرة مليارات دولار.
×××
على ضوء القرار الذي اتخذه وزراء الصحة بدول مجلس التعاون الخليجي مؤخرا من حيث إنشاء وحدة تسعير الأدوية بالمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة تمهيدا لوضع أسعار موحدة للأدوية يطبق في جميع دول مجلس التعاون، صرحت الدكتورة فاطمة البلوشي وزيرة حقوق الإنسان والقائمة بأعمال وزير الصحة - بعد أن أثنت على هذا القرار المشار إليه والتي أسهمت هي أيضا في التوصل إليه - بأنه سوف يترتب على هذا القرار اعتماد هامش ربح على تجارة الأدوية لا يتعدى 45% من سعر الاستيراد.. وتوزع هذه النسبة على الوكيل والصيدلية معا.
ولم يفت الدكتورة فاطمة الإشارة إلى أن هذا القرار واجب النفاذ، وأنه لابد أن يجد طريقه نحو التنفيذ، لأنه يجيء تنفيذا لقرار قادة دول مجلس التعاون والذي يقضي بضرورة توحيد أسعار الأدوية في دول المجلس.
ويبدو من كلام معالي الوزيرة أن اللجنة التي كانت قد شكلها مجلس الوزراء مؤخرا برئاسة وزير شئون الدفاع أصبحت في ذمة التاريخ، أو أنها وئدت في مهدها.. أي قبل أن تفعل أي شيء أو تقدم أي شيء!!
وعلى العموم الكل راض عن قرار التوحيد الذي سوف يصدر عن وحدة تسعير الأدوية بدول مجلس التعاون.. لكن السؤال الأهم هو إذا كان القرار الذي سوف يصدر سيكون صالحا للتطبيق في كل دول المجلس فهل يمكن أن يكون صالحا أو ممكن التطبيق في البحرين؟ يعني هل في مقدور وحدة تسعير الأدوية بمجلس التعاون أن تنتصر على اخطبوط تسعير الأدوية في البحرين بعد أن فشلت كل القوى وجميع المحاولات في الانتصار عليه بالبحرين؟!
وأخيرا.. هل يعقل أن يكون هامش الربح في تجارة الأدوية 45% في زمن وصل فيه سعر الفائدة على الودائع إلى 0,5% (نصف في المائة)؟!.. وفي زمن عزت فيه الأرباح في جميع الشركات والمشاريع وأصبح منتهاها في أفضل الظروف دون الـ (10)؟!