الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٤٦ - الأربعاء ١١ يناير ٢٠١٢ م، الموافق ١٧ صفر ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


فرصة ذهبية أمام المصالحة الفلسطينية





بصفته الطرف الأكثر تحملا للأضرار الناجمة عن التصدع داخل البيت الوطني الفلسطيني بسبب الافتراق العميق بين طرفي المعادلة الوطنية الرئيسيين وهما منظمتا فتح وحماس، فإن الشعب الفلسطيني بكل فئاته وفعالياته احتضن بترحيب واسع كبير التحركات الأخيرة لطرفي الصراع من أجل وضع حد لحالة التصدع، ذلك أن الشعب الفلسطيني تحمل الكثير من الخسائر السياسية والمعنوية جراء استمرار هذا الخلاف منذ أن تفجر دمويا على تراب غزة قبل عدة سنوات، وفي موازاة هذه النتائج المدمرة بالنسبة إلى الشعب الفلسطيني كانت فاتورة مكاسب الكيان الصهيوني في ارتفاع جراء استمرار هذه الخلافات لهذا لم يدخر العدو جهدا إلا سخره من أجل توسعة رقعة الخلافات بين الطرفين الفلسطينيين وإصراره على إفشال أي محاولة تستهدف ترميم ما حدث من تصدع داخل البيت الفلسطيني.

بعيدا عن الحسابات السياسية ونسبة تحمل المسئولية عن الأسباب التي أدت إلى تحول الخلافات السياسية بين طرفي المعادلة الفلسطينية إلى حرب دموية شاملة أفضت إلى إنهاء وجود مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية في قطاع غزة وتحويل حركة (حماس) القطاع إلى ما يشبه الغنيمة العقدية، فإن الطرفين يتحملان أكثر من غيرهما من فصائل العمل الوطني والإسلامي الفلسطيني القسط الأكبر من مسئولية ما حدث، وبالقدر نفسه هما مطالبان أكثر من غيرهما بالدفع بملف المصالحة الوطنية الفلسطينية نحو النجاح والتخلي عن أي حسابات سياسية خاصة.

الشعب الفلسطيني وبعد الخسائر السياسية الباهظة التي تجرعها بسبب استمرار الخلاف بين حركتي (فتح) و(حماس)، وبعد أن بانت في الأفق بوادر المصالحة بينهما بعد لقاء رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس مع رئيس المكتب السياسي لحركة (حماس) خالد مشعل في القاهرة مؤخرا، نقول أن الشعب الفلسطيني لم يعد يحتمل المزيد من الخسائر ولن يغفر لأي طرف يتسبب في إفشال مساعي المصالحة أو بعثرة حجارة الأساس التي وضعت خلال لقاء الطرفين، ذلك أن الشعب الفلسطيني هو الذي دفع حتى الآن الأثمان الباهظة، سواء بسبب التشتت السياسي بين أطراف النضال الوطني الفلسطيني أو بسبب الجرائم التي تعرض لها على أيدي العصابات الصهيونية.

فاجترار أسباب الخلاف التي أدت إلى تحويله إلى صدام دموي أريقت على أثره الدماء الفلسطينية فوق تراب غزة، هذا الاجترار سيكون بمثابة العقبة التي ستمنع قطار المصالحة من التحرك وإتمام ما اتفق عليه الطرفان في لقاء القاهرة، صحيح أن الكيان الصهيوني لن يهدأ ولن يترك قطاع المصالحة الوطنية الفلسطينية يسير بيسر نحو المحطة التي يأملها الشعب الفلسطيني، لكن حين تتوافر العزيمة والصدق والإخلاص لمصالح الشعب الفلسطيني بمكوناته وفعالياته السياسية كافة، وحين تتجرد كل أطراف العمل الوطني الفلسطيني من تقديم مصالحها السياسية والعقدية على المصالح الوطنية الجامعة، فإن كل محاولات العدو سيكون مصيرها الفشل.

لكن عدم اجترار الأسباب التي أدت إلى تفجر الخلافات بين الحركتين، لا يعني الالتفاف عليها وتركها من دون معالجة لأن من شأن ذلك أن يهدد هذه المصالحة بالفشل لأي تعثر أو مجرد خلاف حول عدد من القضايا السياسية أو الاجتماعية، وهي خلافات لا يمكن شطبها بمجرد المصافحة وتبادل القبلات ولا حتى بإبداء النيات الحسنة، هناك أخطار ارتكبها الطرفان وغيرهما من أطراف العمل الوطني الفلسطيني وأن من شأن رفض الاعتراف بهذه الأخطاء أو إلقاء اللوم على الآخرين فقط، أن يتسبب في تعثر مسيرة المصالحة الوطنية الفلسطينية ويعيد أطرافها إلى المربع الأول من جديد.

لا يمكن لأي تنظيم سياسي يعمل وسط الجماهير ويتحدث عن تمثيل شرائح عريضة منها أن يدعي العصمة عن وقوع أخطاء من جانبه، وهذا ما ينطبق على حركتي (فتح) و(حماس) اللتين تستحوذان على أكثر تمثيل شعبي وسط مختلف مكونات الشعب الفلسطيني، وهما بالتالي تتقاسمان النصيب الأكبر من الأخطاء التي أدت إلى تصدع البيت الداخلي الفلسطيني على مدى سنوات عدة وبالتالي، عليهما أكثر من غيرهما تقع مسئولية دفع القسط الأكبر من فاتورة أسهم المصالحة الوطنية الفلسطينية، وهما أكثر من غيرهما يتحملان مسئولية أي فشل تصدم به جهود المصالحة الأخيرة، فالقضية الفلسطينية تدخل منعطفا خطيرا مع تزايد المشاريع التصفوية الصهيونية وتقاعس المجتمع الدولي عن القيام بمسئولياته الأخلاقية تجاه مأساة شعب فلسطين تحت ضغط الدول الداعمة لسياسة الإجرام الصهيونية وعلى رأس هذه الدول تأتي الولايات المتحدة الأمريكية.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة