الجريدة اليومية الأولى في البحرين


الرياضة

من حياة معدمة إلى الجوائز والترف..
ميسي ينتظر اعتلاء هرم المجد الكروي من أوسع أبوابه

تاريخ النشر : الأربعاء ١١ يناير ٢٠١٢



زيوريخ - د ب أ: ربما يرى البعض أنه من الصعب مقارنة المهاجم الأرجنتيني ليونيل ميسي نجم برشلونة الإسباني بباقي العمالقة الذين سبقوه إلى سجل الشرف والإنجازات على المستطيل الأخضر، لكن الواقع والأرقام تؤكد أن ميسي قد يتفوق على الجميع ويصبح الأفضل في التاريخ على مدار السنوات القليلة المقبلة. ولم يكن فوز ميسي بجائزة الكرة الذهبية مفاجأة بعد عام رائع مع فريق برشلونة بينما كان فوزه بالجائزة نفسها في عام 2010 مفاجأة كبيرة في ظل اتجاه معظم الترشيحات لكل من منافسيه على الجائزة في ذلك العام وهما تشافي هيرنانديز وأندريس إنييستا زميلاه في برشلونة واللذان قادا المنتخب الإسباني للفوز بلقب كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا. وفي الصراع على الجائزة نفسها هذه المرة تفوق ميسي مجددا على تشافي والبرتغالي كريستيانو رونالدو مهاجم ريال مدريد الإسباني ليتسلم الجائزة الذهبية من النجم البرازيلي الشهير السابق رونالدو الذي سبق له الفوز بلقب أفضل لاعب في العالم ثلاث مرات. وسبق لميسي (24 عاماً) أن دخل التاريخ عندما أحرز جائزة الكرة الذهبية في عام 2009 وأصبح أول لاعب أرجنتيني يفوز بها. ولكنه قد يعزز موقعه في سجلات التاريخ خلال السنوات القليلة المقبلة بأن يصبح الأبرز في تاريخ هذه الجائزة من خلال الفوز بها مجددا مثلما توقع أسطورة كرة القدم الهولندي يوهان كرويف قبل الحفل بأن ميسي سيفوز بهذه الجائزة نحو ست مرات. ولعب ميسي دورا بارزا مع فريقه برشلونة في الفوز بخمسة من ستة ألقاب أتيحت أمام الفريق في ذلك العام وهي ألقاب بطولات الدوري الإسباني ودوري أبطال أوروبا وكأسي السوبر الإسباني والأوروبي وكأس العالم للأندية.
وخلال المؤتمر الصحفي، الذي أقيم قبل الحفل، أثنى سير أليكس فيرجسون المدير الفني لمانشستر يوناتيد الإنجليزي على ميسي قائلاً »إنه لاعب يمكنه الوصول إلى أعلى مستوى من الأداء في تاريخ كرة القدم. وقال فيرجسون هناك لاعبون مثل بيليه ودييجو مارادونا وألفريدو دي ستيفانو، والذين كان كل منهم هو الأفضل في الفترة التي لعب فيها، وميسي من هذه الفئة بالتأكيد«. وتمثل قصة حياة ميسي قصة نموذجية لحياة اللاعبين البارزين القادمين من أمريكا الجنوبية والذين ينتقلون من حياة الفقر المضجع والثياب الرثة إلى حياة الثراء الرغدة عبر طريق الساحرة المستديرة.
ولد ميسي في 24 يونيو 1987 بمدينة روساريو الأرجنتينية التي تتسم بالنزعة الصناعية. وكان والده خورخي ميسي عاملا بأحد المصانع ووالدته سيليا عاملة نظافة. وبدأ ميسي صاحب الجسم الصغير مسيرته مع اللعبة وهو في الخامسة من عمره من خلال نادي جراندولي في مدينة روساريو حيث كان والده مدربا لهذا الفريق. وجذب ميسي الأنظار إليه من خلال مراوغاته الرائعة بالكرة والتسديدات القوية بقدمه اليسرى. وعندما بلغ ميسي الثامنة من عمره، وقع هذا الصبي الصغير في ذلك الوقت عقدا مع نادي نيولز أولد بويز صاحب الشهرة الكبيرة في الأرجنتين. وبعد ثلاث سنوات أخرى، أكد الأطباء أن جسم ميسي يعاني نقصا في هرمون النمو مما أسفر عن تراجع نادي ريفر بليت العريق عن فكرة التعاقد معه نظرا إلى التكلفة الباهظة التي يحتاج إليها علاج اللاعب. وهنا، قفز برشلونة إلى الصورة واتخذ قرارا لم يندم عليه إطلاقا في السنوات التالية حيث عرض كارلس ريكساتش مدير الكرة بالنادي الكاتالوني علاج اللاعب على نفقة برشلونة ومنح والد اللاعب وظيفة داخل النادي مقابل التعاقد مع ميسي. وبالفعل، انتقل ميسي وعائلته للإقامة في برشلونة وأصبح المهاجم الصغير المتألق هو حديث العاصمة الكاتالونية. وفي عام 2004، شارك ميسي في أول مباراة له مع الفريق الأول لبرشلونة وهو لايزال في السابعة عشر من عمره ثم أصبح بعدها عنصرا منتظما في التشكيل الأساسي للفريق كما أصبح النجم الجديد الذي تعشقه الجماهير وتلتف حوله. ولم يمض وقت طويل حتى افتتح ميسي سجله التهديفي مع الفريق الأول لبرشلونة وذلك في عام 2005 ليصبح أصغر لاعب يسجل هدفا للفريق على مدار تاريخ النادي قبل أن يحطم بويان كركيتش هذا الرقم في وقت لاحق.
وأصاب المدرب الهولندي فرانك ريكارد المدير الفني لبرشلونة في ذلك الوقت عندما دفع بميسي في الجانب الأيمن من خط الهجوم بدلا من الاستعانة به كرأس حربة صريح. وتمكن ميسي بذلك من الهروب من الرقابة كثيرا والتحرك بحرية أكبر مع الاستفادة من التسديدات المتقنة والقوية بقدمه اليسرى كما أصبح مصدر إزعاج هائلا لمدافعي الفرق المنافسة الذين تحولوا إلى ضحايا لموهبة ميسي في المراوغة والاختراق والتسديد إلى داخل الشباك. وعلى مدار السنوات التي شارك فيها ميسي مع برشلونة، قاد النجم الأرجنتيني فريقه للفوز بخمسة ألقاب في الدوري الإسباني وثلاثة ألقاب في دوري أبطال أوروبا ولقبين في كأس العالم للأندية وعدة ألقاب أخرى محلية وأوروبية. ولا يمكن وصف نتائج وإحصائيات وإنجازات ميسي إلا بأنها مدهشة للغاية حيث خاض مع الفريق ما يقرب من 200 مباراة في الدوري الإسباني سجل خلالها
140 هدفا. ولكن المستوى العالمي الرائع لميسي مع برشلونة لم يظهر بعد في عروضه مع المنتخب الأرجنتيني حيث فشل في تحقيق نفس النجاح مع راقصي التانجو فخرج مع الفريق صفر اليدين من دور الثمانية في كل من بطولتي كأس العالم 2010 بجنوب إفريقيا وكأس أمم أمريكا الجنوبية (كوبا أمريكا) 2011 بالأرجنتين.
ويتمثل جزء من مشكلته مع المنتخب الأرجنتيني في اختلاف طريقة اللعب عنها في برشلونة حيث يضطر ميسي مع المنتخب الأرجنتين إلى التراجع كثيراً إلى وسط الملعب لاستخلاص الكرة أو الحصول عليها ثم الاندفاع بها في اتجاه مرمى المنافس. بينما يستطيع ميسي مع فريق برشلونة أن ينتظر قدوم الكرة إليه من أقدام زميليه تشافي هيرنانديز وأندريس إنييستا ليستخدم بعد ذلك سرعته ومهارته في الوصول بجهد أقل وفي زمن أقصر إلى مرمى المنافس. وفي كلمته بعد التتويج بالكرة الذهبية، وجه ميسي الشكر إلى زميله تشافي قائلاً: »أود أن أقتسم هذه الجائزة أيضا مع زميلي تشافي. إنها المرة الرابعة التي نتواجد فيها هنا سويا. إنه شرف لي أن ألعب بجواره داخل المستطيل الأخضر«.
وتعرض ميسي كثيرا للانتقادات والاتهامات بأنه يفتقد الحماس في مبارياته مع منتخب الأرجنتيني. ولكنه قال أنه يسعد بالترحاب الذي يجده في كل مكان بالأرجنتين. وأضاف: »بلدي سيفتخر بي الآن وهو شيء خاص بالنسبة إلي«. وأعرب ميسي عن أمله في أن يحقق فريقه النجاح في بطولة كأس العالم 2014 بالبرازيل. ولكن لا يمكن لأحد أن يشكك في أن ميسي يلعب حاليا في أفضل فريق في العالم وأنه توج بجائزة أفضل لاعب في العالم للعام الثالث على التوالي حتى وإن لم يكن ينتمي لأفضل منتخب في العالم.