الجريدة اليومية الأولى في البحرين


عالم يتغير


حين يضع الشيخ «العصفور» إصبعه على الجرح

تاريخ النشر : الخميس ١٢ يناير ٢٠١٢

فوزية رشيد



} في المؤتمر الوطني الذي ضم 42 جمعية ومؤسسة مدنية وأهلية، والذي انعقد في السابع من هذا الشهر حول (العنف والتخريب والسلم الأهلي)، كان لحديث «الشيخ محسن العصفور» وقع خاص، اتسم بالجرأة والشفافية وتحديد موقع الجرح، وهو يبين أن الأحداث التأزيمية الجارية في البحرين، وخاصة منذ شهري فبراير ومارس، لا صلة لها بخلاف بين السلانة والشيعة، وإنما بفئة، تمثل رؤوس الفتنة والتأزيم، وهذه الفئة عناصرها أعداء للشيعة قبل السلانة، ولا صلة لهم بمعارضة شريفة.
} مثل هذا الكلام والموقف والرؤية الواضحة من «الشيخ العصفور» كنا نتمنى أن نسمعه من كل العلماء والشرفاء الشيعة وأيضا ممن يسعى إلى (المصالحة الوطنية) بين مكونات الشعب، من دون أن يحدد مصدر وسبب الخلاف والانقسام، اللذين نراهما منذ البداية، وكما يراهما «العصفور»، قادمين من رؤوس فتنة بعينها، ولا صلة لها بالمذهب، وإن كانت تستخدم عناصر في الطائفة الشيعية، كمادة للأزمة والعنف في الشارع، بعد أن عرضتهم لغسل دماغ كبير على مدى عقود طويلة، يحتاج فيه الأمر إلى جهد مجتمعي كامل وحقيقي لمحاصرة تلك الفئة وكشف أجندتها وإعادة الضالين إلى حضن وطنهم الأم.
} بالمقابل نحن نثني أيضاً على ما طالب به «الشيخ العصفور» في هذا المؤتمر بتشكيل (لجنة) ترصد جرائم رؤوس الفتنة في البحرين، مع تسجيل تحفظنا على الجهات التي يجب رفع تلك الجرائم إليها، فبدلا من أن تكون كما طالب إلى مرجعيات العراق وإيران، التي نراها على علم بكل ما يحدث في البحرين، بل هي مساهمة في التحريض والدعم، يجب أن يتم رفعها باسم كل مكونات الشعب البحريني وطوائفه وأطيافه، إلى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية وسفارات الدول الكبرى الداعمة لحراك العنف في بلدنا، وإلى الجامعة العربية وغيرها من المؤسسات العربية والإقليمية والدولية المهمة، ليعرف الجميع حقيقة الأحداث في البحرين، وأنها مرفوضة من كل الطوائف، وأن وراءها تقف رؤوس فتنة تقتنص رداء ما يسمى الربيع العربي، لتلقيه كغطاء شرعي على حراكها الإرهابي والتخريبي واللاسلمي، الذي لا صلة له بالمطالب والسلمية المفترضتين فيه.
} ونحن أيضاً مع دعوة «الشيخ العصفور» بعد أن وصف المؤزمين بأنهم «أعداء» الشيعة قبل أن يكونوا أعداء غيرهم، وأنه لا علاقة بالمعارضة الوطنية الشريفة بما يقومون به، ودعوته في هذا المجال هي (تقزيم رؤوس الفتنة وسلب انتمائهم الوطني والإسلامي بعد أن قاموا بخطوات شيطانية، وحركوا عصابات التأزيم للإخلال بالسلم الأهلي وتهديد الوطن).وهذه الدعوة الواضحة لفصل رؤوس الفتنة عن دعاوى السلمية والوطنية والإسلامية، هي دعوة مهمة من شيخ وعالم شيعي وطني شريف، يدرك جيداً كيف يتم ابتزاز تلك العناوين السامية، من أجل الاستمرار في الإخلال بالسلم الأهلي وتهديد الوطن، ومن المفترض أن يتبنى هذه الدعوة كل فئات المجتمع، وخاصة الذين يسعون إلى مصالحة وطنية حقيقية قائمة على كشف الأسباب ومحاصرة رؤوس الفتنة فيها ومحاسبة المخطئين للوطن.
} ولعل من أهم مطالب «الشيخ العصفور» أيضاً التي يستشعرها اليوم كل مواطن بحريني شريف ومخلص، هو ذلك المطلب الذي نرى أن يكون الإصرار عليه، من جانب «الطائفة الشيعية» وشرفائها ومخلصيها، وهي المطالبة بـ (حل الجمعيات السياسية المعارضة) وإيقاف دعمها، بعد أن فقدت مشروعيتها بتماديها في بث مخططات الفتنة والتخريب والمساومة على استقرار أمن الوطن - حسب كلمات (العصفور) - وهي الصيغة الواضحة والمنطقية التي شخص بها الشيخ العصفور الحل، ويطالب بها اليوم كل الوطنيين، لأن صيغة المعارضة التي يتم استخدامها لتغطية مخططات الفتنة وتخريب الوطن والأمن والاستقرار، لا يمكن الاستمرار فيها، بعد انكشاف الوجه الحقيقي لدور تلك الجمعيات، وعلى رأسها (الوفاق)، وهو دور لا يستقيم أصلاً مع دور أي معارضة وطنية حقيقية، بل هو دور خارج نطاق العمل السلمي وتُجرمه القوانين الوطنية والدولية، وفي هذا رسالة واضحة إلى كل المنظمات والدول الأجنبية، التي تجرّم أدوار العنف والإرهاب للمعارضة في بلدانها، وتدعمها في بلداننا وفي البحرين، في ازدواجية مروعة للمعايير وللمفاهيم ولحقوق الإنسان والقانون والمبادئ الوطنية والأمن القومي لبلادنا.
} واليوم وبعد انكشاف أبعاد الأزمة منذ فبراير الماضي، فإن البحرين التي هي وطن الجميع، بحاجة إلى تكاتف كل الأصوات الشريفة ومن كل الطوائف والمكونات، وإلى وضوح البيان ووضوح الموقف وتشخيص السبب، تماماً كما تفعل الأصوات الشيعية الشريفة أمثال الشيخ محسن العصفور ود. عبدالله المقابي ودلال الزايد وسميرة رجب وعقيل سوار وغيرهم، لأن قيمة التحرك من جانب شرفاء هذه الطائفة الحريصين على وطنهم كبقية المكونات، هي قيمة تجعل العالم كله يدرك أن (المؤزمين ورؤوس الفتنة) ليسوا فقط لا يمثلون الشعب البحريني، وإنما لا يمثلون أيضاً الطائفة الشيعية، وبالتالي فأجندتهم الفتنوية هي (أجندة فئوية ومتطرفة) خارج السياق الوطني والسلمي، ولأن الصوت حين يعلو من شرفاء الطائفة الشيعية نفسها، قبل أي مكون آخر، يحمل في داخله رمزية خاصة ومهمة، بأن المسألة حين المطالبة بمحاصرة هذه الفئة الضالة، هي ليست مسألة طائفية وإنما هي مسألة سياسية ووطنية بامتياز، يتحالف فيها كل الوطنيين ومن كل الطوائف، ضد من يريد اختطاف وطنهم إلى المجهول والخراب، تحت ادعاءات السلمية والإصلاح والديمقراطية، وكل تلك المفاهيم هي بريئة من الأجندة، التي تحملها تلك الفئة الضالة، وتريد فرضها على الواقع البحريني عبر العنف والإرهاب، وعبر الدعمين الإقليمي والدولي، اللذين باتا موضع انكشاف كبير من حيث ارتباطهما بمصالح إقليمية ودولية، لا علاقة لها البتة بالمصلحتين الوطنية والشعبية في البحرين، ولا بالإصلاحات أو الديمقراطية، ولا بالحريات أو الحقوق، فلكل ذلك طرق شرعية ومشروعة لا صلة لها بتبني العنف والإرهاب أو التحريض عليهما.