قضايا و آراء
الصبر عندما ينفد
تاريخ النشر : الجمعة ١٣ يناير ٢٠١٢
لا أدري إلى متى ستواصل «الوفاق» مع توابعها الاستمرار في محاولة إنهاك الدولة والمجتمع في سلسلة الفوضى غير المنطقية إلى درجة أن الناس بالرغم من أن الغالبية العظمى منهم من المسلمين أصبحوا يتخوفون من يوم الجمعة المبارك ويتمنون ألا يأتي لأنه أصبح مرادفا للفوضى وقطع الطرق والشوارع وسكب الزيت والتعدي على عابري السبيل.
لست أدري إلى متى ستصبر الدولة على هذه الفوضى المنفلتة التي أصبحت صناعة كاملة تستند إليها «الوفاق» وتوابعها ويجيش لها جيوش من الصبية والمراهقين الذين يتم غسل أدمغتهم وتحريضهم من على المنبر الديني ثم على منابر التواصل الاجتماعي لنشر الأكاذيب والتحريض.
لا أدري إلى متى سيستمر صبر قوات الأمن على التعدي عليها بشكل منهجي ومنتظم بالزجاجات الحارقة والسكاكين والأسياخ الحديدية وغيرها من وسائل التعدي التي توصف بكونها سلمية كذبا وافتراء وقد بينت الصور والفيديوهات زيف هذه السلمية، وبينت الوقائع على الأرض التي نعيشها ونعايشها بأنفسنا أيام الجمع والسبت أن التحريض من على المنبر أو من خلال القنوات الفضائية المحرضة كيف يتم التحريض على عمليات التعدي على رجال الأمن الذين أصبحوا - وهم رمز للقوة والانضباط والقيم - مرمى للخارجين عن القانون وقد رأينا بأنفسنا رجالا ونساء يضربون رجال الأمن ويلقون الزجاجات الحارقة على سيارتهم بقصد قتلهم، وإلى متى سيواصل المواطن البحريني مشاهدة حفلات الزار الأسبوعية في الأحياء والشوارع والقرى، هذه الحفلات التي تنظمها «الوفاق» وتوابعها أسبوعيا وتعطل حياتهم وحياة أولادهم وتجعلهم محشورين في بيوتهم لا يخرجون منها خوفا من التعرض للأسياخ الحديدية والحجارة وسكب الزيوت في الشوارع على مرأى قيادات «الوفاق» والمعارضة التابعة لها وعلى مرأى وسمع شيوخ الدين الذين لا يقوون حتى على التنديد بتلك الأفعال التي لا يرضى بها الرب ولا يرضى بها العبد؟
إلى متى يتحمل الاقتصاد الوطني والمستثمرون ورجال الأعمال هذا التعدي اليومي الذي يسهم في سحق الاقتصاد الوطني وتدميره وبالتالي تجفيف منابع الرزق للمواطن البحريني؟ هل يجوز لهم أن يطالبوا الدولة بحث القطاع الخاص على إعادة المفصولين - على خلفية الأحداث التي شهدتها البحرين خلال شهري فبراير ومارس الماضيين - وهم يحرضون الغوغاء والمراهقين على تدمير الاقتصاد؟ أي تناقض أكثر من هذا التناقض؟ هل يعقل أن يطالبوا الشركة أو المؤسسة بإعادة المفصولين وفي الوقت نفسه يدمرون أعمال تلك المؤسسات والشركات ويمنعون العمال من الوصول إلى أعمالهم؟
إن الحقيقة المرة التي يجب أن نقولها علانية ومن دون تزيين أن هذه المعارضة قد انتهت كليا وأفلست، وانها أصبحت عبارة عن عصابات خارجة عن القانون وعن الاجماع الوطني، فالذي لا يحترم حقوق المواطن الأساسية في العيش بسلام والذي لا يحترم البنية الاقتصادية ولا مكونات الشعب الأخرى التي ترفض العصيان والخروج عن القانون، هؤلاء لا يمكن وصفهم إلا بعصابات التحريض، فالذي يريد الإصلاح يجب أن يبدأ أولا باحترام القانون والدستور، وثانيا بالاعتراف بسائر مكونات المجتمع والتنادي للجلوس معهم للتوافق على أسس وطنية وديمقراطية للحل بعيدا عن التأثير الطائفي والولائي وبعيدا عن التدخلات الأجنبية الخارجية وخصوصا الإيرانية منها التي لا تريد لهذا البلد خيرا، أما الاستمرار في هذه اللعبة الخطرة فإنها إذا ما طالت أكثر فإن النتائج المتوقعة ستكون كارثية، لأن لا الدولة سيستمر صبرها إلى ما لا نهاية ولا رجال الأمن يستطيعون تحمل هذا الوضع ولا المجتمع البحريني بقادر على تحمل هذا الأذى إلى ما لا نهاية، ففي اللحظة التي ينفد فيها صبرنا جميعا فإنه لا يمكن توقع ماذا سيحدث لا قدر الله فالمجتمع مل وتعب، وأنا أتحدث مع الاخوة الشيعة من الذين يعيشون في القرى وهم يشتكون مر الشكوى من تصرفات الخارجين عن القانون الذين يمتلكون الشارع ليلا وينغصون عليهم حياتهم غير مراعين احتياجاتهم الأساسية التي منها احتياجات كبار السن والأطفال فأولئك أصبحوا مثل المخمورين وشاربي المخدرات من فاقدي الوعي والإدراك يلعبون بمقدرات البلد وباستقراره.
لقد آن الأوان لتتضافر جهود الجميع لوضع حد لهذا العبث اليومي بالوطن وأهله، لقد آن الأوان لكي يتم الضرب على العابثين والخارجين عن القانون بإنفاذ القانون ولا شيء غير القانون مثلما تفعل الدول المتقدمة التي تحترم نفسها، وقد رأينا كيف تعاملت السلطات الأمريكية مع المحتجين في وورلد ستريت والسلطات البريطانية مع المحتجين والمخربين، فهنالك سلسلة من الإجراءات لابد من اتخاذها من دون تردد لضرب مثل هذا العبث بالوطن وأمنه وحريته.
لقد مللنا وبدأت أصوات الناس ترتفع معبرة عن انزعاجها من تصرفات الخارجين عن القانون فإذا كانوا يريدون إصلاحا فإن الدولة هي من ينفذ الإصلاح، وإذا كانوا يريدون حربا على الشعب وأمنه وأمانه فيستوجب على الدولة أن تقوم بواجبها وهو حماية الأمن والسلم الأهلي والزج بالخارجين عن القانون في السجون بعد محاكمتهم وفق القانون.