الموسيقى تزيد ذكاء الأطفال
تاريخ النشر : الجمعة ١٣ يناير ٢٠١٢
الموسيقى غذاء للروح ولغة عالمية بين الناس في جميع أنحاء العالم ولولا وجود الموسيقى في حياتنا لكانت الحياة ضربا من العبث كما قال الفليسوف نيتشه، ولكن الأبحاث الحديثة أضافت إلى الموسيقى جانباً آخر شديد الأهمية وهو تأثير الموسيقى على مخ الإنسان ؛ حيث أشار عدد من الدراسات إلى وجود علاقة بين دراسة الموسيقى وارتفاع نسبة الذكاء لدى الأطفال وهو ما دفع بعدد من الأسر إلى إرسال أبنائها لتعلم الموسيقى والعزف على الآلات الموسيقية المختلفة في العطلات المدرسية.
وقد أتاح التطور التكنولوجي لعلماء الأعصاب فرصة لدراسة الأفكار التي تربط بين الموسيقى والذكاء؛ وجاءت النتائج حاسمة بأن الموسيقيين يمتلكون تركيباً مختلفاً للدماغ، فمعاينة دماغ عازف البيانو على سبيل المثال تشير الى أن الجزء المتحكم في حركة الأصابع في الدماغ أكبر من الموجود لدى الشخص العادي، إضافة إلى ذلك أظهرت صور الدماغ لأطفال بين عمر 9 و11 سنة أن الأطفال الذين يعزفون على الآلات الموسيقية، تفرز لديهم المادة الرمادية، التي تشكل أحد العناصر الأساسية في الجهاز العصبي المركزي وذلك بشكل أكبر من أقرانهم وخاصة في اللحاء الحسي والحركي والفص القفوي من الدماغ.
كما أثبت باحثون في جامعة كاليفورنيا وجود علاقة بين كمية المادة الرمادية ونسبة الذكاء، وخاصة أن أكثر المناطق ذكاءً في الدماغ هي تلك التي تنتشر فيها المادة الرمادية بشكل أكبر، وأظهرت جماعة من الباحثين في قسم علم النفس بجامعة بوسطن من خلال دراسة نشرت تحت عنوان «آثار التدريب الموسيقي على دماغ الطفل وتطوير التنمية المعرفية» أن المادة الرمادية لدى الموسيقيين تزداد في مناطق معينة من الدماغ بجانب أن التأثيرات الناتجة عن متابعة دروس الموسيقى تزداد بزيادة كثافة هذه الدروس.
لذا فمن المنطقي القول: إن الدماغ ينمو نتيجة للتدريب على الموسيقى ولكن هل يعنى ذلك زيادة في الذكاء؟
للإجابة عن هذا السؤال قام الباحثون بدراسة تشمل أطفالاً في الحادية عشرة واعتمدت الدراسة على النظر إلى أداء هؤلاء الأطفال في الامتحانات وذلك لمقارنة نتائج الأطفال الذين يتمرنون على أداة موسيقية مع أقرانهم الذين لا يأخذون دروساً في الموسيقى، وقد أظهرت نتائج البحث أن الأطفال الموسيقيين أظهروا تفوقاً في مجال تعلم المفردات اللغوية والأنشطة المرتبطة باستخدام الأصابع بالإضافة إلى تقدم طفيف في مجال الرياضيات.
كما أثبتت دراسة أجريت عام 1997 في جامعة كاليفورنيا وشملت نحو 25 ألف طالب، أن العمل بالموسيقى والتدرب عليها يطوران أداء الطلبة في الامتحانات المعتادة وامتحانات الكفاءة في القراءة، وأظهر بحث مرتبط بالحالات العصبية، أن الطلبة الذين يتلقون دروساً في تعلم البيانو هم أكثر استعدادا لتعلم الرياضيات والعلوم، حيث تساعد الموسيقى على زيادة التركيز والاستيعاب لدى الأطفال.
وقد أشار د. كفاح فاخوري الأستاذ المشارك بكلية الموسيقى بجامعة بلبنان إلى ضرورة وعي الأهل بدور الموسيقى في حياة الطفل، فهي ليست في رأيه واجبا ولا تسلية يسمعها أطفالنا على محطات التلفاز ولا دورة لتعليم القيادة يمكن إكمالها في شهر أو شهرين بل هي أمر مستمر في حياتنا يتطلب دراسة وجهدا ووقتا، وشبّه فاخوري تعلم الموسيقى بالقفز على الحواجز، فكلما اجتاز الطفل حاجزا واجه حاجزا آخر عليه تخطيه، الأمر الذي ينمّي مهارة تحديد الأهداف والإصرار على تحقيقها والوصول إلى التفوق.
من أهم الخطوات الأساسية لزيادة معرفة الطفل بمجال الموسيقى العمل على زرع حب الموسيقى لدى الطفل ومحاولة ربط الموسيقى بأوقات المرح واللعب والاهتمام بجميع أنواع الموسيقى والأدوات الموسيقية التي تجذب اهتمام الأطفال، حيث تعد المراحل الأولى من عمر الطفل هي الوقت المثالي لتعلم جميع أنواع الموسيقى ليبدأ الأطفال بعد الصف الثالث الابتدائي في اختيار الموسيقى المرتبطة بالعصر الذي يعيش فيه.