الجريدة اليومية الأولى في البحرين


مقالات

ثقافة أمنية
مكافحة الفساد 6 اختلاس المال العام

تاريخ النشر : السبت ١٤ يناير ٢٠١٢



لاشك أن الاختلاس يمثل صورة أخرى من صور جرائم الموظف العام، وهي من الجرائم التي تؤثر على الاقتصاد العام، وهي تتفق مع جريمة الرشوة في أنها تعد اعتداء من الجاني على أموال الدولة أو الأفراد مكنته منه صفته كموظف عام، فهي تعتبر إحدى الجرائم الوظيفية كما أنه في تعبير آخر إساءة استغلال السلطة المرتبطة بالوظيفة العامة، وتنطوي على الإخلال بالثقة التي أولتها الدولة للموظف حينما ائتمنته على الوظيفة. ويعرف قانون العقوبات البحريني في باب الاختلاس والإضرار بالمال العام في المادة 194 «كل موظف عام أو مكلف بخدمة عامة اختلس أموالا أو أوراقا وجدت في حيازته بسبب الوظيفة».
إذاً الشرط المفترض في جريمة الاختلاس والإضرار بالمال العام هو صفة الموظف العام أو المكلف بخدمة عامة، وأن يكون تحت يديه مال أو أوراق بسبب وظيفته وأن يكون بسبب وظيفته أمين عهدة أموال إحدى الوزارات.
الركن المادي لجريمة الاختلاس
لا تقوم جريمة الاختلاس إلا بتوافر الركن المادي لها، ويعني أن يباشر المختلس نقل ملكية المال أو الشيء الذي في حوزته إلى ملكيته الخاصة وذلك بالاستحواذ عليه لنفسه، مثال ذلك أن يسحب الموظف العام مالا من الخزينة التي بعهدته ويودعه باسمه في أحد المصارف، أو أن ينقل الأشياء المؤتمن عليها إلى مسكنه ثم ينكر انه فعل ذلك ويدعي أنها مملوكة له، أو أن يبدد هذه الأموال أو يعتبرها مالا خاصا به أو مملوكا له، فإذا أنفق الموظف العام النقود أو أقرضها أو باع أثاث مكتبه أو وهبه فهو مختلس، أو بشكل آخر أن يتصرف في هذه الأشياء على اعتبار أنها ملك له ويمارس عليها حق الملكية من امتناع أو استغلال أو تصرف.
والجدير بالذكر أن الشروع في جريمة الاختلاس غير المتصور، ذلك أن فعل الاختلاس يكشف على نحو قاطع اتجاه النية إلى اكتساب الحيازة كاملة ومن ثم وقوع الجريمة، فإذا لم يكن للفعل هذه الدلالة فالجريمة لا أصل لها، فالاختلاس إما أن يقع وإما ألا يقع على الإطلاق، وتطبيقا لذلك إذا عرض الموظف العام المختلس للبيع ولم يجد مشتريا فجريمته تامة، فمجرد العرض للبيع يكشف في صورة قاطعة عن إرادة تغيير الحيازة ولا يعفيه من المسئولية عدوله عن البيع، وهذا ما استقرت عليه أحكام المحاكم، وسوف نتناول في المقال القادم الركن المعنوي لجريمة الاختلاس.