الجريدة اليومية الأولى في البحرين


عالم يتغير


تحييد تلفزيون البحرين عن كشف الحقائق.. لماذا؟ ولصالح من؟

تاريخ النشر : الأحد ١٥ يناير ٢٠١٢

فوزية رشيد



} الجميع يعرف أننا في عصر تسيطر فيه وسائل الإعلام على كل شيء بدءاً من تشكيل الرأي العام وانتهاء باتخاذ القرارات السياسية حتى في مسائل تتعلق أحيانا بمصائر دول وشعوب.
ويكتسب الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، مثلما تكتسب الفضائيات، قيمة مضافة، إما في اتجاه كشف الحقائق وإما في اتجاه تزييفها، وبناء معادلات افتراضية لا تمت إلى أرض الواقع ووقائعه بشيء، وإنما تزيفه وتقلب حقائقه لصالح أفكار معينة أو أجندات معينة، تكون أحياناً متعلقة ببلد مستهدف إقليميا ودوليا، وهذا ما نعتقد أنه لايزال يحدث بما يخصص الحراك الانقلابي الطائفي في البحرين، منذ أن بدأ في فبراير الماضي، ومحاولة تحييد الإعلام البحريني تجاهه.
} وعلى الرغم من أن الدولة البحرينية حاولت احتواء كل أشكال الاستهداف والضغوط بعقل بارد، بات مثار استفزاز لغالبية الشعب البحريني الذي يطالب بتطبيق القانون مثلاً، وردع المحرضين على العنف والتخريب والإرهاب والممارسين له، فإن التصعيد سواء في الخطاب أو في الشارع هو لايزال رد الفعل الممارس تجاه الدولة والوطن، من جانب التخريبيين والانقلابيين، المدعومين طائفيا من جهات، خلايا خليجية ذات دعوات وتوجهات عقدية وسياسية مشابهة تحت راية الجارة الإقليمية، مثلما هم مدعومون من منظمات دولية دخلت منذ أحداث فبراير حيّز الشبهة، بسبب انحيازها إلى التخريبين وليس إلى الحقيقة، وقبولها أن تكون أدوات ابتزاز مكشوفة في أيدي بعض الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا في ظل ضعف الإعلام الخليجي الموحد وافتقاده الرؤية الاستراتيجية.
} ويلعب الإعلام سواء الطائفي أو الدولي في لعبة النظر بالعين الواحدة، لعباً ثقيلاً تندس بينه محاولات دؤوب لتحييد الإعلام والتلفزيون البحرينيين عن كشف الحقائق والوقائع، عبر استمرار أصحاب تلك المحاولات قلب الصورة، وابتزاز هذا التلفزيون على الرغم من إمكانياته المحدودة بـأنه هو تلفزيون العين الواحدة، وتلفزيون التحريض على الطائفية، على الرغم من أن التهمتين هما في الواقع سلوك يومي يمارسه الانقلابيون في كل الفضائيات المتاحة، سواء قنوات الفتنة الطائفية أو القنوات الدولية المنحازة، مثلما هما سلوك يومي من ذات الجهة الانقلابية، لدى المنظمات الدولية الصديقة لهم (لغرض معلوم) ولدى الجهات القانونية الدولية، التي ابتدأت تكتشف اللعبة القذرة بالتدريج وتحاول النأي بنفسها على مهل على الرغم من صعوبة ذلك بسبب تداخل عملها مع أجندات دولية معروفة.
} التلفزيون البحريني مطالب من كل المواطنين الوطنيين والمخلصين لهذا الوطن، بأن يستعيد ثقته بنفسه، وألا يخضع للابتزازين: الداخلي من جانب الانقلابيين، والخارجي من جانب الجهات الدولية المنحازة، التي تعمل بالتدريج على تقويض الدولة البحرينية والتدخل الفج في شئون البحرين، ومطالب فقط بأن يعرض ما لديه من حقائق وفيديوهات ووثائق، تكشف حقيقة الممارسات اللاسلمية من جانب الانقلابيين، وأن تكشف الأكاذيب التي تتم ممارستها، إلى جانب كشف خطابات التحريض.
المواطن يريد الحقيقة والشفافية في عرضها، ولا يريد حجبها لأسباب لا تتعلق بتلك الحقيقة، أو لأسباب ابتزازات مكشوفة، يمارس أصحابها كل أشكال الإساءة إلى هذا الوطن، مثلما ينتهزون كل الفرص في الظهور التلفزيوني وبدعم من جهات معلومة، وحيث البرامج اليومية المخصصة لهم في تلك الجهات والقنوات، لم تهدأ منذ فبراير الماضي، وتحفر في أخدود الكذب، حتى أصبحت له تفرعات وجداول، فيما يطالب هؤلاء أنفسهم بتحييد التلفزيون البحريني، ووقف بعض البرامج (وقد حدث) واستبعاد بعض الوجوه (وقد حدث أيضاً) كانت تعتبر منفساً للرأي الآخر في أحداث البحرين، ليأخذ التلفزيون موقف ترك الساحتين المحلية والخارجية ساحتين مفتوحتين للرأي الواحد، والخطاب الواحد، اللذين للأسف هما كرأي وكخطاب لا يعبران إلا عن توجه الانقلابيين في محاولة إسقاط النظام، واختطاف البحرين إلى مجهولهم.
} ليس من الإنصاف للحقيقة في شيء، ولا لعرض الوقائع ووجهات النظر، أن يتخذ التلفزيون البحريني (موقف الحياد أو الدفاع عن النفس) خضوعاً للابتزاز المقصود، فيما الطرف التأزيمي يواصل الهجوم وقلب الحقائق والتحريض، والدفع نحو العنف وضرب المصالح الوطنية وزرع الفتنة، وبالمقابل ليس هناك تلفزيونيا كأداة محلية مؤثرة من يستعرض أوجه الحق وأوجه الباطل فيما يحدث، مثلما ليس هناك من برامج كاشفة لحقيقة الوقائع وكذب ادعاء السلمية، فهذا حياد غريب تتخلى فيه الدولة باختيارها عن سلاح تملكه (للردع الإعلامي) خاصة أن لجنة تقصي الحقائق أوضحت اللاسلمية، في حراك فبراير ومارس، الذي لايزال مستمرا حتى اللحظة، وبالتالي فليس على الدولة فقط - حسب التقرير - أن تحاسب نفسها وتعترف بأخطائها، وتعمل على معالجة تلك الأخطاء، وإنما عليها أيضاً أن تكشف الحقائق التي تجعل الطرف التخريبي والتأزيمي ان يحاسب نفسه ويعترف بأخطائه ويعالج تلك الأخطاء، وهذا لا يتم إلا من خلال (إعلام موضوعي قوي) قادر على كشف الحقائق كما هي، وعلى وضع النقاط على الحروف، وبما يخص استمرار الانقلابيين في قلب الحقائق.
} إن الصمت والحياد من خلال جهاز رسمي مطالب كبقية الأجهزة الرسمية بالشفافية، هما معاً ليسا في صالح الوطن، وخاصة حين يكونان نابعين من التعرض للابتزازات والضغوط أيا يكن مصدرها.
وفي الوقت الذي يلاقي فيه الطرف التأزيمي كل القنوات الطائفية، والدولية وما أكثرها! مفتوحة أمامه للإدلاء بخطابه الكاذب والتهويلي، فإن الدولة تحرم مواطنيها القلقين على وطنهم من هذه الفئة المنحرفة التي اعتادت ممارسة التضليل، تحرم مواطنيها من عرض الحقائق وكشفها وتحليلها، ليبحث هؤلاء عن ضالتهم في القروبات وفي وسائل التواصل الاجتماعي وفي الفضائيات الخارجية، التي عبر «خلائطها الإعلامية» تشكل اليوم رأيا عاما خطرا، مفاده أن الدولة لا تعمل على مواجهة الأزمة وتداعياتها بما تستحقه من استخدام كل الأدوات المتاحة وبشكل منطقي وموضوعي متاح لها، وأي جهة تطالب الإعلام والتلفزيون البحرينيين بالحياد الإعلامي، هي جهة في النهاية تعمل على إضعاف وسائل الدولة في مواجهة الأزمة وحفظ الوطن، وتقوية الفئات التخريبية التي وصلت اليوم إلى حدود في الخطاب والممارسات التخريبية لم يكن لها سابقة في التاريخ البحريني.
فلا حياد في قضايا الوطن الأساسية، ولا حياد مع فئة انقلابية لم تتوقف لحظة عن التحريض والإساءة إلى هذا الوطن، ومن المهم أن يأخذ التلفزيون البحريني دوره الحقيقي في كشف وفضح الزيف.