يوميات سياسية
«كوتة» لعملاء أمريكا!
تاريخ النشر : الأحد ١٥ يناير ٢٠١٢
السيد زهره
لا أعرف ان كان هذا الخبر صحيحا ام لا. والأرجح انه صحيح.
الخبر نشره احد المواقع الالكترونية المصرية المعروفة قبل ايام. الموقع ذكر ان مساعد وزير الخارجية الامريكية وليام بيرنز في زيارته الأخيرة لمصر، حمل معه قائمة تضم أسماء نشطاء سياسيين وحزبيين من المعروفين بتبعيتهم لأمريكا، ليقدمها الى المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ويطلب منه تعيينهم في مجلس الشعب واعطاءهم مناصب في المواقع التنفيذية.
الموقع نشر بعض أسماء هؤلاء وقال إنهم من «الشخصيات المعروفة بارتباطهم بالدوائر الأمريكية وترددهم على واشنطن وتلقيهم تمويلا مباشرا وغير مباشر من امريكا». وذكر ان امريكا تبرر طلبها هذا بأن هؤلاء من «حاملي راية التحول الديمقراطي في مصر».
لو صح هذا الخبر، والأرجح انه صحيح كما قلت، فمعنى هذا إن امريكا تريد فرض عملائها في مصر بالإكراه والقسر كي يشاركوا في دوائر الحكم.
معنى هذه القائمة وهذا الطلب ان السلطات المصرية كما انها تخصص «كوتة» للمرأة مثلا في تعيينات مجلس الشعب، يجب ان تخصص «كوتة» أيضا «لعملاء أمريكا»، ليس في المجلس وحده، وانما في دوائر الحكم المختلفة.
والحقيقة انه ليس بالأمر الغريب ان تقدم أمريكا على مثل هذه الخطوة التي تعد شاذة وتعد تدخلا سافرا في الشئون المصرية، وتتسم بقدر كبير من السفور والصفاقة.
لقد تابعنا في الفترة القليلة الماضية، كما كتبت قبل أيام، كيف خاضت أمريكا معركة شرسة وعلى أعلى المستويات ومارست كل ضغوطها دفاعا عن المنظمات الأهلية التابعة لها ودفاعا عن عملائها في مصر بعد ان تفجرت فضيحة التمويل الأجنبي وتولت السلطات المصرية التحقيق فيها. أمريكا فعلت هذا على الرغم من علمها التام بان هذه المنظمات وهؤلاء العملاء اخترقوا السيادة المصرية والقانون المصري ويلعبون ادوارا مشبوهة تضر بالأمن الوطني المصري على النحو الذي اوضحه تقرير لجنة تقصي الحقائق في القضية.
وكان ملفتا في الوقت نفسه ان هؤلاء النشطاء المصريين الذين وجه تقرير اللجنة أصابع الاتهام اليهم، والذين نشرت صحف مصرية تفاصيل علاقاتهم المشبوهة مع أمريكا والأموال التي تلقوها منها في السنوات الماضية وتفاصيل الأدوار المشبوهة التي يلعبونها.. هؤلاء بدلا من ان يدافعوا عن أنفسهم، ان كان لديهم ما يدافعون به عن أنفسهم، وبدلا من أن يحاولوا تبرير مواقفهم للرأي العام، لجأوا إلى الاستنجاد بالدوائر الأمريكية والجهات الأمريكية كي تتدخل مباشرة للدفاع عنهم ووقف حملة فضحهم. وهو ما فعلته السلطات الأمريكية بالفعل.
وعلى أية حال، بغض النظر عن فضيحة «قائمة العملاء» هذا و«الكوتة» التي تطالب امريكا بتخصيصها لهم، فأمريكا طوال الوقت ، وفي مصر وغيرها من الدول العربية ، تحمي عملاءها وتسعى دوما الى فرضهم فرضا على الحياة السياسية والاعلامية في بلادهم.
وهي تفعل ذلك بأشكال وصور وعبر ضغوط شتى كلها معروفة ومكشوفة.
في السنوات الماضية مثلا، مولت أمريكا انشاء صحف لهؤلاء لتفسح لهم المجال للعب أدوارهم المرسومة ويروجوا للأجندة الأمريكية.
وأمريكا تمول لهؤلاء عقد مؤتمرات تحت لافتات الديمقراطية وحقوق الإنسان وما شابه ذلك يمارسون عبرها أيضا أدوارهم.
وأمريكا تفتح أمام عملائها العرب أبواب الإعلام الأجنبي، وأبواب المنظمات الحقوقية الدولية ليبثوا عبرها سمومهم ويمارسوا أدوارهم التخريبية بحق بلادهم.
وأمريكا تمنح هؤلاء بين الحين الآخر الجوائز الأمريكية المشبوهة في محاولة لتلميعهم وإظهار ان لهم حيثية. تمنح هذا العميل جائزة لحرية الصحافة، وذاك العميل جائزة لحقوق الإنسان، وآخر جائزة الشجاعة.. وهكذا.
وليس سرا خافيا ان أمريكا تمارس ضغوطا مباشرة وبشكل سافر في احيان كثيرة لاسباغ الحماية المباشرة على هؤلاء.
ليس سرا ان بعض هؤلاء في دول عربية يلعبون ادوارا تخريبية مباشرة يستحقون عليها الملاحقة القضائية والجنائية، لكن امريكا تتدخل وتمارس ضغوطها للحيلولة دون ذلك.
ولهذا، كتبنا مرارا وتكرارا عبر السنوات الماضية ننبه الى خطورة هؤلاء وأدوارهم التخريبية في مصر وفي البحرين وفي اغلب الدول العربية، وننبه إلى ضرورة وضع حد لخطرهم.
وعلى العموم، مهما فعلت أمريكا لحماية عملائها هؤلاء، ومهما مارست من ضغوط من اجل فرضهم على الحياة السياسية، مصيرهم في النهاية ان تتكشف علاقات العمالة التي تربطهم بالدوائر الامريكية، وان تنفضح أدوارهم التخريبية المشبوهة التي يلعبونها في بلادهم.
مصيرهم في النهاية هو مصير كل العملاء، النبذ والإدانة والحساب والملاحقة.