الجريدة اليومية الأولى في البحرين


راصد


ما للصلايب إلا أهلها

تاريخ النشر : الأحد ١٥ يناير ٢٠١٢

جمال زويد



الأمثال الشعبية هي موسوعة كبيرة من الحكم والنصائح نشأت عن اختصارات أو إسقاطات معينة توارثها الآباء والأجداد حتى صارت حاضرة معنا، نرجع إليها في بعض الحوادث والأمور، نستخدمها فتكفينا الشرح والتفصيل، ويكون استخدامها بمثابة التنبيه للاعتبار والتوقف عندها.
ومن أجمل تلك الأمثال الشعبية ما نردده في ساعة الأزمات والنوائب، نلتفت هنا وهناك نبحث عن الأبطال والشجعان فنناديهم، ونقول لهم «ماللصلايب إلاّ أهلها». ويُطلق هذا المثل في موروثنا الشعبي على الشجعان للذود عن وطنهم أيام محنته (الصلايب)، بالضبط كما رأينا في شباب صحوة الفاتح إخلاصهم وحبّهم وخوفهم على وطنهم ورفضهم للمساس بأمنه واستقراره والانتقاص من هيبة قوانينه.
الشباب الذين تجمعوا في الفاتح - رجالاً ونساء - هم أمل جديد في فضاء البحرين، لا يجب النظر إليهم إلاّ وفق نتائج التغييرات التي حدثت في الربيع العربي، ووفق مايدور من أحداث في وطننا العزيز. وعلى كل الأطراف ألاّ تتحسّس منهم أو تعاديهم - لا سمح الله - فأهل السنّة والجماعة قد تنازعتهم الفرقة وأضعف موقفهم التشتت وصاروا - للأسف الشديد - تبعاً لذلك بلا صوت يُعتدّ به أو موقف يُعمل له حساب. مارأيناه يوم الجمعة الماضية في الفاتح حركة أزاحت شيئاً من جبل الإحباط الذي صار يجثم علينا في واقع لا ندري: أين يتجه؟! كل الدعم لهذا الحراك الشبابي لعلّه يحقق ما لم يفعله الكبار في شارعنا الذي تعصف بقوته وصفوفه ووحدته مشاكل صنعناها بأنفسنا؛ آن الأوان للتخلّص منها. ونأمل أن يكون الخلاص منها على أيادي الشباب، فهم نبض الأمم ومصدر حيويتها وتجدد عافيتها.
قصة الأب مع ابنيه:
قصتنا في البحرين كما قصّة الأب الذي لديه ابنان؛ أحدهما اعتاد إذا أراد شيئاً أن يصرخ ويبكي ويكسّر ويخرّب فيستجاب لطلبه خوفاً من تكسيره ورغبة في إسكات صراخه وبكائه بينما الابن الآخر عاش هادئاً وقوراً، سامعاً مطيعاً لوالده حتى إذا ما تأزمت أحوال الأسرة، وتعرّض حاضرها ومستقبلها للخطر؛ شعر الابن المطيع بالخوف بسبب انصراف أبيه الى لأخيه (الابن المشاغب) حيث انشغل بترضيته، وتغاضى عن أخطائه، وعفا عن تطاوله، وتجاوز عن تعدّياته، وبقي هو (الابن المطيع) بلا اهتمام يُشعره بوجوده ومكانته ويطمئنه إلى مستقبله..
العربات الفارغة والممتلئة:
أحد القراء الكرام استفتى أصحابه في حسابه على موضوعي المنشور يوم الجمعة الماضي عن العربات الفارغة والممتلئة، وطلب تسمية الشخصيات التي تصلح كعربة فارغة أو عربة ممتلئة في مجتمعنا.. فجاءت نتائج استفتائه كأنما هي معبّرة عن واقعنا بالفعل. لن أخوض في نتائج وأسماء استفتائه بالنسبة الى العربات الفارغة لكنها في غالبها وضعت بعض النواب على قمّة هرمها أعقبها بعض الوزراء وقادة القوى السياسية.
أما العربات الممتلئة، المفعمة بالعمل والإخلاص، البعيدة عن أسباب (الشو) والمتصفة بالإنجاز بصمت، فهم كُثر ولله الحمد، ولولا الخوف من تخريب وقارهم وصمتهم في محراب الجدّ والمثابرة لذكرتهم بالاسم. على أنه من باب تقديم الشكر سأذكر ثلاثة من الوزراء احتلوا مراتب متقدمة في سجل العربات الممتلئة، وهم : الشيخ خالد بن علي آل خليفة وزير العدل والشؤون الإسلامية والدكتورة فاطمة البلوشي وزيرة حقوق الإنسان والتنمية الاجتماعية القائم بأعمال وزير الصحة والدكتور ماجد بن علي النعيمي وزير التربية والتعليم. فاللهم أكثر في بلادنا من العربات الممتلئة.