الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٥١ - الاثنين ١٦ يناير ٢٠١٢ م، الموافق ٢٢ صفر ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

قضايا و آراء


السباق بين مرشحي الحزب الجمهوري وفرص أوباما





لا شك عندي ان اخبار الولايات المتحدة والإعداد للانتخابات الرئاسية في تلك البلاد ليست أخبارا محلية بل هي أخبار عالمية أي انها تتعلق بمصير الكرة الارضية أي ان نتائجها ستنعكس (ولا أقول بانها قد تنعكس) على مجريات الحياة في مختلف دول العالم، وعندنا في الشرق الاوسط بصورة خاصة.

وتقديري لهذه الانتخابات لا يعود ولا يتأثر بمدى اعجابي أو احترامي وتقديري لتلك البلاد وسياسة حكامها، بل لانني أعرف ان الولايات المتحدة، رغم تراجع نفوذها، حافظت على مكانة الدولة الكبرى والرائدة في مختلف الامور والنشاطات في العالم. اعرف جيدا بان الولايات المتحدة خسرت في الاعوام الاخيرة كثيرا من هيبتها السياسية وتراجعت اقتصاديا ولكنها حتى الان تحتفظ بمكانتها كأكبر دول العالم من حيث التقدم العلمي، وحجم التجارة وضخامة الانتاج. كما ان الدولار، عملتها المتعثرة، حافظ على مكانته كعملة التعامل بين غالبية الصفقات الاقتصادية في العالم. (وتليها الصين واليابان وألمانيا وروسيا وبريطانيا وفرنسا والهند).

ولكن متابعة حملات الانتخابات التمهيدية في الولايات المتحدة وخطاب المرشحين لرئاسة الحكم الجمهوري (المعارض) تركني في حالة من الحيرة واليأس من مستوى المتنافسين كافة على منصب المرشح لرئاسة اهم دول العالم: جميعهم أو غالبيتهم يعشقون حكومة اسرائيل وعدد من يعتبون على مواقفها «المعتدلة» الى درجة الاعلان - مجرد الاعلان - عن استعدادها الاعتراف بوجود شعب فلسطيني. صحيح ان بين المرشحين من أعرب عن اعتراضه على الدعم المالي من قبل الولايات المتحدة لاسرئيل ( وغير اسرائيل) ولكنه أكد لكل من كان مستعدا لسماع كلامه انه لا يقول هذا من منطلق العداء لسياسة اسرائيل - بل لمجرد الحرص على حاجة العاطلين عن العمل في الولايات المتحدة فقط.

وماذا قال المرشحون: انهم يؤيدون سياسة اليمين المتطرف في اسرائيل من دون تحفظ الا حول امكانية التنازل عن المناطق المحتلة، وتأكيدهم معارضتهم لسياسة اوباما من حيث رفع الضرائب على الاغنياء وتنفيذ سياسة التأمين الصحي. لماذا؟ لان التأمين الصحي يذكرهم بالنظام الشيوعي، انهم لا يقبلون بان توسع الحكومة نشاطها لصالح الفقراء ويطالبون الفئات الفقيرة بالخروج للعمل وتمويل حاجاتها وفي حالة عدم نجاحها بالحصول على العمل فهذه مشكلتها، ويمكنها حلها بعرض خدماتهم بأسعار مغرية وعلى كل حال انها ليست مشكلة الحكومة!!

وصباح احد الايام القليلة الماضية وصلتني من صديق رسالة ضمنها مقال لتوم فريدمان نشره في النيويورك تايمز عن الموضوع ذاته تحت عنوان (غير ذي صلة او لاَفٌمٌّمْْة).

وتوم فريدمان الكاتب الصحفي المشهور يحاول الاقتراح على رجال السياسة في الولايات المتحدة عرض خططهم على الناخبين والتعهد باجراءات تحافظ على التفوق الامريكي في حال وصولهم الى البيت الابيض ويقدم مثلا عن دول حية مثل كوريا الجنوبية التي تقفز نحو المستقبل بخطوات ثابته بتقديم المشاريع التي توحد طاقات افراد الشعب كافة على حساب الدولة. مثلا- تقوم كوريا الجنوبية بتوزيع الشبكة الالكترونية على كل منزل في طول البلاد وعرضها.

يقول فريدمان إن الدول الراقية بدأت مسيرتها الحضارية في مطلع القرن الماضي بتعميم التعليم اولا والكهرباء بعد ذلك والحاق ذلك بضمان الماء والغذاء وفرص العمل واليوم مطالب الرقي تفرض على الحكومات تعميم الاتصالات والتعليم الجامعي للجميع ويشير الى ان نسبة المعلومات المتوافرة اليوم لكل متتبع لما يتوافر من المعلومات في أجهزة الحاسوب لا تقارن بالمقارنة بما توافر للمواطن العادي قبل توافر اجهزة الحاسوب لجميع المواطنين العاديين.

ويشير الكاتب الى بعض المناطق المزدهرة في الولايات المتحدة بفضل توافر كليات علمية راقية فيها تشكل «موتورا» لتوليد الطاقة لجيل من الشباب يعيش في محيطها.

ويقول الكاتب ان الشعب الامريكي الذي بدأ يفقد تفوقه - وراحت الصين تهدد مكانة بلاده على رأس دول العالم - بحاجة الى من يثير الحمية ويشحن الهمم وينظم الاقتصاد للحفاظ على مكانتها - ولكن مرشحي الحزب الجمهوري يناقشون امورا لا تمت لصميم حاجيات المجتمع الامريكيومن هنا فان باراك اوباما، رغم انعكاس ضعف الاقتصاد وهبوط هيبة الولايات المتحدة قد يحقق حلمه بأن يكون الرئيس المضمون لفترة حكم ثانية في خريف العام الجديد، وخصوصا ان المعطيات الجديدة تشير الى انخفاض البطالة في الولايات المتحدة وارتياح نسبي بعد الانسحاب من العراق وبريق من الامل بان افغانستان قد تكون على طريق التخلص من الولايات المتحدة وسفك الدماء.

* كاتب فلسطيني



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة