أخبار البحرين
مركز الشيخ إبراهيم يشعل شمعته العاشرة
نخبة من الأكاديميين والمثقفين يقيمون مسيرة المركز على مدى 10 سنوات
تاريخ النشر : الاثنين ١٦ يناير ٢٠١٢
ضمن الاحتفال بمناسبة مرور عشر سنوات على إنشاء مركز الشيخ إبراهيم للثقافة والبحوث الذي تأسس بمدينة المحرق في يناير عام 2002م ويعد مركزاً ثقافياً حضارياً يقصده الدارسون والباحثون عن العلم والثقافة والمعرفة والتاريخ مما جعله مؤسسة ثقافية رائدة في مملكة البحرين حيث استقبل 335 متحدثاً في مجالات شتى كالسياسة والتاريخ والفن والشعر ضمن برنامج المحاضرات الأسبوعية، أقيمت ندوة في مقر المركز بالمحرق لتقييم مسيرته على مدى السنوات العشر الماضية، تحدث فيها نخبة من الضيوف الذين قدموا محاضرات وندوات خلال عمر المركز، وأبرزهم أستاذ النقد الأدبي بجامعة عين شمس وعضو مجمع اللغة العربية صلاح فضل، وأستاذ القانون الدستوري بجمهورية مصر العربية يحيى الجمل، والكاتبة والأستاذة الجامعية وعضو في تجمع الباحثات اللبنانيات نهى بيومي، والأكاديمي والإعلامي الكويتي البارز محمد الرميحي، ورئيسة جامعة الخليج العربي سابقاً رفيعة غباش، وسفير الجمهورية التونسية السابق لدى مملكة البحرين خالد الزيتوني.
وقد أكد الجميع ان المركز يعد احد الروافد الثقافية الهامة في مملكة البحرين، خاصة في ظل ما يقدمه من نتاج ثقافي وفكري يرقى بالذوق العام ويعزز المعرفة وينمي الحراك الثقافي، ويعود ذلك الى الجهود التي تبذلها وزيرة الثقافة رئيسة مجلس أمناء المركز الشيخة مي بنت محمد آل خليفة ودورها في المحافظة على التراث المحلي، وحرصها على تبادل الخبرات الثقافية مما يبني أواصر مشتركة مع الحضارات المختلفة.
وبدأ الندوة أستاذ النقد الأدبي بجامعة عين شمس وعضو مجمع اللغة العربية صلاح فضل مؤكدا ان مملكة البحرين أصبحت في عهد الشيخه مي كعبة المثقفين العرب من كتاب، ومفكرين، وفنانين، ورسامين وشعراء، حيث أشع مفهوم الثقافة من فضاء الحلم الجميل، الذي يرمز إلى طموح المعرفة وتشكيل الشعلة الثقافية، وكانت الثقافة هي قبلة الشيخة مي التي استطاعت ان تعلن المنامة عاصمة الثقافة العربية، الذي جاء مواكبا للاحتفال بالعيد العاشر لمركز الشيخ إبراهيم للثقافة والبحوث، الذي بات يقف في مصاف المؤسسات الثقافية الكبرى ليصبح فخر المهاجرين من عشاق العروبة والمرتبطين بها، وقد أصبحت هذه البيوت بالنسبة الى الوطن العربي مهدا لأماكن طموحة تمثل ما تحتضنه البحرين من أبناء الوطن العربي بأكمله وما تمثله في خارطة الوجدان العربي المعاصر من ثقافة واسعة مرتبطة بالحاضر.
وقال فضل: لنا ان نجعل من أزماننا انطلاقا نحو الغد، ومن حاضرنا زادا للمستقبل، عندما نستحضر كل العقول التي تثبت حضاراتنا، مشيرا إلى ان اجتماع هذه النخبة في مركز الشيخ إبراهيم بمثابة تقديم كلمة وفاء لصاحبة الفضل في هذه المبادرات لبيان دورها في تشكيل الوعي في البحرين والوطن العربي.
فيما أثنى أستاذ القانون الدستوري بجمهورية مصر العربية يحيى الجمل على الشيخة مي مشيرا إلى أنها هدية من القدر لمملكة البحرين وللثقافة، مبينا ان علاقته بالبحرين تمتد لأكثر من أربعين عاما، وبالشيخة مي ومركز الشيخ إبراهيم لحوالي خمس سنوات، مما نمّى لديه شعورا عميقا بالحب والتقدير للبحرين، إذ يشعر بالراحة فيها والنفس تهفو إليها، نظرا لان شعب البحرين يتحلى بالطيبة والرقي ولا يستشعر الإنسان فيه غلظة وجفوة وعنجهية كاذبة وبطرا بالثروة، كما ان إشعاع هذا البلد الصغير على المنطقة يستحق ان يقدر، إذ أسهمت بقدر كبير في نشر الثقافة التي هي روح المستقبل والشعوب والحضارات.
وأضاف الجمل اختيار المنامة كعاصمة للثقافة جاء لان بها روح الثقافة وأنا مع من يقولون ان بلدا بغير ثقافة يفتقد ثقافة الحوار، وبالتالي لن يوجد لديه اعتراف بالآخر، والاعتراف بالآخر يبدأ بمقولة إني لا اعرف كل شيء ولا ادعي أني املك الحقيقة كاملة، وغيري أيضا لا يملك الحقيقة كاملة، ولكنك تملك ان تعرف كيف تختلف وتتحاور، كما لا املك الحقيقة ولا يملكها غيري، ولكنى امتلكك جزءا منها وغيري يمتلك الجزء الآخر، وهذا هو مفهوم الثقافة الذي تسعى الشيخة مي لرعايته بكل ما لديها من أحلام للعروبة وبالتأكيد سوف تكلل خطواتها بالتوفيق.
وأكد الأكاديمي والإعلامي الكويتي البارز محمد الرميحي ان الثقافة هي قاطرة التنمية ومفهومهما واسع ومتعدد، ومحير فهي شيء حولنا ولكن لا نراه، هي موقف ايجابي من الحياة ومعرفة عميقة في فضاءات العالم العربي، مشيرا إلى ان العالم العربي ينقصه الموقف الثقافي الايجابي في الحياة، وإذا أردنا ان نبني المستقبل فيجب ان نبني الماضي لأنه مازال يقتلنا فنحن مازلنا نبحث في خلاف سياسي بين كل من سيدنا علي وسيدنا عثمان وحولناه إلى خلاف طائفي، راويا ان الناس سألوا الإمام أبي حنيفة من هو اعلم الناس فقال أعلمهم باختلاف الناس فقالوا له سوف نكتب ذلك على الكعبة بماء الذهب، فقال لا إني اجتهد لهذا الجيل وعلى الجيل القادم ان يجتهد لنفسه.
وخلال كلمتها قالت الكاتبة والأستاذة الجامعية وعضو في تجمع الباحثات اللبنانيات نهى بيومي ان مركز الشيخ إبراهيم جاء ليؤسس للثقافة المفتوحة بلا سقف على كل الأفكار وكل ما هو جديد، وقدم الفرصة لكل الفنانين والمثقفين والشعراء والتشكيلين وغيرهم من عرض فنهم من خلال هذا المنبر الثقافي، مبينة مدى تقديرها لهذا البلد الصغير الذي يحتضن هذا الزخم الثقافي الذي لا يموت، لأن الناس هي التي تصنع الثقافة، والشيخة مي فتحت الباب على مصراعيه لمختلف أنواع الثقافة وعلى كل شخص ان يدافع عن الثقافة التي يحبها، فبدون حب لا توجد ثقافة، فالثقافة هي إيجاد الفرصة لتفاعل الأفكار، وسوف تظل موجودة بحماية الناس، فالثقافة قد تتراجع لسبب أو لآخر ولكنها لا تموت، بل تعود مرة أخرى، ومع وجود ناس ايجابيين لا بد ان تستمر الحياة.
فيما أشار سفير الجمهورية التونسية السابق لدى مملكة البحرين خالد الزيتوني بجهود الشيخة مي في تنمية الثقافة، وسعيها المستمر لجعل المنامة عاصمة للثقافة للعام 2012، مشيرا إلى ان الفضاء الفكري الذي يستشعره الإنسان في بيت الشيخ إبراهيم يجعله يشعر دوما بفضاء الحرية، ومن الحقائق المعلومة بداهة انه لا يوجد أثر يخلق سيرة وليست كل سيرة تصنع أثراً، وما قدمته الشيخة مي لهذا البيت كان بمثابة إنقاذ للمكان ليستعيد عافيته وإشراقته كي يلمع في منارة الثقافة والفكر.
وجاءت كلمة رئيسة جامعة الخليج العربي سابقاً رفيعة غباش لتكون مسك الختام، إذ تحدثت عن رؤيتها للآخر الذي ذهب إلى العراق كي يخترق المتاحف ويسرق التاريخ، وحاول اختراق الحدود المصرية وحرق المجمع العلمي، وهذا الآخر الذي يأت إلى الدول التي ليست بها حروب، ولكن بها حب وولاء من أبناء لدولهم وانتماء لثقافتهم، وهذا العدو موجود في كل مكان، إلا في مملكة البحرين لأن المجتمع يعمل بصدق وتوجد إدارة تدير التاريخ، فترميم البيوت الأثرية التي كانت مهجورة وأصبحت الآن منارة للعلم والثقافة بفضل ورؤية الشيخة مي لهى اكبر دليل على رغبتها الحقيقية في حفظ التاريخ، متمنية ان تكون الثقافة هي المظلة التي تعيد التوازن لمملكة البحرين الحبيبة.