أخبار البحرين
في مؤتمرها الصحفي الأول.. اللجنة المعنية بتوصيات «تقصي الحقائق»:
إغلاق ملف المفصولين نهائيا نهاية يناير الجاري
تاريخ النشر : الاثنين ١٦ يناير ٢٠١٢
أعلن رئيس اللجنة الوطنية المعنية بتوصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق السيد علي بن صالح الصالح أنه سيتم إغلاق ملف المفصولين بشكل نهائي مع نهاية شهر يناير الجاري، فيما تعمل الحكومة على إعادة بناء المنشآت الدينية بشكل تدريجي.
وقال: إن اللجنة قد طلبت تفسيرا قانونيا للتوصية (1716) من حيث المقصود بالآلية المستقلة والمحايدة لمساءلة المسؤولين الحكوميين الذين ارتكبوا أعمالا مخالفة للقانون أو تسببوا بإهمالهم في حالات القتل والتعذيب وسوء معاملة المدنيين، والمقصود بالمناصب القيادية مدنيين كانوا أو عسكريين، وبيان المعايير الدولية لمسؤولية القيادة.
وأضاف الصالح في مؤتمر صحفي عقده بمبنى مجلس الشورى أمس: أنه تم طلب تفسير قانوني آخر بشأن التوصية المتعلقة بتطبيقات مكتب المفتش العام في عدد من الدول للاستفادة منها، بالإضافة إلى تفسير التوصية المتعلقة بالهيئة المستقلة الدائمة للتحقيق.
وأشار إلى تعيين خبيرين قانونيين بارزين عالميا لصياغة طريقة يمكن من خلالها معرفة كيفية استحداث آلية مستقلة والشروع في إجراءات لضمان الاستقلالية والحيادية، وتوضيح وتحديد المعايير القانونية لتقييم قضايا المساءلة، بما في ذلك الإرشادات الخاصة بتطبيق المعايير الدولية حول المسؤولية العليا في البحرين.
وأكد اتباع اللجنة منذ اجتماعها الأول - في 8 ديسمبر الماضي - عددا من المرتكزات الأساسية وهي تمارس صلاحياتها في متابعة تنفيذ توصيات تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، والتي تقوم على الالتزام التام بما ورد في الأمر الملكي رقم 45 لسنة 2011 الذي يحصر مهام اللجنة في دراسة التوصيات الواردة في هذا التقرير، والقيام بوضع مقترحاتها بشأنها بما في ذلك التوصية بالتعديلات الضرورية في القوانين والإجراءات وكيفية تطبيق هذه التوصيات، الأمر الذي يضع اللجنة الوطنية أمام مهمة محددة لا يجوز لها أن تحيد عنها أو أن تخرج عن إطارها الذي يلزمها بالمتابعة والتحقق من التنفيذ على حد سواء.
وشدد على حرص اللجنة على أن تكون مخرجات أعمالها وفقاً لأفضل الممارسات والمعايير الدولية وفي إطار من الشفافية التي تسمح للجميع بالتعرف إلى ما أنجزته من مهام خلال فترة عملها، بالإضافة إلى التحقق من أن تنفيذ الحكومة لتوصيات تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق يضمن التنفيذ الكامل لها، حيث إن للّجنة حرية التعليق على تنفيذ الحكومة لهذه التوصيات، وهو ما يتحقق عبر بناء قنوات التواصل الدائم والمستمر مع اللجنة الحكومية المعنية بتنفيذ توصيات التقرير، بما يكفل سرعة تنفيذ التوصيات من دون تأخير.
وأوضح أن أحد المرتكزات المهمة التي تتبعها اللجنة في عملها تتمثل في التأكد من أن تعمل الاقتراحات الصادرة عن اللجنة في سبيل تنفيذ توصيات تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، كصمام أمان يحول دون تكرار ما مرت به المملكة من أحداث.
ماذا حققت اللجنة الوطنية؟
وكان الصالح قد استهل حديثه بالإشارة إلى أن تشكيل اللجنة الوطنية يعد في حد ذاته إحدى الخطوات التي تعكس الجدية والالتزام اللذين عبرت عنهما مملكة البحرين تجاه تنفيذ توصيات تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق حال صدوره في 23 نوفمبر الماضي، حيث صدر الأمر الملكي بتشكيل اللجنة الوطنية بعد أيام قليلة من صدور هذا التقرير تنفيذا للفقرة (1715) الواردة فيه، وهي لجنة تتمتع بالاستقلالية الكاملة في قراراتها التي يتم اتخاذها بالتوافق بين أعضاء اللجنة البالغ عددهم 19 عضوا.
وأضاف «أنه في سبيل تحقيق أهداف اللجنة الواردة في الأمر الملكي، فقد ارتأت اللجنة أن تتوزع على ثلاثة فرق عمل أساسية تتمثل في (الفريق الحقوقي، الفريق التشريعي، وفريق المصالحة الوطنية)، بحيث يعمل كل فريق منها على وضع ما يراه من اقتراحات تتضمن الإجراءات المناسبة التي من شأنها تنفيذ التوصيات كافة - كل في مجال اختصاصه - بشكل كامل، وهي آلية عمل أثبتت جدواها، من حيث سرعة العمل ودقته، ويتوقع بفضلها أن تنتهي اللجنة من أعمالها في الفترة المحددة لها مع نهاية فبراير 2012».
وتابع «بعد مرور نصف المدة الممنوحة للجنة، نستطيع أن نؤكد أن ما أنجزته اللجنة من مهام لضمان تنفيذ توصيات تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، قد طال جوانب كثيرة من هذه التوصيات، بما يجعل نسبة المنجز منها يفوق نسبة المتبقي تنفيذه، ولا بد من منح عملية التنفيذ الوقت اللازم لضمان دقته، وخاصة ما تعلق من هذه التوصيات بجوانب تشريعية وقانونية».
وأوضح رئيس اللجنة: أنه تنفيذا لرؤية اللجنة التي عبرت عنها بضرورة العمل على تنفيذ التوصيات التي تتضمن معالجة القضايا الأكثر إلحاحا، منها التوصية رقم (1723) المتعلقة بمفصولي القطاعين العام والخاص والطلبة وإعادة بناء المنشآت الدينية، فقد تم تكليف رئيس اللجنة بمتابعة تنفيذ هذه التوصية بشكل مباشر مع الحكومة والجهات ذات العلاقة ممثلة في وزارة العمل وديوان الخدمة المدنية، إذ اتخذت خطوات فعلية لتنفيذ هذه التوصية، والتي من شأنها إغلاق ملف المفصولين بشكل نهائي مع نهاية الشهر الجاري، فيما تعمل الحكومة على إعادة بناء المنشآت الدينية بشكل تدريجي.
وقال: إنه تم اعتماد أسلوب المخاطبات الكتابية بشكل مستمر مع الحكومة، لإبلاغها بكل اقتراح يصدر عن اللجنة، ولطلب تزويدها بالإجراءات التي تمت والتي سوف تتخذ مستقبلا لتنفيذ هذه التوصيات، وقد وجدت اللجنة تجاوبا كبيرا مع العديد من الاقتراحات التي تمت مخاطبة الحكومة بشأنها، كما تم تزويد اللجنة بجدول تفصيلي يبيّن الخطوات المتخذة كافة والتي هي في طور التنفيذ.
وفيما ثمّن الصالح الخطوات المتخذة لتفعيل التوصية (1722) البندين (ي) و(ك)، بشأن تعويض عائلات الضحايا المتوفين، وتعويض كل ضحايا التعذيب وسوء المعاملة والحبس الانفرادي، والممثلة في إصدار المرسوم الملكي رقم (30) لسنة 2011م بإنشاء الصندوق الوطني لتعويض المتضررين، فقد أعرب عن أمل اللجنة في إصدار المرسوم الخاص بتحديد آلية عمل الصندوق بأسرع ما يمكن وفقا لأفضل الممارسات الدولية.
وأكد أنه بقدر ما يقع على عاتق اللجنة مسؤولية متابعة تنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، يتطلب الأمر تعاون الجهات كافة لضمان تحقيق الأهداف النبيلة التي تقف وراء مبادرة حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى إلى تشكيل لجنة دولية لتقصي الحقائق، بما يؤمن للمملكة السير بخطى واثقة على طريق الإصلاح في ظل مجتمع ينعم بالاستقرار المستدام الذي نطمح جميعاً إلى أن نعيش فيه.
أسئلــة الصحافــة
ــ صدر المرسوم الملكي بتعيين هذه اللجنة بعد دعوة القوى السياسية كافة في المجتمع البحريني، وبعضها لم يستجب للمشاركة فيها، وبصفتكم رئيس اللجنة وراعي مبادرة المصالحة الوطنية، هل سعيتم إلى دعوة تلك الجهات مجددا إلى الانضمام إلى اللجنة؟
× أجاب الصالح بقوله: نعم، تمت مخاطبتهم شفويا في البداية ثم مخاطبتهم خطيا لكن مع الأسف الشديد لم تكن استجابتهم بحسب المأمول. وأنا أؤكد أن الباب ما زال مفتوحا حتى تنتهي اللجنة من أعمالها، وبودنا أن يشاركوننا وخاصة أن التوصيات واضحة والمهمة محددة.
وأضاف: «كان بودنا أن يشاركنا الجميع ولكن لا نستطيع أن نتأخر عن القيام بهذا العمل لأن الوقت يداهمنا، فاستمررنا في العمل وتركنا الباب مفتوحا لمن أراد الانضمام إلى هذه اللجنة في أي وقت يراه مناسبا».
ـ فيما يتعلق بقضية المفصولين: لماذا تأخر إعادة البعض منهم في حين تمت إعادة عدد كبير منهم إلى أعمالهم منذ بداية العام الحالي؟
× الصالح: لقد وضعنا التوصية رقم (1723) المتعلقة بإرجاع المفصولين نصب أعيننا في اللجنة وأضفينا عليها صفة الأولوية منذ اليوم الأول لعملنا، شاكرا للحكومة تجاوبها مع توصيات اللجنة في هذا الصدد.
وبيّن أن جهودا مكثفة قد بذلتها اللجنة بالتعاون مع الحكومة خلال العشرة الأيام الأخيرة مع مسئولي الشركات لإرجاع المفصولين، لافتا إلى أن تجاوب بعضها كان جيدا فيما كان تجاوب البعض الآخر أقل من المطلوب.
ـ يبدو أن هناك ثمة ازدواجية في تعاطي بعض الشركات والمؤسسات بشأن ملف المفصولين، ففي حين تم إرجاع البعض منهم لا يزال آخرون ينتظرون الفرج، وبخاصة المفصولين من جامعة البحرين وطيران الخليج. فإلى أي حد تستطيع اللجنة إلزام تلك الجهات بإعادة المفصولين إلى العمل؟
× الصالح: هناك اجتماعات وجهود بين اللجنة والحكومة، والرؤية بيننا مشتركة تتمثل في ضرورة إعادة كل من لم تثبت إدانته في أعمال يجرمها القانون إلى عمله، فمن شارك بالتعبير عن رأيه في احتجاج أو مسيرة يجب أن يعود إلى عمله.
وقال: «نسقنا وما زلنا ننسق مع وزير العمل لحلحلة هذا الملف، وقد أثمرت الجهود خيرا بالنسبة إلى المفصولين من شركة بتلكو، واجتمعنا مع شركتي طيران الخليج وبناغاز، ونأمل أن ننهي هذا الموضوع مع نهاية الشهر ».
وفيما يتعلق بالمفصولين من جامعة البحرين، لفت الصالح إلى أنه على تواصل مع نائب رئيس الوزراء ورئيس جامعة البحرين، معربا عن الأمل في الانتهاء من ذلك قريبا.
وطمأن بأن العدد المتبقي من المفصولين ليس كبيرا، مبينا أن عدد المفصولين من الشركات الكبرى يصل إلى نحو 770 موظفا من بينهم 260 لم يقدموا بلاغا بفصلهم، ومن شركات القطاع الخاص نحو 200 موظف، بعضهم تم فصله لأسباب ليست لها علاقة بالأحداث.
وأشار إلى أنه تم الاتفاق مع وزير العمل على ترك الباب مفتوحا أمام كل من يريد التبليغ. وأكد أن هذه الأرقام قد انخفضت كثيرا بعد قرار بتلكو إعادة المفصولين، وبعد إعادة المفصولين إلى ألبا وبناغاز وطيران الخليج سيصبح العدد محدودا جدا.
وذكر أن بعض المفصولين ممن تم الاتصال بهم للعودة إلى العمل رفض ذلك بحجة الحصول على فرص وظيفية أفضل.
ـ هل ستشكل لجنة أيضا للاضطلاع بمهمة صندوق تعويض الضحايا القتلى أو من تعرضوا إلى إساءة؟
× الصالح: لقد تم إنشاء الصندوق، ولكن نريد أن نعرف كيفية صرف المبالغ ومن هي الحالات التي تستحق التعويضات. وقامت الحكومة بالاتفاق مع مؤسسات دولية بوضع آلية التعويض التي ستعرض على اللجنة لترى مدى مواءمتها لتوصية تقرير لجنة تقصي الحقائق.
ـ هل ستتمكن اللجنة من الانتهاء من عملها خلال الفترة المحددة؟
× نعم، ولكن قد يحدث تأخير في بعض التوصيات التي تتطلب التعديل على القوانين السارية أو التعديلات الدستورية أو استحداث مشاريع قوانين يجب أن تكون.
وأشار الصالح إلى أن فريق عمل حكوميا متخصصا يعمل ليل نهار على الانتهاء من مشاريع القوانين تلك، مع ضمان أن تكون بجودة عالية وبمعايير دولية لتنسجم مع توصيات لجنة تقصي الحقائق. وبيّن أن هذه المشاريع ستمر بالمؤسسة التشريعية بعد أن تطمئن اللجنة إلى وضعها وأن آلية التنفيذ مستمرة لإصدارها.
ـ لم نرَ بوادر محاسبة المسؤولين عن التجاوزات المتعلقة بالقتل أو الإساءة، وإنما سمعنا عن محاكمة صغار الشرطة فحسب.
× الصالح: لسنا لجنة تحقيق، بل إن مهمة اللجنة تقتصر على متابعة تنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق. وبسؤالنا الحكومة عما تم اتخاذه بخصوص توصية اللجنة بشأن محاسبة المسئولين عن تلك التجاوزات، قالت إنه تمت إحالة 107 من منتسبي الأمن العام إلى المحاكمة وقد جرى بالفعل محاكمة نحو 48 منهم، ولا تزال العملية مستمرة.
وأكد أن اللجنة تتابع باستمرار وعن كثب مجريات هذا الملف والتأكد من تحويل كل من يثبت تورطه في ذلك إلى النيابة العامة ثم يحاكم محاكمة عادلة.
ـ ما هي التوصيات التي تحتاج إلى تعديل تشريعي؟
× قال الصالح: إن بعض التوصيات تتطلب تعديل بعض المواد في قانون العقوبات، لافتا إلى أن الفريق القانوني بالحكومة يقوم حاليا بصياغة هذا التعديل لموافاة اللجنة به لتقوم بدورها بالتأكد من أنه تم وفقا لما هو مطلوب.
وتابع قائلا: «هناك مشاريع قوانين كثيرة تتعلق بالإعلام وقوانين الحريات والتي من الضروري معالجتها». في حين قد تم تنفيذ بعض التوصيات بالفعل، ومن بينها المفتش العام بوزارة الداخلية الذي صدر تشريع بفصله واعتباره جهة رقابة، فضلا عن صدور تشريع آخر بشأن جهاز الأمن الوطني واعتباره جهازا لجمع معلومات وليس جهازا للتنفيذ، ويجب أن يكون هناك مفتش عام ليراقب أعمال هذا الجهاز كما هو سار في الداخلية.
ـ ما هو تصوركم للمصالحة الوطنية؟
× الصالح: هذا الموضوع قد يحتاج إلى فترة طويلة، فمن ضمن محاور المصالحة تنظيم أجهزة الإعلام لكي تعمل على جمع الكلمة وتوحيد الصفوف، بدل العمل على تأجيج المواقف.
وأشار إلى أنه قد تم رفع عدد كبير من التوصيات الرامية إلى جعل أجهزتنا الإعلامية حرة ومسؤولة وفق المستويات الدولية، مضيفا أن المصالحة تقوم على غرس قيم التسامح وقبول الآخر في أطفالنا من خلال المناهج والتعاون بين الأسرة والمدرسة، فضلا عن دور رجال الدين أصحاب الكلمة المسموعة، مذكرا بأن ديننا الحنيف يدعو إلى التسامح والترابط والأخوة.
وأضاف: «لقد عشنا أزمانا طويلة لم نشهد خلالها ما شهدناه خلال فترة الأزمة، ولكن يظل شعب البحرين مجبولا على التراحم والطيبة والتسامح، لذلك ستكون هذه الأزمة سحابة صيف».
ولفت إلى تبني مجلس الشورى مبادرة المصالحة الوطنية داخل المؤسسات. وقال: إن الدول التي تعرضت لمثل هذه الأزمات - مثل إيرلندا بعد الحرب الأهلية وجنوب إفريقيا - قد استعانت بشركات ومؤسسات متخصصة لحل النزاعات والوصول إلى مصالحة وطنية. وقد طلبت اللجنة من الحكومة الاستعانة بمثل هذه المؤسسات لوضع برامج لتنفيذ المصالحة.