الجريدة اليومية الأولى في البحرين


المال و الاقتصاد

في دراسة حول استراتيجيات الاستثمار في دول الخليج
الطاقة الإنتاجية ستنمو بمعدل سنوي مركب 2,9% بين عامي 2011 و2013

تاريخ النشر : السبت ١٩ يناير ٢٠١٢



بعد تسجيل ارتفاع تجاوزت نسبته 25 في المائة في عام 2010، واصلت أسعار النفط التحرك في نفس الاتجاه، مسجلة ارتفاعا آخر بنسبة 26,2 في المائة في عام 2011، وفيما يتعلق بتوقعات النفط العالمية لعام 2012، فهي ليست واضحة على الإطلاق، حيث تبدو عوامل الاقتصاد الكلي، والأوضاع الجغرافية السياسية، وعوامل العرض/الطلب، جميعها تتحرك في اتجاهات مختلفة.
فالاضطرابات الاقتصادية تتسبب في عدم استقرار الطلب على النفط، كما أن تباطؤ النمو الاقتصادي يؤثر سلبا على أنشطة التصنيع في جميع أنحاء العالم.
وانتقل ضعف الطلب على النفط إلى كل من الصين، والهند، مما أدى إلى مراجعة توقعاتنا لنمو الطلب على النفط في البلدين خلال العام المقبل بالانخفاض.
ومن المتوقع أيضا، أن تشهد مناطق أخرى تباطؤا اقتصاديا، من ضمنها دولة البرازيل، إضافة إلى العديد من الاقتصادات في أمريكا اللاتينية. لذا، فإننا نفترض احتمال حدوث تقلب في أسعار النفط، وأن يبقى متوسط أسعار النفط في عام 2012 عند ذات المستوى المسجل في عام 2011.
استمرار ضخ الأموال في المشاريع
أسهمت أسعار النفط المرتفعة، واستقرار مستويات إنتاجه في تحفيز النمو الاقتصادي في المنطقة. واستمرت إيرادات قطاع الطاقة في الاستحواذ على الجزء الأكبر من إيرادات دول الخليج على الرغم من أن هذه الدول تبذل جهودا حثيثة في التنويع الاقتصادي لتطوير قطاعاتها الاقتصادية غير النفطية. ولكي تواصل الاستفادة من ارتفاع أسعار النفط في الفترة السابقة، ركزت دول الخليج على زيادة إنتاجها النفطي عن طريق إضافة منتجات جديدة متنوعة إلى العروض التي تقدمها. وتقدر قيمة المشاريع المزمع تنفيذها في قطاع النفط الخليجي حتى يومنا هذا بقيمة 353 مليار دولار أمريكي. وبالرغم من هذا السيناريو المتفائل، مازال تأجيل تنفيذ هذه المشاريع أو إلغاؤها يؤثر سلبا على الأسواق.
استثمارات جديدة في السعودية
تمتلك السعودية حاليا ما يقرب من 147 مشروعا في قطاع الصناعات البتروكيماوية تعتزم تنفيذها في الفترة المقبلة، وتبلغ قيمة هذه المشاريع مجتمعة 215 مليار دولار أمريكي. وتركز هذه المشاريع بشكل كبير على أنشطة استكشاف النفط والغاز، ومن أهم المشاريع المقبلة، مشروع مجمع ينبع المتكامل لتكرير البتروكيماويات، وهو حاليا في مرحلة الدراسة وقد خصصت له ميزانية تقدر بقيمة 20 مليار دولار أمريكي، إضافة إلى مشروع آخر مهم، وهو مشروع مصفاة جازان الذي وضعت له ميزانية تقدر بـ 7 مليارات دولارات أمريكية.
166 مشروعا في الإمارات
تمتلك الإمارات حاليا ما يقرب من 116 مشروعا في قطاع الصناعات البتروكيماوية تعتزم تنفيذها في الفترة المقبلة، بقيمة إجمالية تبلغ 98 مليار دولار أمريكي. وتركز هذه المشاريع بشكل كبير على أنشطة استكشاف النفط والغاز، ومن أهم هذه المشاريع المقبلة، مشروعا (تكامل) و(مدينة الغربية للكيماويات) اللذان مازالا حاليا في مرحلة التخطيط، وتقدر ميزانيتهما بنحو 20 مليار دولار أمريكي. علاوة على مشروع آخر مهم، وهو مشروع (زادكو) الذي وضعت له ميزانية تقدر بـ 10 مليارات دولار أمريكي.
توقعات بارتفاع الطلب
تحولت الأسواق الناشئة أكثر إلى محفزات نمو في الاقتصاد العالمي نظرا إلى أن الأسواق المتطورة والمتقدمة تواجه نموا بطيئا بل سلبيا. وينطبق هذا بشكل خاص على الصناعات البتروكيماوية، التي تعتمد على الأسواق الناشئة في آسيا وغيرها، حيث تستوعب الطاقات الجديدة نظرا إلى بدء تشغيل المزيد من الطاقات في السنوات القليلة المقبلة. لذا، فإننا نرى أن جزءا كبيرا من نمو الطلب في المستقبل سيأتي من هذه المنطقة مما سيتيح لقطاع الصناعات البتروكيماوية الخليجي إيجاد سوق جاهزة لاستيعاب منتجاته. ومع أننا نرى أن أمريكا قد خرجت تدريجيا من الركود الاقتصادي حيث كانت الأرقام الاقتصادية مشجعة للغاية، فإننا نتوقع أن يكون الطلب من هذه المنطقة أفضل منه في السنوات السابقة. في حين نتوقع أن يكون هناك إمكانية أكبر لحدوث تباطؤ اقتصادي في أوروبا يؤدي إلى ركود مما سيلقي بظلاله على الطلب على المنتجات البتروكيماوية.
واقع الأسواق المتقدمة
تراجعت عمليات التوسع في الطاقة الإنتاجية للبتروكيماويات في الأسواق المتطورة، وخاصة في الولايات المتحدة، منذ مطلع القرن العشرين. وارتفع متوسط أسعار الغاز الطبيعي الذي انتقل من دولارين للمليون وحدة حرارية بريطانية خلال فترة التسعينيات، إلى أكثر من 13 دولارا أمريكيا للمليون وحدة حرارية بريطانية في عام 2008، كما بلغت حوالي ستة دولارات أمريكية للمليون وحدة حرارية بريطانية خلال العقد الحالي.
وفي الوقت الذي استقرت فيه أسعار النفط عند مستوى أعلى من 70 دولارا أمريكيا للبرميل، ارتفعت معه أيضا أسعار المزيج البترولي. ونتيجة لذلك، تجد معامل تكرير النفط الأوروبية والأمريكية صعوبة أكبر في التنافس مع معامل الشرق الأوسط ذات الكلفة المنخفضة. ونظرا إلى أن المنتجات البتروكيماوية منتجات سلعية أساسية، فإن سعرها غالبا ما يكون العامل الأكثر تمييزا، مما يتيح للمنتجين ذوي الكلفة المنخفضة التميز عن المنتجين ذوي الكلفة المرتفعة.
و نتيجة لذلك، نتوقع أن يتم إيقاف الإنتاج في الأسواق المتطورة مثل الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي حيث تسعى الشركات باستمرار إلى خفض إنتاجها لتكون أكثر تنافسا مع المنتجين ذوي الكلفة المنخفضة.
ونتوقع أن ينمو إجمالي الطاقة الإنتاجية للصناعات البتروكيماوية في دول الخليج بمعدل سنوي مركب يبلغ 2,9 في المائة خلال الفترة ما بين عام 2011 وعام 2013، وأن تأتي معظم الطاقة الإنتاجية من السعودية تليها قطر.
ومن ناحية النمو، يتوقع أن تنمو أعمال توسعة الطاقة الإنتاجية في قطر بمعدل سنوي مركب يبلغ 13,4 في المائة خلال الفترة ما بين عام 2011 وعام 2013، مما سيؤثر إيجابا على زيادة السعة السوقية في دول منطقة الخليج لتصل إلى 14,2 في المائة في عام 2013 بالمقارنة مع 10,3 في المائة في عام 2010.
تغير في المادة الأولية
تعاني دول الخليج حاليا نقصا في مادة الإيثان، والتي تعتبر منذ زمن طويل المادة الأولية الأساسية للمصانع البتروكيماوية نظرا إلى تزايد الطلب المحلي عليها لدعم صناعات أخرى، وأهمها الطاقة، والصلب، والألمنيوم.
علاوة على ذلك، تعمل دول منطقة الخليج على تطوير سياساتها لتعطي الأولوية لاستخدام الغاز المحلي بدلا من تصديره، والتوقف تدريجيا عن دعم أسعاره، والمواءمة بين أسعار الغاز الطبيعي المحلي وبين أسعار الغاز المصدّر.
ونتيجة لذلك، يتجه بعض مالكي المشاريع البتروكيماوية مثل شركة (كيماويات) في الإمارات، و(كيان) في السعودية، إضافة إلى مالكي الصناعات التكميلية في السعودية الى الابتعاد عن إنتاج البتروكيماويات القائمة على الإيثان والموجهة إلى التصدير، لذا فهي تعمل حاليا على وضع خطط بهدف إنتاج مجموعة واسعة من الكيماويات الخاصة ذات القيمة العالية لاستخدامها في صناعات السيارات، والمنسوجات، والالكترونيات، والبناء والتشييد، والزراعة، والصناعات الدوائية.
نمو شركات الأسمدة الخليجية
نتوقع أن ينمو إجمالي الطاقة الإنتاجية للأسمدة في دول الخليج بمعدل سنوي مركب يبلغ 16,4 في المائة خلال الفترة ما بين عام 2009 وعام 2013، كما نتوقع أن يأتي الجزء الأكبر في التوسع في الطاقة الإنتاجية البالغ 13,3 مليون طن من السعودية، تليها عمان وقطر. وتعزى التوسعات الكبرى في السعودية وقطر بصفة أساسية إلى:
توافر إمدادات مستمرة من مواد خام الغاز بأسعار مدعمة جدا، استمرار وجود فجوة في الطلب والعرض في الأسواق الآسيوية وفي أسواق الشرق الأقصى، وتوقعات بأن يبقى متوسط أسعار منتجات الأسمدة مرتفعا.
ونتيجة لذلك، سوف تؤدي هذه العوامل إلى استمرار نمو قطاع الأسمدة الخليجي ليستقر هامش إجمالي أرباحه عند 68 في المائة خلال الفترة ما بين عام 2011 وعام 2013.
نظرة مستقبلية
يتبع الطلب على المنتجات البتروكيماوية والمنتجات الفرعية عادة الاتجاهات الاقتصادية العالمية نظرا إلى طبيعة استخداماتها النهائية. وفي بداية الأزمة الاقتصادية العالمية، تراجع الطلب على المنتجات البتروكيماوية ومن ثم على أسعارها إلى مستويات تاريخية منخفضة. وعلى الرغم من انتعاش أسعار هذه المنتجات، فإن توقعاتنا لها في المدى البعيد تبدو موضع شك، وتشكلها الاتجاهات الناشئة التي تؤثر على سلسلة القيمة المضافة لقطاع الصناعات البتروكيماوية العالمي.
وفي هذا القطاع، تبقى رؤيتنا المستقبلية إيجابية لكل من شركات سابك، وينساب، في الوقت الذي تقدم فيه سافكو توزيعات كبيرة للأرباح.