في الصميم
لماذا هددوا بتعليق الجلسات؟!
تاريخ النشر : السبت ١٩ يناير ٢٠١٢
لطفي نصر
رغم أن أوضاع المتقاعدين بالبلاد لم تستحوذ على وقت طويل من جلسة مجلس النواب أمس الأول.. فإن ما حظيت به هذه القضية المهمة من وقت الجلسة كان هو الأهم والأثمن والأنفع بدون أي مبالغة.
لقد بلغ الموقف ذروته وروعته وصدقيته في نفس الوقت عندما وقف أحد النواب، وهو النائب عيسى القاضي مؤكدا أن الصمت والخذلان في معالجة قضية المتقاعدين لم يعد يمكن تحمله أو السكوت عنه، وخاصة بعد أن عرف الجميع أن النسبة العظمى من المتأخرين في سداد فواتير الكهرباء هم من المتقاعدين لا لشيء إلا لأنهم غير قادرين على السداد.. ثم طالب بتعليق جلسات مجلس النواب حتى تحل هذه القضية أو يحصل المجلس إزاءها على وعود مؤكدة بالحل!
أيضا كانت مأساة المتقاعدين كما أطلق السادة النواب عليها هي القاسم المشترك عند مناقشة معظم الموضوعات المدرجة على جدول أعمال نفس الجلسة.. فلم يمر موضوع إلا وقد وجدوا فيه اسقاطا على قضية المتقاعدين.. مثلا كرر السادة النواب في مداخلاتهم أكثر من مرة متسائلين: كيف تسمح الحكومة لنفسها أن تمنح الدعم والقروض بمئات الملايين لطيران الخليج وغيرها، وبعضها يتبخر ويذهب سدى ولا يرد ثم تبخل ببضعة ملايين لتسوية أوضاع المتقاعدين؟!
وتساءلوا أيضا في حضرة وزير المالية: كيف تبخل الحكومة على المتقاعدين بزيادة نسبتها 37,5% ليتساووا في ذلك مع موظفي الدولة - كما سبق أن أعلنت ذلك صراحة - ثم تلقي اليهم بعد ذلك بمبلغ 75 دينارا على سبيل الاعانة؟!
وقالوا: أليس هؤلاء المتقاعدون آباءنا وأمهاتنا الذين شيدوا البحرين وأرسوا قواعد حضارتها وتقدمها.. وحملوا مشعل الذود عن حياضها وكرامتها وعزها على مر الأزمان؟!
الحقيقة لقد قالوا ما هو أكثر من ذلك.. فقد كانت وقفة شرف وإباء ووفاء مع من أوصانا بهم الرب الكريم خيرا واختبر وفاءنا وإخلاصنا من خلالهم.
لهذا كانت الموافقة على المشروع المطروح الذي كان على جدول أعمال الجلسة بالاجماع والاصرار.. رغم أن المواضيع التي تحظى بمثل هذا الاجماع ليست بالكثيرة.
وافق المجلس بالاجماع على الاقتراح برغبة الذي ينص على «قيام الحكومة بإعادة النظر في زيادة المتقاعدين بنسبة 37% وفقا لما ورد في التصريحات الحكومية من دون تحديد حد أعلى أو أدنى للاستحقاق، بالاضافة الى اعانة المعيشة البالغة 75 دينارا والتي شملت جميع المتقاعدين».
والجدير بالذكر أن هذا المشروع مقدم من السادة النواب: عيسى علي القاضي - عبدالرحمن راشد بومجيد - حسن سالم الدوسري - عدنان محمد المالكي - محمد سالم بوقيس.
وقد أكدوا في مشروعهم انه يقوم على اعتبارين لا ثالث لهما، وهما:
أولا: تخفيف معاناة المتقاعدين من صعوبات المعيشة.
ثانيا: تنفيذ توصيات حوار التوافق الوطني وتوجهات جلالة الملك التي أكدت بصريح العبارة «تحسين معيشة المتقاعدين».
وأشار السادة النواب في مشروعهم أيضا من خلال الجداول الاحصائية والأرقام المحددة ان الكلفة السنوية لهذا المشروع هي على وجه التحديد (9,470,999 ملايين دينار بحريني).
ولما كان السيد وزير المالية قد قال خلال الجلسة إن الحكومة أو بمعنى أدق «الخزانة العامة للدولة» هي التي تحملت وحدها كلفة الزيادة التي حصل عليها موظفو الحكومة مؤخرا، بما فيها الاعانة التي صرفت للمتقاعدين عندما آثرت الابتعاد كلية عن تحميل الصناديق التقاعدية أية أعباء جديدة حفاظا على مستقبل الأجيال القادمة ممثلين في ورثة أصحاب المعاشات التقاعدية بمن فيهم الأبناء والأحفاد والأرامل.. وأحيانا الآباء والأمهات.
ولما كان كل ذلك كذلك مصدقين هذا الطرح الأمين للشيخ أحمد بن حمد آل خليفة وزير المالية.. فماذا يضير الخزانة العامة للدولة تحمل تبعات هذا المبلغ البسيط ألا وهو المحدد في مذكرة السادة النواب مقدمي المشروع وهو (9,470,999 ملايين دينار).
على فكرة.. كل المتقاعدين سعداء جدا بهذا المشروع وبهذه الوقفة الوطنية والانسانية الرائعة للسادة النواب.. ولديهم اليقين بأن جلالة الملك المفدى وسمو رئيس الوزراء لن يخذلاهم.. مع الأخذ في الاعتبار أن السادة النواب قد عبروا عن غضبهم وعدم ارتياحهم لكون الحد الأدنى لمعاشات المتقاعدين في الحكومة والقطاع الخاص لا يزال عند (200 دينار) مضافا اليه بالضرورة الـ 75 دينارا التي حصلوا عليها مؤخرا على سبيل الاعانة.