فيلم «هلا لوين»؟
حكاية ضد العنف والطائفية
تاريخ النشر : الجمعة ٢٠ يناير ٢٠١٢
محميد المحميد
أول السطر:
إلى متى سيظل شارع الشيخ عبدالله بالمنامة وغيره من شوارع البلاد تعج بالشعارات واليافطات ذات الألفاظ الثأرية والعبارات الدينية والإعلانات التجارية رغم انتهاء فترة مناسبتها.. سؤال عاجل إلى المسئولين عن تنفيذ القانون في البلديات؟
«هلا لوين؟»:
بالأمس التقيت مع د. مصطفى السيد الأمين العام للمؤسسة الخيرية الملكية في مجمع الدانة بالعاصمة، وذلك استجابة لفكرة جميلة ودعوة رائعة بأن نذهب للغداء معا ثم ندخل لمشاهدة أحد الأفلام المعروضة، ونقوم بتحليل الفيلم بعد ذلك في دردشة محلية وسياسية، وقد اقترح د. مصطفى السيد أن نشاهد الفيلم السينمائي اللبناني: «وهلا لوين»؟، ويعني باللغة الفصحى: «والآن إلى أين؟».
الفيلم من انتاج عام 2011م وتدور قصته عن قرية لبنانية معزولة بسبب وجود ألغام تحيطها، ويسكن القرية مسلمون ومسيحيّون وتقوم بينهما مشاحنات طائفية يومية، فلجأت نساء القرية لحيلة غريبة (سنذكرها لاحقا) كي يصرفن الرجال عن تلك المشاحنات ولإلهائهم عن المشاكل الطائفية، وبعد عدة تطورات في الفيلم تعلن كل امرأة تغيير ديانتها (المسيحية تعتنق الإسلام والعكس) لوضع الرجال تحت الأمر الواقع.
الفيلم يزخر بالمشاهد القوية والإسقاطات الكثيرة ولعل من أبرزها مشهد قيام سيدة مسيحية في الفيلم حين تطلق الرصاص على قدم ابنها الشاب لتمنعه من الاقتتال مع أبناء قريته المسلمين، ومشهد الجارين المسلم والمسيحي اللذين يعيشان معا ويقضيان أمتع الأوقات، ولكنهما يتحولان الى اعداء لحظة اشتعال خلاف مذهبي وحمل السلاح لدرجة تكسير أحدهما عكاز طفله من أجل ضرب جاره، كما أن الفيلم ركز على دور رجال الدين في تحكيم العقل والمصلحة العامة وإبعاد شبح الفتنة والطائفية.
بعد انتهاء الفيلم دار حديث مع د. مصطفى السيد حول قصة الفيلم وأفكاره، وقد اتفقنا على عدة نقاط أبرزها: أن التعايش هو الأصل في أي مجتمع يضم عدة مكونات وأطياف وديانات وتوجهات، وأن التآلف بين أفراد المجتمع هو الأساس في كل مناحي الحياة، وهناك قواسم مشتركة تجمع بينهم، غير أن الطائفية وما ينتج عنها من كراهية وعنف وتنافر هي المصيبة التي تهدم أي مجتمع.
هذا بجانب الدور البارز والمهم الذي يمكن أن تساهم فيه المرأة في المجتمع وأهمية التربية داخل البيت وضبط الانفلات في المشاعر والانتقام وردود الفعل، بالإضافة الى دور رجال الدين في تهدئة الأوضاع وإبراز القواسم المشتركة واستثمارها بين أفراد المجتمع بدلا من تأجيج الخلافات واستغلال الأمور غير المتفق عليها في إثارة الفتنة والحقد والغل وإصباغ اللبوس الديني على تلك الممارسات الخارجة عن القانون والإنسانية باعتبارها ممارسات دينية ومشاريع من أجل الطائفة، تماما كما هو حاصل اليوم من بعض أصحاب المنابر في تأجيج الفتنة وتحدي القانون، رغم ما يرفعونه من شعارات وما يتحدثون به من عبارات وكلمات.
فيلم «هلا لوين..؟» فيلم رائع وجميل يستحق المشاهدة، تماما كما استحق الفوز بجوائز عديدة، وعرض في مهرجان (كان) السينمائي الدولي، ويستحق الفيلم من أهل الثقافة والمسرح في البحرين القيام بأعمال مسرحية وثقافية تسهم في غرس الروح الوطنية وتعزيز الثقافة الديمقراطية ومحاربة الطائفية ونبذ العنف والتخريب.
تبقى نقطة مهمة تتمثل في أن «الحيلة والخدعة» التي لجأن اليها النساء في الفيلم لإلهاء الرجال عن الخلافات والطائفية هو جلب نساء وراقصات أوروبيات، وتوزيع الحشيش والمخدرات، وهذا بالطبع ليس بالخدعة المضمونة التي يمكن أن يلجأ اليها أي شخص لحل مشكلة الطائفية في المجتمع، ولكنها ربما تكون حيلة «رمزية» أراد مخرج الفيلم السينمائي أن يضعها للمشاهد لعرض وتقديم أي أمر ممكن أن يشغل الرجال والساسة وأصحاب العمائم عن الاشتغال بالطائفية وإشعال البلد بالعنف والتخريب.
فكل الشكر والمحبة للدكتور مصطفى السيد على الجلسة الجميلة و»العزومة» الدسمة.
آخر السطر:
لجنة التحكيم في الاتحاد البحريني لكرة القدم أقدمت على مبادرة جميلة تمثلت في تكريم وزيارة قدامى الحكام في لفتة وفاء حضارية.. كل ما نتمناه ونقترحه أن تقوم المدارس والأندية والجمعيات وغيرها بتكريم وزيارة قدامى العاملين في تلك المؤسسات حتى يشعروا أن هناك من لا يزال يتذكرهم ويقدر دورهم في هذا الوطن.