إذا أردنا التقدم
تاريخ النشر : الجمعة ٢٠ يناير ٢٠١٢
صلاح عبيد
إذا أردنا أن نصل إلى مراتب الدول المتقدمة فإن أول ما ينبغي علينا عمله هو قياس مستوى إنتاجية الموظفين والعمال في بلادنا في مختلف قطاعات العمل، الحكومية والخاصة، والارتقاء بها إلى أعلى مستوى ممكن، وساعتئذ سنرى كيف ننقل بلادنا واقتصادنا وأنفسنا وعائلاتنا إلى مستوى اقتصادي مرتفع جدا نسبق به جميع دول المنطقة، ولنا أصدق مثال في المجتمع الياباني الذي يتربع على عرش التفوق في معدلات الإنتاج على مستوى العالم كله منذ عقود طويلة، والذي هو أحد أهم أسباب التفوق الصناعي والتجاري الياباني وغزو منتجاتها مختلف دول العالم وارتفاع الطلب عليها.
بالطبع لسنا نحلم حتى مجرد حلم بالوصول إلى مرتبة الشعب الياباني في الإنتاج، لكن يكفينا أن نحلم ببلوغ مستويات الإنتاج في بريطانيا مثلا التي هي واحدة من دول الصف الثاني في الإنتاج بعد اليابان والصين والولايات المتحدة وألمانيا حسبما تشير الدراسات الحديثة، وهذا لا يعني بتاتا أن الوصول إلى المستويات البريطانية سهل ميسور، بل هو أصعب من إعلان الحرب على دولة تتفوق علينا عددا وعُدة، لأن تغيير السلوك الإنساني والمفاهيم المجتمعية والفكرية لأي مجتمع هو أصعب مهمة على الإطلاق.
أتمنى أن يسأل كل منا نفسه: كم هو معدل إنتاجيتي في عملي؟ وهل يوازي المرتب الذي أتقاضاه أم أنني أقدم إلى جهة عملي جهدا وإنتاجية أقل من الثمن الذي تدفعه لي شهريا لإنجاز مهماتي الوظيفية؟ وهل أحرص على أداء عملي حتى لو كنت مريضا أو أعاني من أي مشكلة صحية أو أسرية أو اجتماعية أو اقتصادية أو غيرها، أم أتلمس الأعذار بشتى الوسائل للتغيب عن العمل؟! وهل أنا مرتاح لوظيفتي أم أنني أقوم بها مرغما؟ فإن كنت مرتاحا منها فلماذا لا أقدم لها كل طاقتي؟ وإذا لم أكن مرتاحا منها فلماذا أستمر في خداع نفسي وأرباب عملي بالاستمرار في وظيفة لا أستطيع أداءها على الوجه الأكمل لأنني لا أحبها؟! وهل الحاجة المادية سبب كاف للاستمرار في خطيئة الخداع المزدوج تلك؟!
إذا أردنا أن نصل إلى مستوى إنتاجية وتقدم البريطانيين مثلا فيجب علينا أن نتفوق عليهم في حرصهم على أداء أعمالهم، وفي هذا الباب فقد كشفت أحدث دراسة تم إجراؤها على معدلات العمل في تلك البلاد ((أن نحو ثلث البريطانيين يذهبون إلى العمل رغم المرض، لأنهم يخشون على وظائفهم. ووجدت الدراسة أن ثلث البريطانيين هم الآن أكثر ميلا لإجبار أنفسهم على الذهاب إلى العمل رغم المرض نتيجة المناخ الاقتصادي غير المستقر، وأقر نصفهم بأن العامل الأكثر أهمية في قرارهم هو الأمن الوظيفي. وتبين أن الفئة العمرية الأكثر إقداما على الذهاب إلى العمل رغم المرض هي من عمر 16 إلى 24 عاما حيث اعترف 85 في المائة من أفرادها بأنهم ذهبوا إلى العمل وهم مرضى خلال العام الماضي. وأضافت الدراسة أن الموظفين البريطانيين الذين يتقاضون راتبا سنويا يقل عن 20 ألف جنيه إسترلينيني هم الأكثر احتمالا للذهاب إلى العمل رغم المرض بسبب الصعوبات المالية. وأشارت الدراسة أيضا إلى أن النساء البريطانيات العاملات هن أكثر إقداما من الرجال على الذهاب إلى العمل رغم المرض بسبب الركود الاقتصادي، وأبدت 33 في المائة منهن استعدادهن للعمل وهن مريضات بالمقارنة مع 27 في المائة من الرجال)).
ترى.. كم هي نسبة الموظفين البحرينيين الذين يحرصون على الذهاب إلى أعمالهم حتى وهم مرضى؟! وكم نسبة (المتمارضين) الذين يدّعون المرض للتهرب من وظائفهم؟!
الإجابة عن هذه التساؤلات تعطينا فكرة عامة عن معدلات إنتاجيتنا الحالية، وعن الخطوة التي يجب أن نخطوها إذا أردنا أن نرتقي بدرجات التقدم في جميع مجالات حياتنا.
salah_fouad@hotmail.com