الشعـب.. والمـلك
تاريخ النشر : الجمعة ٢٠ يناير ٢٠١٢
حامد عزة الصياد
قالها الشعب.. واستجاب لها الملك
في حوار التوافق الوطني أكثر من دلالة على اجتماع الشعب في إرادة واحدة، وفي أحداث البحرين أكثر من حكمة تحلت بها قيادتنا الرشيدة في معالجة الأحداث بصدور «تقرير بسيوني»، وفي موازين التجارب الديموقراطية مازال جلالة الملك - الوحيد عربيا - يقود قطار الإصلاحات الذي انطلق بصافرة الميثاق في 2002 وعلى متنه صعد 98,9% من مجموع الشعب البحريني يجلسون على المقاعد..
من الخطأ التسليم بأن القلق المتصاعد من بعض الذين يصيبهم الذعر من مسيرة القطار باستطاعتهم أن يعيقوا طريقه بالشعارات المبتذلة، وحرق حاويات القمامة، والإطارات، وإتلاف أعمدة الكهرباء، وقطع الطرقات بالحجارة، وسكب الزيوت، وتهديد المارة بالسلاسل، والمولوتوف، وأسياخ الحديد، والإضرار بالمدارس، والمنشآت الحيوية، والاعتداء على الشرطة، وهي أفعال لا تقرها الأديان ولا الأعراف الدولية ويجرمها الإسلام في حد الحرابة، والقصاص في القتل، والعين بالعين، والسن بالسن، والجروح قصاص..
في كل دول العالم، تجرم هذه الأفعال بضمانات إجرائية، ويعاقب مرتكبوها بأشد العقوبة المقررة في الجنايات والجنح المضرة بأمن الحكومة، أو كل من أتلف، أو عطل وسائل مواصلات، أو مرافق عامة، أو حرض، أو تخابر مع دولة أجنبية، أو القيام بأعمال عدائية بهدف إضعاف الروح المعنوية وزعزعة استقرار البلاد، وسعى في تعريض وحدتها وسلامة أراضيها وأمنها للخطر.
في التوافق الوطني، أجمع الشعب البحريني على تطوير مؤسسات الدولة، وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين، ومن ثم أعلن جلالة الملك «الأحد» الماضي حزمة من التعديلات الدستورية، كان أهمها مايتعلق بالدور الرقابي لمجلس النواب في استجواب الوزراء أمام جلسات عمومية، وإعطاء رئاسة المجلس الوطني لرئيس مجلس النواب، ومنح الثقة للحكومة والانفراد دون -المجلس الوطني - بحق تقرير عدم التعاون معها، وهذا بخلاف ماورد في النقاط الأربعة أ، ب، ج، د، من المادة 67 من دستور مملكة البحرين..
هذه التعديلات الملكية التي أثلجت صدور البحرينيين، كان وراءها مرئيات شعب بكل أطيافه، يسودها المطالبة المستمرة بسلوك أفضل، وتحصيل أكثر، وطموح أعلى مما كانت تحلم به بعض مراسلات المعارضة التي تم تداولها مع رئيس مجلس النواب بشأن هذه التعديلات في مايو 2008، وكشفت عنها الغطاء جريدة «الوطن» الثلاثاء الماضي..
لقد وضعوا أهدافا تتطلب قدرات وإمكانيات ليست في متناول أيديهم، وكانت أقصى ما تتمناه تلك المراسلات، «تمديد فترة دراسة مجلسي الشورى والنواب للقوانين الاقتصادية وزيادة المهام الرقابية للنواب»، فإذا ماجاءت تلك التعديلات الملكية بأكثر مما هو متوقع قياسا على ما طالبت به المعارضة، فعلى الأقل أن يقابلوا ذلك بالشكر والعرفان، لا أن يصرفوا الانتباه عن المنجزات الايجابية، ويعلنوا بعدم كفايتها في وسائل الإعلام..
الذين يفهمون أن قطار الإصلاح معطوب دائما ما لم يقودوه بأنفسهم، مخطئون حقا، والذين يعتبرون نجاح الغير هزيمة لهم، ليسوا بقادرين على إثبات صحة مواقفهم، وهم في كلتا الحالتين، يشكلان مصدرا للإحباط لمريديهم، حيث لا يجاهد هؤلاء فيما ليس بمقدورهم، ومن ثم، ليس أمامهم إلا نتيجة واحدة، أنه مهما أعلن الملك من إصلاحات، ومهما قدمت الدولة من إنجازات، فلا يملأ عين ابن آدم إلا التراب.