الجريدة اليومية الأولى في البحرين


أخبار البحرين

الدكتور عبدالرحمن الفاضل في خطبة الجمعة:

هؤلاء ليسوا «معارضة» إنهم مجرمون يجب طردهم من الوطن

تاريخ النشر : السبت ٢١ يناير ٢٠١٢



قال الدكتور عبدالرحمن الفاضل خطيب جامع نوف النصار بمدينة عيسى في خطبته ليوم الجمعة أمس
يقول تعالى: «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا»
ما نعلمه أن مجلس التعاون الخليجي لم يقم إلا لمواجهة الأخطار والتحديات التي تهدد دول الخليج العربية الداخلية منها والإقليمية!! وما قيل في مؤتمر: الأمن الوطني، والأمن الإقليمي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية: رؤية من الداخل والذي انتهت أعماله منذ يومين هنا في البحرين لم يأت بجديد غير التنظير الجميل في إعداد البحوث والكلمات من قبل المتحدثين والمشاركين في هذا المؤتمر؛ ولكن بحسب ما قرأنا لم يكن فيه ما هو جديد ولا مفيد، فكل الذي قيل متكرر على مسامعنا، معلوم لدى العامة؛ أي ان المؤتمرين لم يأتوا بما ليس بمعلوم فقد قالوا: «إن إيران المسؤولة الكبرى في مسألة الأمن الإقليمي لكونها مصدر التهديد» وهذه معلومة نعرفها منذ وعينا على الدنيا، ونحن نتوجس خطر إيران من قبل الثورة المشؤومة، ومن بعدها حين انتفشت بريش ملاليها بدعم وتسهيلات من الدول الكبرى التي ندعي خوفاً أنها صديقة وحليفة لنا! وللعلم فإن إيران لم ولن تكف عن أطماعها وتهديداتها لخليجنا؟! قالوا في المؤتمر: تطوير سياسات حقيقية للدفاع المشترك وردع التهديدات الخارجية «وما الجديد في هذا؟! وقالوا تحصين الخليج ضد العدوان الخارجي والإرهاب هدفنا الاستراتيجي الأول»، وغير هذا من الحديث المعاد؛ الذي لا يدفع شرا، ولا يلامس واقعاً! ولكن أصدق كلمة قيلت في المؤتمر، هي: كلمة قائد شرطة دبي، التي تسربت عبر فتحات الأبواب المغلقة، والتي وضح فيها بكل صراحة (38 سبباً) يتهدد أمننا الخليجي -وإن كان حديثه معلوماً أيضاً- لكنه يعد من نوادر الحديث الصريح الذي لا يجرؤ كل واحد على البوح به علانية: فقد هاجم سياسات أمريكا وإيران في المنطقة مباشرة مما جعل السفير الأمريكي يغادر قاعة المؤتمر غاضباً، كما انتقد الأوضاع السياسية والاجتماعية للدول الخليجية التي رأى فيها مهددا أكيدا للأمن الخليجي كاتساع الفجوة بين الحاكم والمحكوم، والبطالة، والفساد، وقمع الحريات وغير ذلك». هذا الحديث، الذي خالف بصراحته معظم ما قيل في المؤتمر -وإن كنا لا نوافقه ونختلف معه على بعض ما جاء فيه- وفي العموم إنه حديث موفق أتى في الصميم، لا نبحث عن القصد ولا النية من طرحه؛ وأعتقد أنه عبر بكل شفافية ومصداقية عن كل شعب مجلس التعاون، الذي يوافقه عليه مائة في المائة! علما بأن هذه الكلمة لم تدون بتفاصيلها في صحفنا كما دونت غيرها من الكلمات، فتابعوها عبر صحف أخرى واطلعوا عليها كاملة من خلال الشبكة العنكبوتية أو غيرها!
نعلم علم يقين أن إصلاح الأنظمة وسياساتها هو المطلب الرئيس الذي سيحفظ علينا أمننا واستقرارنا، ونعني بإصلاح الأنظمة والسياسات الإصلاح الحقيقي المحسوس الذي تراه الشعوب رأي العين؛ أولاً: تطبيق الأنظمة والقوانين على الكل من دون استثناء لأحد، وثانياً: ملموسا من خلال توفير الدولة ما يلزم من المسكن والصحة والتعليم وما تستلزمه الحياة الإنسانية الكريمة: بهذا يحفظ الأمن، ويترسخ الولاء للوطن عندما يشعر المواطن بعزته وكرامته، بحصوله على كامل حقوقه، بعد أداء واجباته، هذا هو الجدير بالاهتمام والرعاية، وسرعة الإقرار والتنفيذ.
والذي ذكرناه هو ما أشار إليه سمو الأمير تركي الفيصل في كلمته بقوله: «إننا في دول مجلس التعاون منكشفون استراتيجياً في مجالات كثيرة: عسكرية، واقتصادية، وأمنية، وإسكانية، وتنموية، وعلينا لنكون آمنين في أوطاننا أن نحصن جبهتنا الداخلية بمزيد من الإصلاح، إصلاح الخلل البنيوي في اقتصاداتنا؛ لتكون اقتصاداتٍ وطنيةً يجني ثمرة ازدهارها مواطنونا، وترسيخ مفهوم المواطنة كأساس لعلاقة المواطن بالدولة، وتوسيع دائرة المشاركة في نظمنا السياسية؛ وكذلك عمل كل ما يرقى بمجتمعاتنا وشعوبنا؛ لتكون قادرة على مواجهة كل أنواع التحديات السياسية، والأمنية التي تفرضها الأوضاع الإقليمية».. هذا كلام جميل نتفق عليه جميعا؛ لكن هل يؤخذ هذا كله بعين الاعتبار، ويتغير الوضع إلى أحسن حال وفي الحال؟ وبأسرع وقت ممكن؟ فمجريات الأحداث في تسارع، والملاحظ أنها لا تسير في اتجاهنا، ولا تصب في صالحنا؛ ما دام تحركنا نحو الإصلاح بطيئاً لا يتناسب وسرعة الأحداث والمتغيرات الداخلية والخارجية سواء في البحرين خاصة، أو دول المجلس عامة؟ إن الاعتراف بالتقصير فضيلة، وهو يوجب المسارعة إلى سده وإكماله؛ لأن عدم المبادرة إلى إصلاح هذا التقصير وتصحيحه الفوري يسهم ولاشك، في تفاقم المشكلات حتى لا يمكن بعد ذلك تلافيها، فالشعوب اليوم ليست على ما هي عليه بالأمس، وبخاصة الشعوب العربية التي اجتاحتها الثورات العربية!! فخلال سنة سقط أربعة من رؤساء الجمهوريات والبقية تأتي! ودول الخليج ليسوا بمأمن من مثل هذه الثورات؛ ولعل العدو الحاقد والمتربص بنا من كل ناحية، يسعى جاهداً إلى تقويض دولنا إن عاجلا أو آجلا!! فالمخطط قد يختلف جملة وتفصيلا عما حدث في الدول العربية من ثورات مباركة، هناك ثورات عربية حقيقية شعبية غير مختلفة أطاحت كما هو معلوم بحكام ظلمة مستبدين، لم يسرقوا أموال الشعب فحسب؛ وإنما استعبدوا شعوبهم، وقتلوا وأجرموا في حق مخالفيهم وأهانوهم! فهناك فرق شاسع، وبون واسع بين ممالكنا العريقة ودولنا الممتدة عبر مئات السنين، وبين الجمهوريات التي لم تتجاوز بضعة عقود من السنين، والتي تهاوت بسرعة، ولم يبق منها سوى جمهوريتين اثنتين عما قريب ستسقطان سقوطا لا مفر منه، فالظلم والطغيان في تلك الجمهوريات قد جاوز الحد الذي لا يطاق معه صبر، ولا ينفع معه عفو؛ فثارت الشعوب فيها وأسقطت طغاتها، أما عندنا نحن فلم يبلغ الظلم والاستبداد ما بلغه في تلك الجمهوريات، وإن كنا لا نبرئ دولنا من الظلم والتجاوز والتقصير في كثير من الأمور الواجب تلافيها بأسرع مما يتصور! ولذا على حكامنا أخذ العبرة والعظة، والحيطة والحذر؛ ليس من أجل بقائهم في كرسي الحكم فحسب؛ وإنما لبقاء دولتهم والسيادة عليها بأركانها المتمثلة في السلطة، والأرض، والشعب الذي من دون مساندته لم يكن للحكام أن يكنوا لأن يكونوا حكاماً، والفرصة سانحة؛ ليحفظ الحكام حكمهم، ويطمئنوا على بقائه واستمراره بأمن واستقرار، عليهم أن يشركوا الشعب في كل مقدرات وخيرات وسياسات البلاد، وأن يبذلوا وهم القدوة للشعب نصف ما يملكون في سبيل تحقيق ما ذكرنا، إنه الوطن ومن حقه علينا أن يبذل كل بحسب قدره ومكانته.
إن ولاءنا بعد الله تعالى لوطننا وقيادتنا لن نتغير، ولن نتزحزح أبدا فنحن المخلصون، وواجبنا بذل النصيحة، كما قال المصطفى: «...النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم..» وما قلناه يعد جُزءًا يسيراً من هذه النصيحة من أجل عزة ديننا وكرامة شعبنا ورفعة أوطاننا.
إن كل بحريني أصيل شريف لا يرتضي أبدا ما تقوم به جمعيات التخريب والتدمير من خلال دفعها بزمرها الغبية الجاهلة، والتي أثبتت يوم أمس مدى حقدها على شعب البحرين بأكمله. حيث خرجت تشعل نار الحقد المجوسي التي تدين لها بالطاعة والولاء؛ لتلوث سماء البحرين وأجواءها بدخان الحقد الأسود النتن الذي تنفثه من خلال معتقدها الفاسد المنحرف، ولا عجب في ذلك فهي مغيبة عن واقعها بأباطيل وأوهام المظلومية والثأر!
إن ما ارتكب يوم أمس من جرم في حق البحرين وشعبها يجب أن لا يمر من دون عقاب رادع لكل متسبب فيه، أرادوا قتل الناس وخنقهم بالدخان السام القاتل! أي حقد دفين أسود يتصاعد من نار قلوبهم، أي إيمان يحملون غير إيمان المجوس عبدة النار، هؤلاء ليسوا معارضة، فالمعارضة الوطنية كما يعلم العقلاء لا تدمر وطنها بهذه الطريقة البشعة، هؤلاء ليسوا مواطنين ولا علاقة لهم بالوطن، إنهم دخلاء مخربون يجب ردعهم ومحاسبتهم وإخراجهم خارج البلاد! هؤلاء مجرمون ثبت إجرامهم، وما لم يطبق عليهم القانون فلن يردهم شيء عن تماديهم في غيهم وإيغالهم في ضلالهم. هؤلاء منتهكون للقانون والشرعية وهاهو ذا الفارسي الأصل والولاء يدعوهم بكل وقاحة إلى احتلال تقاطع الفاروق وبأي ثمن! ماذا تنتظر الدولة بعد كل هذا؟ ألا يجب عليها اتخاذ الإجراءات القانونية المتفق عليها عالميا، والمقررة شرعا وقانونا وعرفا في حق كل مجرم تسول له نفسه الإفساد في البلاد؟ لنعلم بأن العالم لن يقف إلى جانبنا، إن لم نقف نحن إلى جانب أنفسنا، ونتخذ ما ينبغي علينا اتخاذه من إجراءات رادعة تمكينا لسيادتنا على أرضنا، وبسط هيبة دولتنا؟! اليوم لا ينبغي التقاعس ولا مكان فيه للخوف أو التردد فيما نقدم عليه، فنحن أصحاب حق، اعتدي علينا وعلى بلدنا، وواجبنا يحتم علينا حماية الوطن بكل ما أوتينا من قوة، فلا تقدير لأحد في هذا العالم، إن لم يحترم ذاته ويدافع عن حقه بنفسه، «وإن جندنا لهم الغالبون».