الجريدة اليومية الأولى في البحرين


الرياضة

فريخ يحذّر المدربين من الانفعالات أثناء المباريات ويقول:
المدرب الجديد القليل الخبرة انفعالاته أكثر لأنه يفتقد إلى الجماهيرية والثقة بالنفس

تاريخ النشر : السبت ٢١ يناير ٢٠١٢



عندما نتطرق إلى المدربين أثناء قيادتهم لفرقهم في المباريات وما يتخلل ذلك من حركات وإشارات تنمّ عن انفعالات تحمل في طياتها الكثير من المعاني فإننا لم نأت بجديد، فكلنا شاهد مثل هذه الانفعالات بأم عينيه، وكلها تصبّ في عدم الرضا عن أداء لاعبيهم أو قرار صدر من حكم يرون فيه أنه بعيد عن الصحة وهلما جرا، وكثيرا ما نغبط هؤلاء المدربين على ما يتقاضونه (الأجانب على وجه الخصوص) يسيل لها لعابنا من كلّ حدب وصوب، ولكن سهام الحسد لم تعد تقتصر على المدربين الأغراب بل انسحبت حتى على المدربين المحليين رغم فارق المردود المادي، ونضرب بعرض الحائط المعاناة التي يتنفسونها في كلّ لحظة .. حاولنا في هذه الوقفة أن نستأنس بمداخلة مهدي فريخ اختصاصي علم النفس الرياضي ليضع أيدينا على أسباب هذه الانفعالات ومدى أنعاكسها السلبي على شخصية المدرب مستقبلا كل تلك التفاصيل تطرّق لها فريخ في السطور التالية.
انعكاس الانفعال
أكّد فريخ أنّ انفعالات المدربين لها انعكاسات سلبية على شخصيتهم مع مرور الوقت، وأنّ هذه الانفعالات في الأساس لم تصدر منهم إلا لأنهم وجدوا الأبواب - حسب قوله - انسدت في وجوههم أثناء إدارتهم للمباريات خاصة عندما يروا أنّ لاعبيهم على سبيل المثال صعبوا المهمة على أنفسهم مؤكدا على أنّ المدرب هو بشر في الأساس وأنّ انفعالاته أثناء المباريات ليست اصطناعية ولكنها وليدة أسباب خاصة إذا ما وضعنا بعين الاعتبار أنهم يتواجدون في محيط تنافسي وهذا بدوره كفيل بفرض الانفعال عليهم مشيرا في الوقت نفسه أنّ المدرب الجديد وقليل الخبرة هو أكثر عرضة للانفعال طوال الوقت جراء القلق الذي ينتابه على نفسه ومدى استمراره من عدمه ، ولذا انفعالاته ليس على الفريق ولكنه قلق على نفسه خاصة إذا كان هذا المدرب ليس له جماهيرية ويفتقد إلى الثقة في نفسه على حدّ قوله.
ضغوط المنطقة
ويرى فريخ أنّ المدرب الذي ينتمي إلى منطقة الفريق الذي يقوده تكون عليه الضغوط أكثر وعصبيته وانفعالاته إبان المباريات مردها لهذه الضغوط ، وينصح فريخ أمثال هؤلاء بأنّ يحاولوا أن يفرغوا شحنات انفعالاتهم هذه أثناء الحصص التدريبية عندما يقع لاعبوهم في مطب الأخطاء حتى لو تكررت هذه الأخيرة في المباريات فإنّ ردة فعل المدربين تكون ليست في الدرجة نفسها من الانفعال إضافة إلى أنّ اللاعبين سوف يلتفتون إلى هذه الأخطاء لأنّ المدرب لفت نظرهم إليها أثناء التدريب مطالبا في الوقت نفسه المدربين بأن يحاولوا قدر المستطاع أن لا يرسموا شخصيتهم في هذا الإطار الانفعالي.
الجمهور الواعي
وتطرق فريخ أثناء حديثه إلى ثقافة الجمهور ووعيها وما يشكل هذا من رسم الانفعال على المدرب عندما قال: كلما كان الجمهور على درجة عالية من الوعي بقانون اللعبة وفنياتها كلما كان ذلك مدعاة لقلق المدرب وخاصة على لاعبيه، لأنه يعرف أنّ مثل هذه الجماهير قادرة على رصد الخلل في أداء اللاعبين وتبيان مواطن الأخطاء، ومن هذا المنطلق يكون انفعال المدرب في مثل هذه المواطن نابع من خوفه على لاعبيه من نقد الجماهير ولذا يطالبهم دائما ويؤكد عليهم بعدم ارتكاب الأخطاء حتى الصغير منها لأنه هناك من يرصدهم ولن يرحمهم ولذا قلق وانفعال المدرب هنا لأنه لا يريد أن يكون لاعبيه هم الضحية على حدّ قوله.
التصرف الطبيعي
وطالب فريخ المدربين واللاعبين على حدّ السواء أن يعيشوا الظروف الطبيعية بل عليهم أن يضعوا في اعتباراتهم أنهم ربما يحققون أسوء النتائج ولذا من الضروري أن لا يعطوا أنفسهم حجما أكثر من اللازم لأنّ هذا سيكون ثمنه غال خاصة متى ما جاءت النتائج مخالفة وبعيدة عن الهالة التي وضعها المدرب واللاعبون حول أنفسهم ومن هذا المنطلق سيكون الحساب عسيرا من قبل جماهيرهم وربما الصحافة الرياضية.
انفعالات والثمن غال
ويرى فريخ أنّ المدرب مع مرور الوقت جراء انفعالاته المتراكمة سيدفع الثمن غاليا وسيكون ضحية مجموعة من الأمراض على سبيل المثال شيخوخة مبكرة في الشكل ناهيك عن أعراض لأمراض سيعرفها في حينها وأخرى سيكتشفها بعد فترة من ترك مهمته في ميدان التدريب، مؤكدا في سياق متداخل أنّ معاناة المدرب لن تقتصر على الأمراض العضوية بل أنه على مستوى النسيج الاجتماعي سيعاني كثيرا ولن تكون حياته مستقرة جراء عدم حصوله على الوقت الكافي للتفرّغ لتربية أبنائه على سبيل التمثيل، مشيرا إلى معاناته من أمراض مزمنة على مستوى عدم ثبات المزاج واستقراره إذ عندها يفتقر إلى طول البال جراء نرفزته وعصبيته من أتفه الأشياء، وينتابه قلة نوم بل أحيانا كثيرة تكون شهيته غير مفتوحة خاصة عندما تكون هناك مباريات مهمة وحساسة وحاسمة في انتظار فريقه مؤكدا على أنّ الأندية ذات اللعبة الواحدة دائما ما تضع الجماهير الثقل الكبير على المدرب أكثر من أي جهة أخرى في النادي وترى في شخصه المنقذ الوحيد.
الثقافة والخبرة
وقال أنّ الثقافة التي يتسلح بها المدرب ممزوجة بالخبرة التي يتحصّل عليها ربما تعطيه الفرصة للتحكم في انفعالاته بيد أن الغريب ? حسب قوله- أنّ في ألعاب الصالات أحيانا الخبرة تزيد من انفعالات المدربين ومرات أخرى تقلل منها مشيرا إلى أنه يقال أنّ في ألأب الصالات كلما كانت الجماهير قريبة من المدربين زادت من انفعالاتهم، وأنّ الانفعال يتوقف على طبيعة الإنسان ونوعية تربيته وتنشئته إذ أنّ السلوك السلبي في الفرد يعود في الأرجح إلى الفرد نفسه لأنه تعوّد عليه ولا يستبعد أنّ هذا السلوك وراثيا، ويبقى الناس يعرفون هذا الشخص فيما بعد كما تعودوا أن يرونه عليه.
الهدوء والبرود
الشخص حسب ما تعودوا أن يرونه عليه في سلوكه الذي صار جزءا من شخصيته على مرّ الأيام.، مؤكدا في الوقت نفسه أنه ينبغي علينا أن نميّز بين الهدوء والبرود فالصفة الأولى هي جزء من الشخصية بينما يلجأ الإنسان إلى البرود تفاديا وحفاظا على وضع معيّن، فالمدرب المستكين والذي نرى من على هذه الشاكلة لا يحرّك ساكنا في المباريات حتى لو الدنيا احترقت من حوله ولكنه من المؤكّد أنه من الداخل يحترق، ولفت فريخ النظر إلى أنّ المدرب الأجنبي لا يحترق إلا على نفسه ويحسب ألف حساب لمصالحه الشخصية، ولكن المدرب المحلي هو الذي يحترق بحق وحقيقة لأنّ جميع جوارحه على الفريق وتهمه مصلحته..