عالم يتغير
إلى متى المسيرات اليومية والتصعيد؟
تاريخ النشر : الأحد ٢٢ يناير ٢٠١٢
فوزية رشيد
{ نعرف أن المسيرات - ونحن بلد المليون مسيرة - مشروعة، حين تكون تعبيرا عن مطالب مشروعة وحين تكون تلك المطالب معبرة عن كل مكونات الشعب، وحين تلتزم بضوابط القانون من حيث المكان والتوقيت، ولكن ما لا نفهمه ان تكون المسيرات شبه يومية، وتحشيدية وفئوية أي تعارضها غالبية الشعب، ولا تريد حين منع بعضها الالتزام بالقانون، وفي ذات الوقت ترفع «شعارات تسقيطية» تناهضها أيضا غالبية الشعب ومن المفترض انها غير مشروعة كاسقاط النظام، وكيل السباب والشتائم للقيادة السياسية، الى جانب خروج أغلبها عن المسار السلمي، بل لتعقبها مباشرة أو لتسبقها عمليات الحرق والعنف، وليتسابق الخطباء في مهرجاناتهم بكل ذلك وأكثر، وليتنافس الأمين العام لحزب الله - البحرين مع رئيس المجلس العلمائي بالدفع في شعار المظلومية، حتى يصل الولي الفقيه «عيسى قاسم» الى التحريض مباشرة «بسحق» رجال الأمن كما في خطاب يوم الجمعة الماضي.
{ هؤلاء جميعا وتحت مظلة حزب الله ــ البحرين (الوفاق) مطلبهم محدد وواضح ويسعون اليه بالوسائل كافة وهو (اسقاط النظام) مصوغا تحت لافتة أو شعار (نحن مستمرون حتى تحقيق مطالبنا)، وحتى لو نفذت الدولة كل المطالب الاصلاحية سيبقى الهدف بالنسبة إليهم غير متحقق وهذا ما أعلنوه عموما، وستبقى الغاية التي هي (إسقاط النظام) تبرر الوسيلة (العنف والارهاب والمسيرات التحريضية شبه اليومية).
والسؤال: الى متى؟ وهل الشعب البحريني ومصالحه والمصلحة الوطنية العليا، ستبقى معا رهينة هؤلاء، بعد أن اتضحت كل أبعاد تحركهم الانقلابي الفئوي الطائفي، بل أبعاد جهات الدعم الاقليمية والدولية، بل الغاية التي هم يتحركون من أجلها، ولن نعيد سردها فقد مللنا؟
{ إلى متى ستستمر لعبة القط والفأر أو رجال الأمن والفوضويين والتخريبيين مادام هدفهم النهائي ليس فقط اسقاط النظام، وانما تخريب الوطن في كل شيء تحت ادعاءات المطالب؟ الى متى ستبقى غالبية الشعب البحريني في هذا الوضع المقلق وانتظار النتائج وما يدور يحدث باسمه زيفا؟
الى متى سيقف «عيسى قاسم» من جهة، و«علي سلمان» من جهة أخرى، أحرارا على منابر المظلومية والتحشيد والتحريض وصناعة الازمة؟
هل هذه المسيرات اليومية هي حرية تعبير أم انها واحدة من بنود صناعة الازمة لغايات ضياع هذا الوطن؟
هل مطالبهم هي مطالب شعبية عامة وتم التوافق عليها أم انها مطالب (فئوية تأزيمية) خارج الرغبة الشعبية العامة كما قلنا؟ واذا كانت (فئوية) فلماذا يتم السماح لهم بالتمادي، وصولا الى التعرض للذات الملكية وسمو رئيس الوزراء وللتحشيد والتصعيد الدائم والتهديد وممارسة العنف والتخريب، مصدقين أنفسهم انهم «ثورة شعبية» رغم انكشاف حقيقة تحركهم ليس محليا وانما عربيا ودوليا؟
{ مادام كل شيء واضحا، ودور حزب الله ــ البحرين وبقية الجمعيات الانقلابية هو دور واضح ايضا، فإلى متى سيتم التعامل مع هذا الحراك الانقلابي الطائفي والفئوي، واللاسلمي، باعتباره تعبيرا عن الرأي، لكأن مطالبهم مطالب شعبية عامة متفق عليها شكلا ومضمونا واسلوبا وحراكا، فيما الحقيقة ان غالبية الشعب البحريني تلعب مع نفسها (لعبة ضبط النفس) من كثرة ما يقدمه هؤلاء من استفزازات يومية وتهديدات ومهرجانات ومسيرات، مصرح بها وأخرى غير مصرح بها، ويتحركون كأنهم في سباق مع الزمن لتحقيق غاية اختطاف الوطن والحكم فيه مهما كانت الادعاءات بعد ذلك؟
{ إلى متى سيلعب حزب الله ــ البحرين لعبته التي باتت سمجة بشكل غير معقول، وأمينه العام يعلن ان مطالبه تمثل الشعب البحريني، وان حراكه سلمي، وان لا علاقة له بالعنف والتخريب في الشارع، فيتحرك على أرض الواقع حراكه النقيض لكل ذلك بل المنافي له باعتباره بريئا من كل ما يحصل، رغم ان تحت غطاء شرعية جمعيته يحدث كل ما يحدث؟
الى متى ستبقى الدولة مكتوفة اليدين كأن حزب الله -البحرين هذا فعلا هو بموقع البراءة وبموقع تمثيل كل الشعب البحريني، وان كل ما يقوم به من حراك هو في اطار قانوني ومشروع؟
{ كل فرد في هذا الشعب سواء من طرف الانقلابيين أو المناهضين لهم، يعرف حقيقة ما يدور، وحقيقة النيات، وحقيقة الاجندة، وكيفية ممارسة التقية والكذب من جانب الانقلابيين، بل يعرف اليوم كل تفاصيل اللعبة اليومية تحت غطاء المسيرات والمهرجانات والشغب اليومي.. فاذا كان «عيسى قاسم» غير مسئول، و«علي سلمان» غير مسئول، وبقية رؤوس الفتنة من عشاق الميكروفونات الجماهيرية غير مسئولين، فمن المسئول اذاً؟
وهل المسألة لكي تتحمل رؤوس الفتنة مسئوليتها هي النصوص القانونية التي لا تجد ممسكا عليهم؟ ام ان المسألة هي ضياع وطن وشعب بسبب استمراء هؤلاء لعبة التمادي في التخريب والفوضى، وكما يحدث على أرض الواقع، وهو وحده يستحق ايقاف الفتنة ورؤوس التحريض فيها قبل ان تستفحل الامور اكثر؟
واذا كانت النصوص غير موجودة أو غير كافية فلماذا لا يشرّع المجلس الوطني (برلمان وشورى) ما يجرم ما يحدث؟
واذا كانت المشكلة في الاتفاقيات الدولية، فلماذا لا يتحرك النواب ليتدارسوها ويراجعوها ويضعوا أيديهم على موضع الخلل فيها الذي بسبب النص يضيع الواقع وتضيع الحقيقة، وهو خلل كبير حتما، بامكانه ان يتسبب في ضياع وطن، وان يلعب بعض الانقلابيين دورا خطرا، كالحادث والملموس في ضرب السلم الاهلي والاعتداء على مصالح الناس وغير ذلك مما يحدث؟
{ لا بد من التفكير الجاد، واليوم وليس غدا، في كيفية ايقاف كل هذه الممارسات التخريبية والفتنوية ومعرفة الخلل في المعالجة ومعرفة كيف يتم ايقاف المسئولين عنها، سواء خطابات او مهرجانات او مسيرات او اعمال عنف وتخريب وارهاب، فلابد من ايقافها وهذا حتما هو دور الدولة في حفظ أمن الناس وراحة بالهم واستقرارهم، ودور المجلس الوطني في التشريع وهو الذي يبدو حتى اللحظة بعيدا عن سخونة الواقع وبعد كل الذي حدث.
وحين تكون المسيرات والمهرجانات هي لحراك (فئوي طائفي) فمن المفترض انها لا تخضع لقانون المسيرات الشعبية العامة، لأن هناك مكونات شعبية أخرى كثيرة متضررة منها وترفضها فهل قانون المسيرات في البحرين هو لفئة أو لشعب؟ واذا كان للشعب كله فلماذا يتم السماح لفئة تقود نساء وأطفالا بأن يتلاعبوا كل يوم بمصالح شعب بأكمله؟
حتما هناك خلل إما في ارادة المواجهة وإما في القانون نفسه، وكفانا ضحكا على بعضنا بعضا فالمسألة لم تعد تحتمل التأجيل أو المراوغة.