مقالات
الثقافة السياسية
العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
تاريخ النشر : الأحد ٢٢ يناير ٢٠١٢
يعد العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية من أهم الوثائق الدولية المعنية بتنظيم حقوق الإنسان على مستوى العالم، وهو بمثابة معاهدة متعددة الأطراف اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16 ديسمبر 1966، ودخلت حيّز التنفيذ في 23 مارس .1976 كما يعتبر العهد الدولي جزءاً من الشرعة الدولية لحقوق الإنسان التي تشمل أيضاً العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
العهد الدولي يلزم كل الدول الأطراف الموقعة على هذه الاتفاقية الدولية احترام الحقوق المدنية والسياسية للأفراد، وتشمل الحق في الحياة، والحرية الدينية، وحرية التعبير، وحرية الإنسان، وحقوق التجمع والانتخاب، والتقاضي، والمحاكمة العادلة.
وتتولى لجنة حقوق الإنسان وهي هيئة مستقلة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة متابعة هذا العهد والتأكد من التزام الدول الأطراف الموقعة على هذه الاتفاقية الدولية بما جاء فيه من خلال آلية منتظمة لاستعراض تقارير الدول الأطراف بشأن إجراءاتها في تنفيذ واحترام الحقوق الواردة في العهد الدولي. وتُكلف كل الدول الأطراف في العهد نفسه تقديم تقرير أولي بعد سنة واحدة من التصديق عليه، كما تطلب لجنة حقوق الإنسان تقريراً من الدولة نفسها، وهو إجراء يتم في الغالب كل أربع سنوات، حيث تجتمع اللجنة في المقر الأوروبي للأمم المتحدة بجنيف وتعقد ثلاث دورات سنوياً لتحقيق هذا الهدف.
يتكون العهد الدولي من ديباجة، وستة أجزاء تضم 53 مادة. ويقوم بداية على تأكيد الحقوق الإنسانية المدنية والسياسية العامة. ويتناول كل جزء مجموعة من الحقوق التي ينبغي احترامها، إذ يتناول الجزء الأول حق مختلف الشعوب في تقرير مصيرها، وأن تسعى لتحقيق أهدافها الخاصة وفقاً لمبدأ التعاون الدولي.
أما الجزء الثاني من هذا العهد فيتعلق بتعهد الدول الموقعة عليه احترام حقوق الإنسان لجميع الأفراد الموجودين على أراضيها دون أي تمييز بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي سياسياً كان أم غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة أو النسب أو غير ذلك من الأسباب. ونص الجزء نفسه على ضرورة أن تقوم الدول بتعديل تشريعاتها وقوانينها إذا كانت لا تكفل فعلاً إعمال الحقوق المعترف بها في هذا العهد، بأن تتخذ طبقاً لإجراءاتها الدستورية ولأحكام هذا العهد ما يكون ضروريا لهذا الإعمال من تدابير تشريعية أو غير تشريعية. بالإضافة إلى احترام المحاكمة العادلة لكل من يتعرض للظلم. وكذلك حق المساواة بين الرجال والنساء في التمتع بجميع الحقوق المدنية والسياسية. كما نظّم العهد في هذا الجزء كيفية التعامل مع الحقوق المدنية والسياسية في حالة تعرض الدول لأزمات استثنائية.
ونظم الجزء الثالث من هذا العهد حق الحياة الذي على القوانين حماية هذا الحق والتعامل معه في مختلف هذه الظروف. كما نظّم أيضاً حق الفرد في عدم التعرّض للتعذيب أو المعاملة والعقوبة القاسية واللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة من خلال تحديد إجراءات الإيقاف. وكذلك تحريم العبودية والاتجار بالرقيق وحق الإنسان في الحرية والأمان، والتنقل وحرية اختيار مكان إقامته.
أيضاً نظم الجزء الثالث حق حرية الفكرة والوجدان والدين. وحظر أية دعوة للكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضاً على التمييز أو العداوة أو العنف. وأقر كذلك الحق في التجمع السلمي وضرورة أن يتم تنظيمه من خلال القانون لصيانة الأمن القومي والسلامة العامة والنظام العام وحماية الصحة العامة والآداب العامة وحماية حقوق الآخرين وحرياتهم. ومن الحقوق التي نظمها هذا الجزء أيضاً حق الفرد في تشكيل الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني المختلفة. وحق تكوين الأسرة وحماية حقوق الزوجين المتعددة. وحق الجنسية، وحق المساواة أمام القانون للأفراد، وحقوق الأقليات.
كما تناول العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في الجزء الرابع منه تشكيل اللجنة المعنية بحقوق الإنسان المعنية بمتابعة احترام الدول للحقوق الواردة في العهد نفسه، وإجراءات المتابعة الدورية. أما بالنسبة للجزأين الخامس والسادس فإنهما يتعلقان بكيفية التوقيع على العهد الدولي، ومسؤولية الأمم المتحدة على الإشراف على هذه الوثيقة الدولية، وكيفية تفسير بنوده والإجراءات المرتبطة بها.
من هنا نلاحظ أن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية يتناول عدداً كبيراً من حقوق الإنسان التي نظمها والتي أخذت بها دساتير الدول الموقعة عليه.
وقد قامت مملكة البحرين بالتصديق على العهد الدولي في 20 ديسمبر 2006 ليكون العهد من ضمن الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها في مجال حقوق الإنسان. ومنذ تلك الفترة أجريت العديد من التعديلات على القوانين الوطنية والإجراءات المحلية لضمان احترام الحقوق الواردة في هذا العهد. ويلاحظ كذلك أن العديد من النصوص الواردة في ميثاق العمل الوطني ودستور مملكة البحرين تقوم على احترام هذه الحقوق، وأيضاً القوانين الوطنية التي صدرت لاحقاً من خلال السلطة التشريعية. ويتم حالياً إجراء تعديلات هامة على قانون العقوبات لضمان تطابقه بشكل واضح وصريح مع نصوص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وهو ما يعكس التزام حكومة البحرين بهذه الوثيقة الحقوقية الدولية الأساسية.
معهد البحرين للتنمية السياسية
للتواصل hb.vog.dpib@ofni