إيران مازال لديها الكثير لتلعب به
تاريخ النشر : الأحد ٢٢ يناير ٢٠١٢
إبراهيم الشيخ
يُخطئ من يظنّ أنّ تنفيذ ضربة محتملة ضدّ إيران، سينهي على وجه السرعة الخطر الإيراني في المنطقة، لتنعم بالاستقرار والهدوء وتنتهي الحكاية!
مشروع إيران الصفوي الطائفي ليس وليد اليوم، ولا يسير كما تسير أغلب بقيّة أنظمتنا العربية والإسلامية بتخبّط وبدون هويّة.
إيران بلد ذو أطماع تسير وفق مشروع واضح ومنظّم منذ أكثر من نصف قرن، شبيه بالمشروع الصهيوني القائم على المظلومية والتدرّج في المطالب والانتشار.
اخترقت دولنا بسهولة، لأنّ أنظمتنا الحاكمة، منذ أن تقلّدت الحكم، كان همّ كل منها (كيف تقبض على الحُكم كي لا ينفلت)، وقدّمت في سبيل ذلك الغالي والنفيس، حيث سلّمت أمريكا رقابها كي تضمن ولاء هذا الصديق الذي باعها بثمن بخس؟! دولنا لم تفكّر خلال عقود ماضية في توحيد الصفّ واجتماع الكلمة، إلا من خلال مشاريع وحدوية وهمية على مستوى مجلس التعاون الخليجي وعلى مستوى الدول العربية والإسلامية؟!
المشروع الإيراني وضع خططاً خمسينية، وتدرّج في تنفيذها، مستخدماً مبدأ «الغاية تبرّر الوسيلة»، ولأنّه يعلم أن أمريكا ليس لها صديق، وهي تميل نحو مصالحها حيث مالت، «ركبها وركبته»، ليحقّق الاثنان ما يعجز عن تحقيقه أحدهما منفردا.
لا يغرنّكم تهديد إيران بغلق «مضيق هرمز» ولا غيرها من التصريحات الاستفزازية. إيران تلعب على الأرض اليوم وتجني ثمار تخطيطها عبر عقود.
تمكّنت من العراق ومن سوريا ولبنان، وقوّت شوكتها في البحرين والكويت والسعودية. هي الآن تلعب عبر أذنابها في العراق ولبنان أقذر الأدوار للحفاظ على بقاء نظام الأسد الدموي في سوريا، ولا تستغربوا الأخبار المتداولة حول قيام جنود «حزب الله» اللبناني بحماية الأسد، ولا تستغربوا قيام مليشيات الصدر وحزب الدعوة بتدريب شبّيحة الأسد ومشاركتهم في تصفية أهل سوريا الشرفاء.
لا تستغربوا ارتفاع أصوات أذنابهم في خليجنا العربي، ولعلّ أكبر مثال ما فعلوه في البحرين، والتصعيد الأخير من عيسى قاسم والوفاق هو دليل على أنّ هناك أوراقا لم يلقوها بعد على الطاولة؟!
دورهم الخبيث في الكويت، واختراقهم لمفاصل الدولة الكويتية، كلّ ذلك جاء نتيجة تخطيط ومشروع مُمنهج، ولم يأت عبثا؟!
أنظمتنا، للأسف، بدأت للتوّ في استشعار ذلك الخطر، وما زالت ردّات أفعالهم دون مستوى خطورة مشروع الخصم بمراحل.
اتركوا التصريحات الإيرانية الاستفزازية، وابحثوا عمّا تنفّذه على الأرض من أجندات خطرة في البحرين والسعودية والكويت وسوريا والعراق ولبنان، حينها ستعرفون الفرق بين دولة تسير وفق مشروع واضح وإن كان باطلا، وبين دول «كغثاء السيل»، لو فكّرت كيف تنشر العدل في دولنا، وكيف تصنع وحدة حقيقية بين دول خليجنا وشعوبه كما تفكّر في الحفاظ على كراسي الحكم، لاستعدنا حتى الخلافة الراشدة؟!
آخر السّطر: إيران دولة ذات مشروع توسّعي أفقي قائم على السيطرة ووضع دول المنطقة في جيبها لاسترجاع أحلام الإمبراطورية الفارسية، أمّا مشروع أنظمتنا الوحيد فهو «رأسي» قائم على حماية الكرسي ورفعه إلى الأعلى، وإن كان هذا الكرسي قائما على ثلاثة قوائم؟!