الجريدة اليومية الأولى في البحرين


مسافات


«الباجة» والجنرال ثلج!

تاريخ النشر : الاثنين ٢٣ يناير ٢٠١٢

عبدالمنعم ابراهيم



كنت دائما من مؤيدي فصل الشتاء ومفضليه على الصيف، ولكن خلال اليومين الماضيين وجدت «الصيف» أرحم! بعد أن هجم علينا «الجنرال ثلج» مثلما يسمى في لغة الأدب، وجعلنا نهرب إلى «البطاطين» والملابس الصوفية الثقيلة والجاكيتات الجلدية، بل لجأ الكثيرون إلى المواقد التقليدية و«الدفايات» الكهربائية، واحتساء المشروبات الساخنة لتدفئة الجسم وحمايته من هجوم البرد المفاجئ القارس.. لكن أفضل هذه المشروبات الشعبية القديمة هو «حليب الزنجبيل»! فهو يمد الجسم بطاقة (كهرومغناطيسية) ساخنة تجعله مقاوما شرسا لهجوم «الجنرال ثلج»!
أما بالنسبة الى المأكولات فإن الشوربة الساخنة بكل أنواعها هي المفضلة لمقاومة البرد القارس.. وعلى الرغم من انني أتحفظ من الناحية العلمية والصحية على بعض الأطباق الدسمة، فإن الجيل القديم لايزال متمسكا بأهمية وجبة (الباجة) الشعبية، أو ما يسميه الاخوة المصريون (الكوارع)، وهذه النصيحة في شتاء هذه الأيام تجعل أسهم محلات (سالمك) الشعبية ترتفع في البورصة!.. وأتذكر انني مرة سألت (بوحسن) صاحب محلات (سالمك): «من أين أتت «الباجة» فهناك من يقول إن أصلها عراقي»!.. فنظر إليّ شزرا وقال بما معناه: «من الأحمق الذي قال لك ذلك؟!.. الباجة كانت (المزة) التي يتناولها ملوك فارس»!.. طبعا أخذت قدر «الباجة» الخاص بي من بين يديه قبل أن يتحمس أكثر و«يسبحني» بالباجة!
وأنا في الطريق رحت أسأل نفسي: «إذا كانت «الباجة» مجرد (مزة) لملوك فارس. فما هي الوجبة الرئيسية التي يتناولونها بعد (المزة)»؟!. ورحت أتخيل موائد الخراف والغزلان والعجول والأغنام والجمال في موائد الملوك والأباطرة!.. ومنذ فترة قصيرة عرضت معلومة (سالمك) على زميلي الأستاذ أنور عبدالرحمن رئيس التحرير باعتباره خبيرا متخصصا في تاريخ الشرق وموسوعة (انسلكوبيديا) في الشئون الإنسانية فقال: (الباجة إما انها انتقلت من إيران، وإما من تركيا إلى بقية دول المنطقة بما فيها العراق ومنطقة الخليج العربي).
وستظل «الباجة» هي الأكلة المفضلة للعديد من البحرينيين في فصل الشتاء لمقاومة البرد ومد الجسم بطاقة عجيبة، لكن (لتبرئة ذمتي) تذكروا ان (الباجة) من الأكلات الدسمة جدا التي لا ينصح بها الأطباء للأشخاص الذين لديهم أمراض (الكلسترول) أو النقرس أو «اليورك أسد» أو القلب والشرايين!.. وإن كان البعض لا يسمع النصائح الطبية، وأكاد أسمع صوت أحدهم يقول: (الآن.. الآن وليس غدا.. الباجة.. الباجة أولا)!