عالم يتغير
البحرين والاتفاقيات الدولية في ظل الانقسام الشعبي (2)
تاريخ النشر : الثلاثاء ٢٤ يناير ٢٠١٢
فوزية رشيد
* إذا أرادت الدولة البحرينية أن تحافظ على الوطن في وجه المخططات، وأن تحافظ على حقوق وحريات كامل مكونات شعبها، وأن تحافظ على الهوية الديمقراطية لنظامها، وعلى الصفة الإصلاحية الحقيقية لممارساتها، فإنها مدعوة وبشكل لا لبس فيه إلى مقاومة الابتزازات الخارجية، وبما يخصّ تحديداً الاتفاقيات الدولية المرتبطة بها، عبر وضع (مذكرات تفسيرية) متفق عليها لتلك الاتفاقيات من قانونيين بحرينيين ودوليين، توضح حقيقة بنودها، في ظل التهديدين الأمنيين داخليا وخارجيا، وعبر وضع كوادر قانونية وحقوقية بحرينية وخليجية أو عربية ودولية، تضع النقاط على الحروف في تلك الاتفاقيات، مادامت البحرين مرتبطة بها ولا فكاك منها اليوم، وعلى خلفية (استثنائية) الأحداث في البحرين، التي يستخدم محركوها الانقلابيون والفوضويون التزام البحرين بتلك الاتفاقيات عبر قراءة انتقائية وابتزازية حتى لو لم تكن بنودها وموادها تنطبق عليهم سواء من حيث صفتهم (الفئوية) غير المعبرة عن كامل الإرادة الشعبية، أو من حيث صفتهم (الانقلابية) على النظام عبر العنف وغير المتوافق شعبيا أيضا على رؤاهم فيها وأهدافهم الخبيثة، أو من حيث (طائفيتهم) التي تضرب السلم الأهلي، أو من حيث (ارتباطهم العقدي والمرجعي والسياسي بمرجعيات خارجية عابرة للحدود)، أو من حيث (ممارستهم) للعنف وللتخريب نقيض السلمية المدعاة، أو من حيث (استغلالهم لصفة المعارضة) وكل حراكهم لا ينم عن معارضة وطنية سلمية وإصلاحية، ووقائع الشارع تثبت ذلك، أو من حيث محاولتهم للانقلاب على الدستور وعلى العقد الاجتماعي عبر التخريب والعنف والإرهاب ناهيك عن عدم الحصول على توافق وطني شعبي أصلاً، أو من حيث التأسيس والتكوين لأحزابهم تكوينا مراوغا دينيا في الحقيقة وسياسيا في الإطار الشكلي أو الظاهري، إلى جانب أسباب كثيرة أخرى تنفي عنهم صفة المعارضة الوطنية الإصلاحية، مثلما تنفي عن حراكهم صفة الثورة الشعبية، فيما الاتفاقيات الدولية تدعمهم وتحميهم اليوم من حيث الحقوق والحريات باسم تينك الصفتين والتفريق في هذا هو مسألة في غاية الأهمية.
* آن الأوان وبعد أن تأخر كثيراً، أن تتحرك الدولة البحرينية، وعبر طاقم حقوقي وقانوني، في اتجاه المنطق الذي به تُحرج الدول والمنظمات التي تدعم الحراك الفئوي الطائفي والانقلابي باسم الحريات والحقوق، فيما هي وعبر بنود ذات الاتفاقيات، تتجاهل حقوق وحريات ورؤى وموقف غالبية الشعب البحريني وغالبية مكوناته ومن دون الاستناد إلى منطق قانوني وحقوقي، وعلى الرغم من عدم انطباق المفاهيم الدولية على الحراك الفتنوي في البحرين والحاصل منذ 14 فبراير وقبله.
* وإذا كانت الاتفاقيات تحترم حريات وحقوق وتطلعات الشعوب فلماذا لا تحترم كل ذلك في غالبية الشعب البحريني أو نصفه على الأقل؟
لماذا يتم الانحياز حقوقيا وعلى المستوى الدولي وبالتبعية للاتفاقيات على المستوى المحلي، إلى قسم من الشعب لمجرد أنه يناوئ السلطة ويريد الانقلاب على الدولة؟
لماذا لا يوضع في الاعتبار، وحسب تلك الاتفاقيات، وجهة نظر غالبية المكونات البحرينية، التي ترى أن النظام السياسي الراهن هو أفضل بكل المواصفات من ادعاءات ما يريده الانقلابيون، محركو الفوضى والتخريب عبر الأطفال والنساء والمراهقين، ومن المجهول الذي يقودون الوطن والشعب إليه؟
* أين موقع بنود تلك الاتفاقيات من انكشاف الحقائق في لجنة تقصي الحقائق، في ظل تبادل الأدوار ما بين حزب الله - البحرين ووجوه الخارج التي تطرح كل أجندتها علناً، سواء من حيث اعتماد العنف والتحريض عليه أو من حيث اعتماد إسقاط النظام بالقوة على خلاف (الإرادة الشعبية الجمعية) حتى لو غضضنا الطرف عن كونها فئة انقلابية مرتبطة بمصالح سياسية وعقدية خارج الوطن أو عابرة للحدود؟ فهل من قانون دولي أو اتفاقيات دولية، بإمكانها أن تُلجم إرادة غالبية المكونات الشعبية من أجل تغليب إرادة جمعية سياسية واحدة، أو فئة واحدة ذخيرتها العنف والتخريب عبر الأطفال والنساء والمراهقين المغسولة أدمغتهم بالتحريض الطائفي والمظلومية التاريخية؟
* لماذا يتم في تلك الاتفاقيات تجاهل حقوق الإرادة الشعبية البحرينية التي تُجمع على رفض المسيرات الاعتباطية زماناً ومكاناً لمجرد تعطيل مصالح الناس ولغاية التأزيم التعسفي؟
أين حقوق وحريات هؤلاء في رفض المهرجانات التحريضية، التي تزيد من شق الصف الاجتماعي وتزيد كل يوم من خلخلة السلم الأهلي؟
أين حق هؤلاء وهم الشعب أيضاً، بل الغالبية، في رفض مطالب غير توافقية تحت مسمّى مطالب المعارضة؟
لماذا لا تصون هذه الاتفاقيات الدولية حق هذه الغالبية في الحفاظ على أمن واستقرار بلدها، وعلى حقها في طرح رؤيتها السياسية وإرادتها الشعبية المخالفة لكل سلوكات التأزيم المفتعل؟
من يصون حق هؤلاء ومطلبهم على المستوى الدولي حقوقيا وقانونيا في الحفاظ على نظام حكم تم التوافق عليه في الدستور وفي الميثاق وفي إطار ما يشكل عقدا اجتماعيا؟
من يصون حقهم وإرادتهم السياسية في وجوب تطبيق القانون على كل من يخالفه، أو يعترض عليه أو يكرّس حقيقة إفراغه من قوته ومن محتواه؟
من يصون حقهم وإرادتهم في معاقبة من يعبث بوطنهم ويحاول تخريب حياتهم وطمأنينتهم؟
من يصون حقهم في حبهم لملكهم ولقيادتهم السياسية؟ من يصون حقهم في حماية اقتصادهم وتنميتهم الوطنية بعيداً عن التخريب والعنف والفوضى؟
من يصون حقهم في رفض التحريض والتأليب الطائفيين اللذين يسوقهما الانقلابيون ومرجعياتهم السياسية والعقدية؟ من يصون حقهم في حماية أطفالهم في المدارس وفي الشارع وحماية المدارس ذاتها من العنف؟
أليس هؤلاء شعبا أيضا؟
أليست لهم حريات ولهم حقوق، ولهم رؤى سياسية، ولهم إرادة؟
أليس من واجب القوانين والاتفاقيات الدولية والمحلية، صيانة حقوقهم وحرياتهم وإرادتهم الشعبية؟ وإذا كانت الاتفاقيات تنظر بعين واحدة، ولا ترى في الشعب البحريني إلا جهة أو فئة واحدة، فلماذا لا يتم الطعن فيها والدفاع عن الحقوق والحريات الشعبية، خارج أطر التحيّز والتمييز وقلب الحقائق؟
وللحديث صلة.