المال و الاقتصاد
نائب رئيس جمعية المحللين الماليين في البحرين لـ«أخبار الخليج»:
مخاطر خفيّة ترافق النمو الصاعق لصناديق المؤشرات المتداولة
تاريخ النشر : الأربعاء ٢٥ يناير ٢٠١٢
تضاعف حجم السوق العالمية لصناديق المؤشرات المتداولة (ETFs) في غضون أربع سنوات فقط، ليصل اليوم إلى أصول بقيمة تبلغ نحو 1,5 تريليون دولار. ويقود هذه السوق كل من «بلاك روك» و«ستيت ستريت أدفايزورز» و«فانغارد» بحصّة مجتمعة تبلغ حوالي 84% من إجمالي أصول صناديق المؤشرات المتداولة.
وتهيمن منتجات الأسهم على المشهد، وتحظى الولايات المتحدة وأوروبا بحصة الأسد من هذه السوق جغرافياً. في خضم هذا النمو المطرد الذي شهدته السوق، وتعقيباً على مقال سابق نشرته صحيفة فاينانشال تايمز (ملحق FTfm)، يناقش ديفيد لارابي مدير منتجات الأعضاء والشركات في معهد CFA للمحللين الماليين المعتمدين والسيدة لميس البحارنة نائب رئيس جمعية المحللين الماليين المعتمدين في البحرين مدى إدراك المستثمرين لبعض المخاطر المرتبطة بصناديق المؤشرات المتداولة.
- كيف يمكن لصناديق المؤشرات المتداولة أن تسهم في تطوير الأسواق المحلية؟
إن تطوير منتجات صناديق المؤشرات المتداولة يجتذب المستثمرين من المؤسسات، وخصوصاً المستثمرين الأجانب. وبالتالي يمكن لصناديق المؤشرات المتداولة أن تساعد في تعميق السوق المحلية. كما يمكنها إضافة منتجات متخصصة إلى سوق الأوراق المالية تهدف إلى الحفاظ على الثروة وإدارة التقلبات.
- لماذا لا تحظى صناديق المؤشرات المتداولة بشعبية في دول مجلس التعاون الخليجي؟
بشكل عام، ازدهرت صناديق المؤشرات المتداولة في أسواق تتسم بالعمق والسيولة. وبالتالي، كان لضعف وانخفاض السيولة أسواق دول مجلس التعاون الخليجي تأثير على تطور صناديق المؤشرات المتداولة في المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، فإن تطوير أسواق صناديق المؤشرات المتداولة يتطلب مشاركة نشطة من جانب المؤسسات المستثمرة، وهو ما تفتقر إليه عموماً أسواق دول مجلس التعاون الخليجي، نظراً إلى كونها مدفوعة بالغالب من قطّاع التجزئة أو المستثمرين الأفراد.
- ما هو السرّ وراء شعبية صناديق المؤشرات المتداولة؟
حظيت صناديق المؤشرات المتداولة بشعبية لدى المستثمرين نظراً إلى سهولة شرائها وبيعها، ولكفاءتها الضريبية، ولانخفاض كلفتها، ولقدرتها على توفير تنوع واسع النطاق داخل فئة أصول واحدة، أو قطاع واحد، أو منطقة جغرافية واحدة. إذ يمكن المتاجرة بصناديق المؤشرات المتداولة على مدار اليوم، كما هو الحال بالنسبة إلى الأسهم. وكما في الأسهم أيضاً، يمكن أن تخضع هذه الصناديق للبيع المكشوف، كما يمكن شراؤها من خلال الاقتراض من الوسطاء. تتسم صناديق المؤشرات المتداولة عادة بمستوى من الكفاءة الضريبية يفوق صناديق الاستثمار، على الرغم من أنها تدفع من التوزيعات والمكاسب الناجمة عن تغيرات أسهم المؤشرات الأساسية التي تتبعها، إذ يمكن لطلبات الاسترداد من صناديق الاستثمار أن تجبر مديري الصناديق على بيع الأسهم وتكبد الضرائب على المكاسب الرأسمالية التي تمرر بعدئذ إلى المساهمين، أما في حالة صناديق المؤشرات المتداولة فتبقى المحفظة الضمنية على حالها عندما يشترى المستثمر أسهمه أو يبيعها.
تتميّز صناديق المؤشرات المتداولة بمرونة استطاعت أن تحقق لها شعبية وخاصة لدى المستشارين الماليين والمستثمرين الأفراد. وقد استفاد رعاة هذه الصناديق من الطلب على منتجاتها من خلال توسيع نطاق عروضها بقوّة. لكن جرى تطوير أنواع أكثر غرابة من الصناديق، بما في ذلك صناديق المؤشرات المتداولة ذات الاقتراض العالي (التي تستخدم اقتراض من البنوك)، والعكسية (التي ترتفع مع انخفاض السوق وترتفع مع انخفاضه)، والمركبة (التي تحاكي أداء السوق بدون تملك الأسهم)، بما تسبب في المزيد من التعقيد في السوق، بحيث قد لا يعي المستثمرون تماماً المخاطر التي تنطوي عليها هذه المنتجات.
- ما المخاطر الرئيسية المرتبطة بصناديق المؤشرات المتداولة؟
تختلف درجة المخاطر التي تواجه المستثمرين بهذه الصناديق تبعاً لعوامل متعددة، مثل نوع الصندوق، واستراتيجيته، وطبيعة الأصول الضمنية، وراعي الصندوق. وقد تتضمن أيضا مخاطر خطأ التتبع، ومخاطر الطرف الآخر، ومخاطر الضمانات، ومخاطر تقلبات أسعار العملة. جرى التركيز مؤخراً على المخاطر المرتبطة ببعض الإصدارات الأكثر غرابة من صناديق المؤشرات المتداولة، بما فيها الصناديق ذات الاقتراض العالي والعكسية والمركبة، حيث إن معظم الصناديق ذات الاقتراض العالي والعكسية قد صممت بحيث تعطي مضاعفا محددا للعائد اليومي للأصول الضمنية في المؤشر باستخدام المبادلات والعقود الآجلة وغيرها من المشتقات. ومن الطبيعي أن يتسبب التقلب على المدى الطويل في تآكل العائدات التي صممت هذه الصناديق ذات النظرة القصيرة الأجل لتقديمها، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى اختلافات كبيرة بين أداء الصناديق ومؤشرها الضمني.
أما صناديق المؤشرات المتداولة المركّبة، والتي تحظى بشعبية كبيرة في كل من أوروبا وآسيا، فهي تحاول محاكاة المؤشّر من خلال استخدام مبادلات الأصول مع الأطراف الأخرى. فيلجأ الراعي في كثير من الأحيان إلى مساندة الصناديق المركبة بضمانات أقل جودةً وأضعف سيولةً، لا تتطابق مع الأصول الداعمة. يمكن لصناديق المؤشرات المتداولة التي تضطر إلى تسييل أصولها أن تفاجأ بأن قيمة ضماناتها باتت أقل بكثير.
- هل صناديق المؤشرات المتداولة هي المسؤولة عن زيادة تقلبات السوق؟
فيما تمثّل صناديق المؤشرات المتداولة المركبة وذات الاقتراض العالي والعكسية جزءاً صغيراً نسبياً من أصول هذا القطاع، فقد يكون لها تأثير أكبر من حجمها عندما يتعلق الأمر بالمساهمة في تقلبات السوق. وقد أعرب كلّ من مجلس الاستقرار المالي في مجموعة العشرين، وصندوق النقد الدولي، وبنك التسويات الدولي، عن قناعتهم بأن الصناديق المركّبة تشكّل تهديداً محتملاً للاستقرار المالي العالمي. يقول منتقدو الصناديق ذات الاقتراض العالي والصناديق العكسية إن بمقدورها اصطناع عمليات بيع ضخمة، وكذلك خلق أزمة قصيرة، وأن هذا الخطر المنهجي قد لوحظ في تقرير عام 2010 من قبل مؤسسة كوفمان. وما زالت الدراسات والنقاشات قائمة بشأن إذا ما كان بمقدورنا أن نعزو تقلبات السوق الأخيرة حتماً إلى نمو صناديق المؤشرات المتداولة، أم إلى استخدام منتجات محددة منها.
- هل توجد أي مخاوف أو مسائل تنظيمية مهمة تواجه صناديق المؤشرات المتداولة؟
إن ازدياد تقلبات السوق، بما في ذلك الانهيار المفاجئ الذي حدث في مايو 2010، عندما انخفض متوسط مؤشر داو جونز الصناعي ما يقرب من 1000 نقطة في دقائق معدودة فقط، قد سلّط الضوء تنظيمياً على صناديق المؤشرات المتداولة، جنباً إلى جنب مع ارتفاع وتيرة التداول. فيما أدت فضيحة التداولات غير المرخص بها لمجموعة UBS عام 2011 التي تضمنت تداولات وهمية مزعومة لصناديق مؤشرات متداولة، إلى زيادة تدقيق المشرعين وتمحيصهم. وفي الواقع، فإن غياب متطلبات الإبلاغ عن عمليات التداول خارج البورصة في أوروبا، التي جرت فيها 60% من صفقات التداول لصناديق المؤشرات المتداولة خارج البورصة، زاد المخاوف حيال الشفافية.
تجري هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية تحقيقات بشأن صناديق المؤشرات المتداولة ذات الرفع المالي، وأثرها على تقلبات السوق. فيما دعت هيئة الأوراق المالية والأسواق الأوروبية إلى تشديد اللوائح التنظيمية، وأوصت بقدر أكبر من الشفافية والإفصاح بشأن المخاطر التي تشكلها صناديق المؤشرات المتداولة.
ما هي أهم نصائحك السريعة للمستثمرين؟
تقدّم صناديق المؤشرات المتداولة للمستثمرين ميزات التنويع والكفاءة الضريبية بكُلفة منخفضة نسبياً، فيما أدى الطلب القوي من جانب المستثمرين إلى نمو مبهر في هذا القطاع. لكن بمقدور صناديق المؤشرات المتداولة، في أكثر أشكالها غرابة، أن تتسبب في مخاطر مفرطة وغير مقصودة للمحافظ الاستثمارية. وتبعاً لذلك فمن المهم أن يجري تحليلها بعناية، واستخدامها بحكمة من قبل المستثمرين.