خطط الإنقاذ الوطنية
 تاريخ النشر : الخميس ٢٦ يناير ٢٠١٢
بقلم: الشيخ د. عبدالله المقابي
دأبت حركات المجتمع طوال عام على البحث عن خطط الإنقاذ الوطنية، وفزعت خيرة المواطنين منذ اللحظة الأولى ضد عمليات التحريض بالخروج في الشوارع، متمسكين بالحوار والسلم الأهلي، ووحدات المجتمع المختلفة لم تكن في منأى عن البحث لسبيل اتفاق، الجهود متواصلة ومنذ أشهر من الميادين كافة وعلى جميع الأصعدة، والبحث لايزال في أوجه إلى سبيلٍ ومخرج.
على المستوى البحريني يجب العمل على الإصلاح السياسي في مفهوم السياسة لدى العامة من الناس، والعودة للشرعية التي كانت قائمة عليها الجماعات السياسية، فاليوم خُلطت الأوراق ليكون العالم محوراً للسياسة، فلم تعدِ السياسة محورا للعالم، وهو ما نسميه جدل البحث عن عمليات الإنقاذ الوطنية في مسميات عدة أُطلقت وسوف تطلق في الأيام القادمة، كالمصالحة الوطنية، والمصالحة الأهلية، والتعايش السلمي، ورأب الصدع وغيرها من المسميات.
هنالك حراك شعبي، وحراك مؤسساتي، لكن إلى الآن لم ينجح أي حراك على المستوى الوطني إلا حراكا قاده قائد المسيرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة حفظه الله، ومجد الوطن صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، والوفي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، حفظهم الله جميعاً، كان له الأثر بفضل الحلم والحكمة وحب الوطن، ولن نغالي في حراك القيادة الذي مثل نموذج الصبر، والحرفية في الإنقاذ الوطني، ولن نحار حين نقول ان القيادة بجهودها المشكورة أسهمت في تعزيز الثقة لدى أبناء الوطن كافة دفعا لعملية الإصلاح والتقويم، لكن المشكلة تكمُن في عجلة واستعجال المواطن لأن يجد ما يفقده، ومع سرعة تواتر الأحداث خُلطت الكثير من الأوراق وزُجت في السياسة، فاستغلت قوى التأزيم فراغ الساحة من الثقافة الواعية التي هي خلاف الوعي الثقافي، فالثقافة الواعية تعني النظر إلى الحاجات الأساسية والضرورية من دون التعرض للمغريات والمساومات، ومن دون تدخل الوساطات، فالوعي حاكم والثقافة قائمة ما كان الوعي لازما، لكن الثقافة قائمة مادام الوعي قاسما يفصل بين الغرور والتطرف وبين الاصلاح والتصرف، فالفجوة الموجودة في وعي الفرد البحريني هي مستوى فهمه للضروري واللازم والأساسي، والبعد في الفهم لما هو ضروري هو الفاصل الذي استغلته قوى التأزيم لمصلحة تجنيد قضاياها غير الأساسية، فأوجدت القوى المعارضة فهم الضرورة بما ليس ضرورة، وسيست مطالب الشعب الضرورية لقلب المفاهيم البديهية في حركة تكتيكية لاستغلالها في مراحل عدة، هذه الخطط والاستراتيجيات الخفية هي التي تُطرح في دول العالم حينما تُطرح عملية انقاذ وطني او مصالحات وطنية، والهدف من ذلك حرف مسيرة الإصلاح عن مسارها وإغراق المجتمع بمفاهيم سياسية لا تعنيه في أمر، وهي خطط أساسها مجهول، وفعلها مُبتذل، ونتاجها معزول، لا تغني ولا تُسمن من جوع، وفي النهاية يلعب وسطاء السياسة دور المظلوم ليعيدوا الكرة على الكرة، ومن الذي يستفيد؟ هي الجيوب التي تعبث في ثقافة المجتمع الواعية، لذلك حين يغفل المواطن عن تحصيل الثقافة وملئها بالوعي يخسر ليكون مُنقادا إلى فئات الضلال في المجتمع، التي بدورها تُحركه لأعمال التخريب وكسر الاقتصاد، وفي الوقت نفسه تجعله ذليلاً مُنقاداً لأوامر بالمجان.
في المقابل قوى التأزيم من صالحها الفوضى، ومن صالحها التوتر وعدم الاستقرار الأمني ليكون مفتاحها الإعلامي، إذاً ما يحتاج إليه المواطن اليوم تفريغ دماغه من مفهوم الوعي وغرس ثقافة لما يحتاج إليه أولاً، بناء ثقافة الضرورة ثم التحلي بالوعي الذي يعني بمفهومه الأصغر الصبر والحلم والرقي في المطالبة العاقلة، وفتح باب الحوار، وإبداء الإيجابيات قبل السلبيات، وطرح المطلوب، تذكّر الموجود وتعرّف المفقود، وشكر الله للنعمة وتمامها، هذه المفاهيم التي غيّبتها قوى التأزيم من خلال نشر ما يسي إلى الوطن والمواطن على حد سواء، الأمر الذي يفرض طوق العزلة المجتمعية والتمييز عن سائر المجتمعات الدولية، فالمواطن البحريني لا يحتاج إلى خطة انقاذ وطنية فهو ثروة وطنية كبرى، ولنتذكر جميعاً أن دولا كثيرة في ٧٠ عاما مضى لم تحقق نجاحاً واحداً يُذكر في خطة إنقاذ وطنية في دولة ما.
المواطن البحريني له المثل الأعلى وهو قائد التصور والتطور في مملكة البحرين، ومن هنا ندعو شعب البحرين كافة إلى أن يكون مع الحدث أولاً بأول، ويسترجع مقومات النجاح والإنجازات الوطنية.
إن تحمل القيادة الملكية أعباء الوطن طوال عام كامل كان جزءا لا يستهان به من قدرة الوطن على التعافي والقيام، وإن كانت قوى التأزيم تظن رفعتها ونجاحها في الوقت التي تُسرق الأنظار لصالح الدول الأجنبية في محاصصات ومكاسب مالية كبرى، فإن المواطن البحريني ثروته قيمه، ومعرفته قيادته، وحبه لوطنه، وعيشُه بأمنه، لن تزول القيم ولن تُضر الثوابت الوطنية ولن ينجر الوطن لمهالك أعددتها قوى الظلام الباغية. إن الشعب جسم واحد لا يهاب التهديدات والترهيبات المعادية، بقيادة جلالة الملك وسمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد سنمضي في العهد الزاهر، ونكررها دوماً ان ما يحتاج إليه المواطن أمن وسلامة، وبناء وتقدم، وعلم ومعرفة، وبذلك يرتفع الوطن.
حفظ الله البحرين سالمة.
.