الجريدة اليومية الأولى في البحرين


قضايا و آراء


دبابات نوري المالكي (خردة) وتهديدات الجنرال سليماني بدعة

تاريخ النشر : الخميس ٢٦ يناير ٢٠١٢



يتوهم نوري المالكي عندما يعتقد ان نشر24 دبابة حول قصره ومثلها في الطريق الموصل الى مكتبه الرسمي في المنطقة الخضراء، يمنع حدوث انقلاب عليه من دون ان يدرك ان هذه الدبابات هي في الحقيقة (خردة) تبرع بها المحتلون الامريكان لـ(دولته) من مخلفاتهم التي تركوها وراءهم في اعقاب اكتشافهم ان نفقات نقلها الى اقرب قاعدة لهم تكلف أضعاف قيمتها الحقيقية الآن، وهي غير صالحة للقتال ومدافعها (مزنجرة) ولا تصمد حتى اذا اجتمعت في طابور واحد أمام صولة واحدة من سرايا المقاومة الوطنية التي بدأت تحشد طاقاتها وتعبئ امكاناتها للمواجهة المرتقبة في يوم ربيعي مقبل، يوم لا تنفع فيه سلطة مفككة ولا مال حرام ولا عنتريات حزب الدعوة ولا شرطة عدنان الاسدي ولا مرافقوه وحماياته وأغلبهم تعود على الفر دائما وعدد منهم سجل ارقاما قياسية في (ركضة طويريج) التي تقام في العاشر من محرم في كل عام ضمن فعاليات دأب عليها البعض لتبرير تقاعس الشيعة الامامية عن نصرة الحسين بن علي في واقعة كربلاء بعد ان راسلوه ومنوه بالخلافة وعندما وصل الى ديارهم تبرأوا من رسائلهم اليه وانصرفوا عنه رحمه الله وتركوه وحيدا يواجه مصيره.
ويتوهم المالكي ايضا اذا تصور ان قواد وضباط الجيش الحالي واجهزة الامن والشرطة سيقفون معه ويدافعون عنه وهو لا يدري ان كثيرا منهم ينتظر ساعة الصفر على أحر من الجمر لتنفيذ الواجب الوطني والانقضاض عليه، ومراسلاتهم مع زملائهم السابقين والشخصيات الوطنية والقيادات المعارضة في تزايد مستمرفي الشهور الاخيرة وكلها يبشر بان الخلاص منه لا يحتاج الى جهد عسكري كبير وانما عزيمة صادقة في تطويق المنطقة الخضراء وسد منافذها ومخارجها بثلة من المجاهدين وهم كثرة كاثرة ينتظرون الاشارة لينطلق نشيد (الله اكبر) من قناة (العراقية) الحكومية لا غيرها، وبعدها يبدأ الغضب الرباني والشعبي ينزل على رؤوس كل العملاء واللصوص.
وخوف نوري المالكي من الانقلاب المقبل جعله يصدق كل ما ينقل اليه، حتى وصل الامر به الى اعتقال موظفة بعنوان (كاتبة طابعة) في مكتب نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي وقام بالتحقيق شخصيا معها بطريقة مشينة واجبرها مع زبانيته على الاعتراف بانها طبعت بيانات انقلابية ومراسيم جمهورية بعد ان هددها بتصويرها عارية في لقطات اباحية وارغمها ايضا على ذكر اسم عميد كان يعمل في وزارة الداخلية قبل اعتقاله على اساس انه يحتفظ باسماء وعناوين الضباط الايرانيين وقادة فرق الموت والمليشيات المرتبطين مع وكيل الوزارة الاقدم وعضو المكتب السياسي لحزب الدعوة عدنان الاسدي، وكان قاسم عطا الملقب بـ(كذاب بغداد) قد اعلن في الاسبوع المنصرم أنه سيتم عرض اعترافات جديدة لموظفين ومستخدمين في مكتب الهاشمي وهو يقصد هذه المسكينة التي كل ذنبها انها سنية عربية تؤدي عملها وتحصل رزقها بعرق جبينها وجهد أناملها .
وفي اطار الجزع الذي ينتاب المالكي من الانقلاب القادم، تأتي تصريحات الجنرال الايراني قاسم سليماني بان العراق وجنوب لبنان يخضعان لارادة ايران وان بلاده قد تضطر الى تشكيل حكومتين شيعيتين فيهما، وسليماني هذا قائد ما يسمى فيلق قدس وهو المسؤول الاعلى لجميع الاحزاب والحركات الشيعية في العراق ولبنان ودول الخليج العربي كالبحرين والكويت والامارات والمنطقة الشرقية في السعودية والزيديين في اليمن بعد ان نجح في تغيير عقائدهم الدينية وحولهم من تقليد الامام الثائر زيد بن علي بن الحسين الى اتباع خميني وخامنئي ومن لف لفهما.
وواضح ان تهديدات سليماني موجهة اساسا الى العراق، لانه يدرك تماما ان حزب الله في لبنان محكوم بتوازنات محلية واقليمية ودولية لا تسمح له بتشكيل حكومة شيعية لا في بيروت العاصمة ولا في جنوب لبنان، اضافة الى ان مصير هذا الحزب مرتبط بوجود نظام بشار الاسد في سوريا الذي يواجه الان تحديات شعبية تهدد مستقبله السياسي، وبالتالي فان سليماني يقصد العراق ويعتقد ان تصريحاته وتهديداته تعطي فاعلية للاحزاب الشيعية العميلة له وهي تتحكم اليوم بمفاصل السلطة والمال في العراق وجميع خيوطها بيديه الملوثتين بدماء الالاف من العراقيين الابرياء، من دون ان يتذكر ان التخادم السياسي بين طهران وواشنطن هو الذي اتاح لهذه الاحزاب ان تصل الى الحكم وهي التي لو جمعت بعضها على كلها بقادتها وآياتها وكوادرها ومليشياتها ولصوصها لا تساوي شيئا في خريطة العراق السياسية.
ويعرف سليماني ايضا ان النفوذ الايراني ينحصر في اوساط شيعية ضيقة من ضمنها المالكي وحزب الدعوة وهما يقودان الحكومة الحالية، وهذا النفوذ قد وجد مكانا له في بعض المناطق الشيعية في جنوب العراق، ولكن الذي يحاول سليماني انكاره ان الاغلبية الساحقة من عرب العراق بمن فيهم الشيعة العرب يتطيرون من كل شيء ايراني سواء كان شخصا او حتى بضاعة تجارية رغم محاولات شراء الذمم واغراءات المال الحرام والمخدرات وتصدير العمائم السوداء والبيضاء والاشرطة الخضراء، اما المناطق والمحافظات السنية العربية فان مجرد وجود شبهة عن تعاون احد ابنائها مع ايران تجعل العار يلاحقة والموت الحق يتبعه، والجميع يعرف ان رواد مسجد العبايجي في البصرة طردوا امام وخطيب المسجد بعد ان تشيع سرا وصار عضوا في المجلس الاعلى الشيعي ورشح نفسه على قائمته في انتخابات مارس 2010 وفشل فشلا ذريعا ولم يحصل على أصوات زوجته وأهل بيته.
وقد سعى المالكي طوال الاعوام الخمسة الماضية الى ايجاد موطئ قدم لحزبه في مناطق ومحافظات السنة العرب واغدق اموالا واعطى صفقات مليونية لبعض الافاقين وضعاف النفوس المحسوبين على السنة، ولكنه لم يحصد غير الريح، بل انه اخفق في ايصال نائب سني واحد من الذين تعاونوا مع كتلته (ائتلاف دولة القانون) الى مجلس النواب رغم انه رشح اكثر من مئة وعشرين شخصا في المحافظات السنية واعلى واحد فيهم حصل على سبعة اصوات بالتمام والكمال.
وقد بات الان معروفا على نطاق واسع في العراق ان نوري المالكي واعضاء حزب الدعوة قد استدعوا في الشهور الثلاثة الماضية شراذم من الوصوليين والانتهازيين وبعض الذين سقطوا في الانتخابات الاخيرة، ووعدوهم بان يهيئوا أنفسهم ليكونوا بدلاء للوزراء السنة العرب من القائمة العراقية، وأكبر رأس فيهم لا يقدر على زيارة منطقته (ابو غريب) بعد ان عرف أهلها انه متواطئ مع المالكي، والامر نفسه ينطبق على آخر من شاكلته دفعه المالكي ليكون ندا لشيخ المقاومة حارث الضاري من دون ان يدرك ان حفيد الشيخ ضاري المحمود (الذي هز لندن وابكاها) عندما أجهز بسيفه على كبير ضباطها الكولونيل ليجمان في عشرينيات القرن الماضي، لا ينافسه الصغار وسارقو الأمانات ومختلسو الودائع!
ان دبابات المالكي التي نشرها حول منزله ومكتبه في المنطقة الخضراء، وتهديدات الجنرال سليماني باحتلال العراق واقامة حكومة شيعية عميلة لولي الفقيه، تندرجان ضمن عملية ترهيب العراقيين ومحاولة يائسة لعرقلة او اعاقة الانقلاب الآتي لا محالة لكنس عملاء ايران وامريكا المزدوجين من حواضره العربية والاسلامية ومطاردتهم في العمق الايراني عند فرارهم اليه ولن يضيع حق وراءه مطالب.
ان ازاحة نوري المالكي عن السلطة باتت عملية وقت ليس الا بعد ان اوغل في الدماء العراقية وانتهك كرامات وحرمات العراقيين وسرق مواردهم وثرواتهم، وهناك تقرير أمام مجلس النواب يفيد بانه استحوذ على 44 مليار دولار من المال العراقي العام خلال السنوات الاربع من عام 2006 - 2010 وانه استولى على سبعة مليارات دولار في العام الماضي ومازال يرفض اعطاء مستندات الى وزارة المالية والبنك المركزي العراقي عن اوجه صرف هذه المليارات وكيفية انفاقها واين ذهبت، وفي هذا الشأن فإن وزير المالية السابق باقر صولاغ وهو من عتاة الشيعة وقيادي في المجلس الاعلى أعد كتابا سيصدره في الوقت المناسب على حد قوله، يبرئ فيه نفسه خلال توليه وزارة المالية ويكشف بالتفاصيل والارقام والمناسبات التي استولى فيها المالكي ومكتبه وحاشيته على المليارات الـ(44).
ان يوم الحساب قادم وسيحشر فيه كل من آذى او قتل او سرق ولن يفلت منه كل من تعاون او خدم الاجنبي باي شكل من الاشكال، ولن تنفع في ذلك اليوم دبابات المالكي التي ستنكس مدافعها الصدئة ويهرب جنودها وضباطها تلاحقهم الحشود الثائرة، ولن تفيد فيه ايضا تهديدات سليماني الذي سيحرم من رؤية بغداد والنجف حتى في الاحلام.
* كاتب وسياسي عراقي