قضايا و آراء
بهستيريا «الوفاق» حول التعديلات الدستورية
تاريخ النشر : الخميس ٢٦ يناير ٢٠١٢
كان رد فعل ما يسمى المعارضة على التعديلات الدستورية المهمة والتاريخية التي أعلنها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المفدى في منتهى السلبية وقلة الذوق، تأكيدا على المعاني المكررة التي عودتنا إياها «المعارضة» التي يبدو أن همها الوحيد هو الاستيلاء على السلطة بكل وسيلة ممكنة بما في ذلك الكذب ثم الكذب ثم الكذب حتى تصدق نفسها ويصدقها الآخرون، فالتعديلات التي تفضل بها جلالة الملك لم تكن أبدا شكلية أو جزئية بل كانت في عمق تجسيد الإرادة الشعبية وتوسيع مهام المجلس المنتخب ومنحه دورا أعمق واكبر على 3 مستويات على الأقل:
الأول: توسيع الدور الرقابي للمجلس وقصره عليه فقط في مساءلة السلطة التنفيذية ومحاسبتها بكل الأدوات الدستورية الموجودة وهذا تطور مهم في جعل الإرادة الشعبية في مجلس النواب وهي صاحبة الأمر الفصل في الرقابة والمحاسبة.
الثاني: يتعلق بقصر عملية مشاريع القوانين على مجلس النواب من دون غيره وهو تطور يصب في هذا الاتجاه نفسه.
الثالث: يتعلق بمنح مجلس النواب سلطة جديدة لم تكن موجودة في السابق وهي إقرار أو عدم إقرار برنامج الحكومة ويعتبر الإقرار موافقة على التشكيلة الحكومية وعدم الإقرار عدم الموافقة على هذه التشكيلة، وهذا تطور حاسم في اتجاه منح الثقة أو عدم منح الثقة للحكومة جملة وتفصيلا بما يضع المزيد من الضمانات التي تكرس الإرادة الشعبية مادام هذا المجلس في ضوء هذه التعديلات أصبح يمتلك الحق في منح الحكومة الثقة البرلمانية أو حجبها عنها وبما يعني في النهاية أن السلطة التنفيذية ملزمة وفقا لهذه التعديلات الجديدة بأن تعمل سواء من حيث تشكيلها أو برامجها بمستوى عال من الانضباط والفاعلية بما سيؤدي حتما إلى تطوير العمل الحكومي وجعله أكثر فاعلية وأكثر ارتباطا بالإرادة الشعبية بما سينعكس بلا شك على التنمية وعلى الإنجاز على الأرض خاصة بالنسبة إلى الملفات الحيوية التي تهم معيشة المواطن البحريني مثل السكن والتعليم والصحة والبطالة وتوفير المزيد من فرص العمل وتطوير البنية الأساسية، كما أن التطور المرتقب في صلاحيات المجلس وتقوية دوره الرقابي سوف يؤدي بالضرورة إلى الارتقاء بأداء المجلس نفسه ولكن سوف يطرح هذا الأمر على جموع المواطنين بمختلف تياراتهم ضرورة انتخاب العناصر الوطنية القوية المؤهلة لقيادة العمل التشريعي بحيث لا يتحول انتخاب هذا البرلمان إلى عملية روتينية شكلية أو تستند إلى أسس طائفية مناطقية حيث لا يخفى ما للوطنية من أهمية في تطوير الرقابة على العمل الحكومي وفي منح الحكومة الثقة، فلا يعقل في هذه الحالة أن يكون النواب مثل بعض النواب الذين مروا على المجلس خلال الفترة الماضية والذين يبدو بعضهم غاية في السلبية وضعف الإرادة وقلة الخبرة وعدم الجدية في التعامل مع القضايا الوطنية حيث تحول عمل البرلمان في تلك الفترة إلى مأساة تعكس الصراعات الطائفية بل ان بعض مراحل نمو العمل البرلماني شهدت حتى تبادل اللكمات وتبادل الألفاظ النابية التي لا تليق بمكان البرلمان.
إذاً التعديلات المقترحة التي تفضل بها جلالة الملك ليست تعديلات شكلية ولا سطحية ولا جزئية كما جاء في بيان الوفاق السطحي الذي يفتقر إلى الموضوعية، خصوصا أن الوفاق نفسها أثناء وجودها في البرلمان كانت قد طالبت ببعض هذه التعديلات وأقل منها بكثير ولكنها اليوم مقرة العزم على الاستمرار في ثقافة المواجهة وفي رفض الدخول في العملية السياسية المؤسسية والاكتفاء باللعبة الشوارعية التي مللنا منها وبينت الأحداث لا جدوى منها. ولعل ما عبرت عنه الوفاق صراحة ومباشرة بعد كلمة جلالة الملك يحفظه الله من أنها سوف تظل في الشوارع وسوف تظل تقود الفوضى اليومية تأكيدا على ضيق أفق هذه الجمعية السياسية ومن معها من الذين يبدو انه قد راقت لهم لعبة الشارع بما يمنحهم نوعا من الشعبية المزيفة بين المراهقين وصغار السن الذين لا يدرون ولا يفقهون في السياسة ولا في الدستور ولا في القانون.
نتمنى أن تعود الوفاق إلى رشدها وأن تلتقي إرادتها إرادة أغلبية شعب البحرين سنة وشيعة من الذين مع الإصلاح ومع التدرج ومع المصالحة الوطنية ومع الأمن والأمان والاستقرار لأنه لا اقتصاد ولا تنمية ولا تقدم من دون أمن وأمان، أما إذا فضلت البقاء في الشارع فمهما فعلت فإن شعب البحرين لا يثق بوثيقتها ولا بمنطقها ولا حتى بأطروحاتها الاقصائية التي تتكلم عن الديمقراطية وهي بعيدة عنها وتتكلم عن السلمية وهي تقود العنف وتتكلم عن الدولة المدنية وهي تبجل الولي الفقيه.