أخبار دولية
مصر تحتفل بمرور عام على ثورة يناير
تاريخ النشر : الخميس ٢٦ يناير ٢٠١٢
القاهرة - الوكالات: تجمع آلاف المصريين أمس الاربعاء في وسط القاهرة وباقي مدن البلاد بمناسبة مرور عام على انطلاق الثورة الشعبية التاريخية التي اطاحت بالرئيس حسني مبارك، في اجواء احتفالية ووسط دعوات تطالب الجيش بترك السلطة وتعهدات من النشطاء بمواصلة العمل على تحقيق اهداف هذه الثورة.
واحتشد عشرات الآلاف من اسلاميين وليبراليين ويساريين ومواطنين عاديين في ميدان التحرير بالعاصمة الذي كان مركز الاحتجاجات التي اطاحت بمبارك، وهم يلوحون بالاعلام المصرية ويرفعون اللافتات التي تحمل شعارات متنوعة تعكس اختلافا حول ما يعنيه هذا اليوم. وجرت تجمعات اخرى ضمت الالاف في مدن اخرى، وخصوصا في الاسكندرية والسويس والاسماعيلية على ضفاف قناة السويس.
واستنادا إلى اجهزة الامن شهدت كل محافظات الجمهورية تجمعات شعبية كبرى لكن لم يبلغ عن اي حادث يذكر حتى قبل المساء.
وفي القاهرة شارك الاخوان المسلمون في الاحتفال بهذه الثورة التي حولت جماعتهم من حركة محظورة إلى حركة سياسية تهيمن على مجلس الشعب الجديد. الا ان الجماعة شددت على رفض فكرة اطلاق «ثورة ثانية» حفاظا على المكاسب الكبيرة التي حققتها.
لكن الكثير من المجموعات الاخرى - ومن بينها الحركات المطالبة بالديمقراطية التي كانت وراء انطلاق هذه الانتفاضة - اكدت انها نزلت إلى التحرير لمواصلة الثورة التي لم تكتمل بعد وللمطالبة برحيل المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يقود البلاد منذ رحيل مبارك.
وقالت هالة رشاد البالغة السادسة والاربعين من عمرها وتعمل طباخة في مطعم «سنواصل النزول إلى التحرير للعمل على تحقيق اهداف الثورة مهما حصل». وتابعت «المجلس العسكري لم يفعل شيئا. يتصرفون تماما مثل النظام السابق. لم نأخذ حقوقنا والبلد في فوضى».
وانطلقت مسيرات عدة من احياء مختلفة من القاهرة وصولا إلى الميدان الذي انتشرت عند مداخله «لجان شعبية» كونها المواطنون بانفسهم لتفتيش الداخلين بعد ان قالت وزارة الداخلية انها لن تتواجد في الميدان.
كما احتشد الالاف في ميدان القائد ابراهيم على كورنيش الاسكندرية حيث كان المجلس الاعلى للقوات المسلحة برئاسة المشير حسين طنطاوي خطط لاستعراض بحري.
وفي السويس تجمع نحو خمسة آلاف في ميدان الاربعين هاتفين «من السويس للتحرير يسقط يسقط المشير!». وقال مصطفى المصري احد زعماء مجموعة ثورية تتخذ من المدينة الواقعة على قناة السويس مقرا لها «انها تظاهرة وليست احتفالا».
وفي القاهرة رفرفت اعلام ضخمة فوق المتظاهرين في التحرير، حيث حاولت فرقة للموسيقى العسكرية ان تعزف للجمهور في الصباح، غير ان هتافات «يسقط يسقط حكم العسكر» طغت على صوت الموسيقى ما اجبر الفرقة على الرحيل.
وابلغ العديد من الافراد من شباب الاخوان المسلمين انهم في الميدان للتظاهر وليس للاحتفال، رغم الاعلان الرسمي للجماعة انها لا تسعى إلى «ثورة ثانية».
والسؤال الكبير الذي طرحته «الاهرام ابدو» التي تصدر بالفرنسية على صفحتها الاولى «من سيجسد روح الثورة؟».
ورغبة منه في اظهار صورة جيدة بعد الاتهامات بانتهاك حقوق الانسان، خطط الجيش احتفالات حاشدة تشمل عرضا بحريا قبالة الاسكندرية، وعروضا جوية في القاهرة وألعابا نارية في انحاء مختلفة من البلاد. الا ان هذه الاحتفالات الرسمية لم تثر الانتباه كثيرا بما في ذلك تغطية تلفزيون الدولة. كما صك المجلس العسكري عملات تذكارية وبدأ أمس الاربعاء باخلاء سبيل نحو ثلاثة الاف معتقل بناء على عفو بمناسبة عام على الخامس والعشرين من يناير شمل المدون مايكل نبيل الذي اعتقل بسبب انتقاده الجيش.
وقد اعلن الجيش ان هذه الاحتفالات ستستمر على مدى ايام داعيا المصريين إلى الحفاظ على روح ثورة 25 يناير التي قال انها وحدت بين المصريين «رجالا ونساء كبيرا وصغيرا ومسلما وقبطيا». غير ان المحتجين يصرون على ان طنطاوي، وزير دفاع مبارك لأمد طويل، خطف الثورة.
وكان طنطاوي قد اعلن يوم الثلاثاء إلغاء قانون الطوارئ، الساري في مصر منذ اغتيال انور السادات في اكتوبر 1981، باستثناء حالات «البلطجة» في بادرة اريد بها على ما يبدو تهدئة المتظاهرين.
ووصف النشطاء هذه الخطوة بالتجميلية معتبرين انها فارغة المضمون، رافضين استثناء اعمال «البلطجة» باعتبار الاستثناء ذريعة للابقاء على الصلاحيات الواسعة للشرطة لاعتقال المواطنين.
ويطالب المحتجون بانهاء حكم المجلس العسكري فورا وبعدم تدخل الجيش في صياغة الدستور المصري الجديد خشية ان يعمد إلى ترسيخ صلاحياته في الدستور. وكان المجلس العسكري قد تعهد بترك السلطة لحكومة مدنية فور انتخاب رئيس للبلاد في يونيو المقبل.
من جانبها اعلنت قوات الامن انها على اهبة الاستعداد للتدخل في حال حدوث «محاولة لتخريب» هذه الاحتفالات. غير ان وزير الداخلية محمد ابراهيم قال إن الشرطة لن تتواجد في الساحات او في الاماكن التي تشهد احتفالات ضخمة وان كانت ستتولى حماية المنشآت العامة، داعيا القوى السياسية إلى تشكيل «لجان شعبية» لضمان امن الشوارع.
غير ان منظمة العفو الدولية قالت يوم الثلاثاء ان على الحكم العسكري مسؤولية حماية المتظاهرين وعلى قوات الامن التصرف بمسؤولية لضمان تمكين الجميع من ممارسة حقهم في التعبير والتظاهر السلمي، بحسب نائبة مدير المنظمة للشرق الأوسط وشمال افريقيا، حسيبة حاج صحراوي.
اما الرئيس السابق مبارك فسيمضي اليوم في سجنه باحد مستشفيات القاهرة في إطار محاكمته بتهمة قتل المتظاهرين خلال الانتفاضة التي سقط خلالها رسميا نحو 850 قتيلا وآلاف الجرحى. وفي حال ادانته فقد يواجه الرئيس المخلوع الذي حكم البلاد ثلاثين عاما، حكم الاعدام.