أفق
إلى أين قادتْ خطوطُ التفكك؟
تاريخ النشر : السبت ٢٨ يناير ٢٠١٢
عبدالله خليفة
إن الأعمالَ السياسية التي تتم من دون وعي توحيدي ليبرالي أو إسلامي أو تقدمي تقوم بإيجاد أضرار بالغة للحركات السياسية.
لابد في منطقة الخليج والجزيرة العربية وإيران من خطوط فكرية سياسية توحيدية، وهي وحدها ما يسمح بتكوين تحركات سياسية عقلانية يكون مردودها إيجابيا.
حتى الثورات العربية التي جرت بأشكال عنيفة وبصدامات تمت بأشكالٍ توحيديةٍ لأغلبيات السكان، فلولا اعتمادها على خطوط التوحيد السابقة الذكر فماذا ستكون؟
فما بالنا بتحركات لا تتم على أسس التوحيد؟ النتائج أمامنا فاجعة رهيبة من تغلغل التفكك في المدن، حيث انقسمت عبر أحيائها، ثم هذا الانقسام بين المدن وبين القرى، ثم تغلغل الانقسامات في كل مكان، واتخاذها أشكالاً مخيفة.
أي شكل فكري سياسي توحيدي يعني تجاوز سيطرات الدول والطوائف ذات الهيمنات المركزية التي تريد تحقيق برامجها السياسية من دون مراعاة خواص البلدان والشعوب.
لا يمكننا أن نقول إن أحداً في الخارج أو الداخل كان يمسك وحده خيوط الحياة السياسية ويفرض أجندته في كل من مصر وتونس وليبيا وسوريا واليمن.
هذا ما يجري في العراق ولبنان والبحرين حيث تتفكك القوى السياسية إلى شراذم وتتعادى بأشكال متصاعدة ولا تقف عند حد.
هل هي مصادفة أم ظاهرات لها قوانين مشتركة؟
كيف استطاعت مجتمعات بعشرات الملايين أن تهز الأرض والخريطة الاجتماعية وأن تغير الحياة من دون أن تملأ الأزقة بالحرائق؟
في بدايات مثل هذه التجارب قيل كثيراً انتبهوا لغياب الوحدة السياسية الوطنية والاجتماعية، وأي طرف واحد يتحركُ وحده فسيجد نفسه في طريق مسدود، وكلما أوغل انسد عليه الطريق، حتى يتحول الطريق إلى سكك ضيقة ثم (زرانيق) وخريطة محروقة!
لا أظن إن الانسداد سوف يتوقف أو أن تمزيق المجتمعات المذكورة سوف يُوضع له حد قريب، وربما يتحول إلى كرنفال مع أزمة مضيق هرمز.
حين تتشبث الأطراف بمواقفها فلا تجد سوى العنف الزقاقي ولا تبدل المواقف المتصلبة ولا تقوم بمرونة كبيرة في مواقفها الاجتماعية الاقتصادية الكبيرة بتأسيس سلطات تشريعية وتتنفيذية مشتركة متعاونة فإن المجتمع يتجه للاحتراق.
مواقف الدول الإسلامية الكبيرة في المنطقة لا تقوم بذلك، وتجثم كلٌ منها في خنادقها القومية والمذهبية وتلقي بظلالها على الدول الأخرى.
نعم العُقد عند الكبار، والحكومة في العراق تتفتت، وتصبح حكومتين، وأي موقف غير حكيم يمكن أن يقود العراق إلى حرب أهلية، والقوى البرلمانية البحرينية التي كان يمكن أن تلعب دوراً ديمقراطياً إصلاحياً داخلياً انسحبت في لحظة سياسية دراماتيكية من دون حكمة.
ولبنان وقف كله على رِجلٍ واحدة مهتزة، اختض كلما هزَّ الشعبُ السوري الأرضَ على الحدود.
مجدداً الوحدة مطلوبة، ومراجعة جميع الأطراف مواقفها المتصلبة وعدم تشكل حكومات وطنية وسلطات برلمانية مشتركة متعاونة، يجعلنا على خطِ التماس هذا نشتعلُ من دون أن نمسكَ خيوطَ الأزمة داخلياً بل نجعلها تفلتُ من أيدينا ويبدأ خيط النار من هذا الحي وذاك الزقاق ومن هؤلاء الصبية ومن أولئك السياسيين الذين لم يلعبوا دوراً توحيدياً.
التصعيد خطر، والساسة العراقيون المتصارعون بضراوة وخلافات شديدة وبسلطة منقسمة يجتمعون ويهدأون وبينهم خنادق مغمورة ويتفقون على عمل مشترك حتى وهو متناقض مختلف.
وهم في دولة كبيرة فما بالنا في دولة صغيرة لا نفكر بالمراجعة خاصة من قبل القوى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الرئيسية