الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٦٥ - الاثنين ٣٠ يناير ٢٠١٢ م، الموافق ٧ ربيع الأول ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


عودة الروح





من بطولة سمو الشيخ ناصر، إلى معرض اليخوت، إلى المعرض السنوي للفنون التشكيلية، إلى معرض الطيران، إلى معرض البحرين الدولي للحدائق. إلى تدشين المشاريع الحيوية للبنوك والشركات. ثم سفرات الشيخة مي إلى مختلف الدول للترويج للمنامة عاصمة الثقافة العربية لهذا العام، إلى الاستعدادات الكبرى لاستضافة مسابقة الفورمولا واحد خلال شهر مارس القادم.

ثم من خطاب جلالة الملك المفدى، وما تضمنه من رؤية سامية للتعديلات الدستورية. إلى إطلاق وثيقة المصالحة من مجلس الشورى، إلى رفض قطع الكهرباء عن المواطنين المتأخرين عن تسديد فواتيرهم، إلى تشييد المساكن وتوفير فرص العمل، إلى مراجعة دستورية الأحكام القضائية في فترة السلامة الوطنية، ثم رفض نظر ملف قضية قتل الشرطة أمام محكمة التمييز وإعادته إلى محكمة الاستئناف للنظر فيه مجدداً. ثم بدء محاكمة الشرطة، إلى إعادة المفصولين، وإطلاق سراح بعض الموقوفين.

عامٌ مضى وهذا آخر، والدولة تعمل جاهدة على تنفيذ ما توافق عليه الشعب من خلال مرئيات حوار التوافق الوطني (سياسياً واقتصادياً واجتماعيا). وامتثالاً من الدولة في تطبيق توصيات لجنة تقصي الحقائق، وسعيها الحثيث إلى العمل على النهوض بالمجتمع من جديد وتحمل مسؤوليتها الوطنية لإعادة الأمور إلى نصابها من حيث الحقوق وتطبيق القانون والالتزام بالاتفاقيات الدولية.

عامٌ مضى وهذا آخر، والدولة ومعظم المواطنين معها في البحرين، يعملون جاهدين مخلصين للتغلب على تداعيات الأزمة التي عصفت بأمن البحرين واقتصادها ومجتمعها واحتواء المشكلة وتطييب الخواطر وتهدئة الأجواء للوصول قريباً بإذن الله تعالى إلى المصالحة الوطنية الكبرى بين فئات الشعب بعضهم البعض. من أجل أن تعود الحياة إلى طبيعتها في البحرين، وأن يعود الناس كما كانوا دائماً مشرقين بابتسامتهم وأحلامهم وإخلاصهم في العمل والبناء.

عامٌ مضى وهذا آخر، والقيادة تعمل مخلصةً على ترتيب أولويات احتياجات المواطنين المعيشية ولا تغفل عنها أبداً من أجل إعادة البسمة على وجوه المواطنين الذين ذاقوا الأمرّين بسبب الأزمة. وهذه الأولويات لا تقل أهميةً عن (الإصلاحات الدستورية والسياسية). ذلك ان المطالب المعيشية هي مطلب غالبية أبناء الشعب وتحمل صفة الضرورة والاستعجال، ويبقى دائماً عنصرا الأمن والأمان هما الهدف الأول على سلم ترتيب الأولويات لدى الدولة، والدولة تعمل جاهدةً على تحقيقه بالقانون حيناً، وبالصبر والأناة والحكمة أحياناً أخرى.

في مرحلة النهوض هذه، مرحلة التعافي وعودة الروح إلى الوطن الجريح، سيحاول (البعض) ممن لا يريدون الخير للبحرين ؟ من الداخل والخارج ؟ أن (يسحقوا) هذا الجهد المتواصل، وأن يعيدوا البحرين إلى نقطة الصفر من جديد، وتكرار المأساة. ربما اعتقاداً منهم بأن الشعب يريد ذلك، والشعب براءٌ مما يفعلون.

ولذلك وجب على المواطن أن يراعي الآن بعض المواقف الوطنية التي يجب الالتزام بها في هذه المرحلة الحرجة من عمر الوطن. وأول هذه المواقف الوطنية هو (الالتفاف حول القيادة السياسية) ومؤزارتها بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن يثق المواطن بقدرة وحكمة الدولة في إدارة الأزمة، حتى لو اختلف معها على طرق العلاج. فالخطر الذي يُهدّد أمن البحرين عظيم ولا يمكن التهاون به. والدولة أكثر علماً ودرايةً بهذا الخطر. وأدرى كذلك بالأسلوب الأمثل للقضاء عليه، رغم الآلام والتضحيات.

ثانياً: على المواطنين عدم الالتفات إلى الإشاعات، والقضاء عليها ووأدها في مهدها. وعدم تصديق كل ما يسمعون أو يقرأون، قبل تحري الدقة وصدق المعلومة. فالعابثون عبر وسائل التواصل الاجتماعي كثيرون، ويُدفع لهم أكثر. وأشدّ منهم خطورةً المواطنون الذين أحسنوا النية واستمعوا إليهم وصدقوهم، بل تفاعلوا معهم في إعادة بث الأكاذيب ونشرها قبل التأكد من حقيقتها.

ثالثاً: يجب على المواطنين مواصلة العمل والدراسة والبناء والإنتاج بكل حبٍ للحياة، وثقة وتفاؤل بالبحرين، وأن ينتبهوا إلى أن ما يدور حولهم في البحرين هو جزء من (اسقاطات) لأوضاع وظروف سياسية تتعلق بالمنطقة، وأن يربطوا ما يجري حولهم في البحرين من تصعيدٍ وتأزيم مع ما يجري حولهم في (سوريا والعراق وإيران)، حيث أصبحت البحرين - لسوء الحظ - حلقة من حلقات الصراع والأطماع الدولية في المنطقة. ليس بالطبع لأهمية البحرين وحدها، ولكن لأن الدول الطامعة أرادت للبحرين أن تكون بمثابة الشوكة الموجعة في خاصرة دول مجلس التعاون، من أجل (ابتزاز) دول الخليج، وخاصةً (المملكة العربية السعودية).

ليس أمام الشعب الكريم الآن في البحرين سوى أن يحفظ الله كي يحفظه، وأن يصبر ويصابر، وأن يعلم جيداً بأن الدول في مسيرتها قد تمرض أو تهرم وتشيخ، وقد يصيبها الدهر بأوجاعه ومصائبه، تماماً كالإنسان. ولكن الدول والشعوب العظيمة المؤمنة أبداً لا تموت، بل تنهض من عثراتها وتتعافى من أمراضها، وتواصل الحياة.

واقرأوا التاريخ جيداً - والأمثلة كثيرة - أيهما أشدّ وطاة على الدول والشعوب (قنبلة هيروشيما، أم زجاجة المولوتوف؟!).

اللهم احفظ البحرين حرةً كريمةً، واحفظ أهلها من كل سوء. إنك خير الحافظين.



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

الأعداد السابقة